الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل سيكون الجيش التركي الهدف المقبل؟.. كيف تلقت أنقرة الرسالة الدموية الروسية في إدلب؟ 

هل سيكون الجيش التركي الهدف المقبل؟.. كيف تلقت أنقرة الرسالة الدموية الروسية في إدلب؟ 

29.10.2020
إسماعيل جمال



القدس العربي 
الاربعاء 28/10/2020 
إسطنبول – “القدس العربي” : أجمعت وسائل الإعلام التركية وعدد من المحللين والكتاب الكبار على أن الغارة الروسية الأخيرة على إدلب كانت بمثابة رسالة واضحة ومباشرة وخطيرة لتركيا، محذرين من أن الهدف المقبل للتصعيد الروسي ربما يكون الجيش التركي، وسط مطالبات من المعارضة للحكومة بالعمل على تفادي حصول صدام جديد ووقوع ضحايا جدد من الجيش التركي في أي مواجهة مقبلة في إدلب. 
والاثنين، قتل العشرات من عناصر تنظيم “فيلق الشام” المدعوم من تركيا في غارة جوية روسية مفاجئة على موقع تدريب للفصيل العسكري في أخطر تصعيد تشهده المحافظة منذ اتفاق سوتشي الذي أنهى مواجهات دامية جرت بداية العام الجاري كان الجيش التركي طرفاً مباشراً فيها. 
واجمعت الأوساط التركية على أن الغارة الروسية على إدلب كانت قطعاً رسالة مباشرة إلى تركيا وذلك كونها جرت في إدلب رغم الهدوء في المحافظة والاتفاقيات الموقعة مع تركيا وجرت قرب الحدود التركية وضد فصيل يعتبر الأقرب إلى تركيا في سوريا. 
وتباينت التحليلات حول ما إن كانت الرسالة الدموية الروسية تتعلق بالخلافات الأخيرة بين البلدين حول مستقبل التواجد العسكري التركي في المحافظة، أم أنها تتعلق بتصاعد الخلافات بين البلدين حول إقليم قره باغ في أذربيجان والانزعاج الروسي المتصاعد من الدعم التركي لأذربيجان للسيطرة على الإقليم. 
موقع “ترك خبر” ربط في تقرير له بشكل مباشر بين الغارة الروسية على إدلب والخلافات بين أنقرة وموسكو حول إقليم قره باغ الأذربيجاني، وجاء في التقرير: “روسيا أرسلت رسالة واضحة إلى تركيا بضرورة عدم التدخل في قره باغ من خلال قصف فصيل عسكري معروف بقربه منها وهو فيلق الشام”، معتبراً أن “الأمور تتحسن بشكل كبير في المنطقة وتركيا لا يمكنها أن تمرر هذه الضربة دون رد”. 
الكاتب التركي “سادات إرغين” اعتبر في مقال له بصحيفة حرييت التركية أن استهداف روسيا لفيلق الشام المعروف بأنه أقرب الفصائل العسكرية إلى تركيا يعتبر بشكل قطعي “بمثابة رسالة واضحة ومباشرة إلى تركيا”، وتطور يؤثر بشكل حتمي على مسار العلاقات التركية الروسية. 
وشدد الكاتب على أن معظم الاختراقات الروسية الكبيرة كانت دائماً بحجة مهاجمة التنظيمات الإرهابية وهيئة تحرير الشام، لكنه أكد على أن “فيلق الشام هو تنظيم معتدل ومدعوم من تركيا ولا يوجد على أي قائمة دولية أو أممية للتنظيمات الإرهابية”, مشيراً إلى أنه من ناحية التوقيت يأتي في الوقت الذي بدأ فيه الإعلان رسمياً عن وجود اختلاف كبير في وجهات النظر بين أنقرة وموسكو حول قره باغ في أذربيجان. 
وربط عدد من الكتاب الأتراك في مقالاتهم بين هجوم إدلب وبين تصريحات بوتين قبل أيام والتي أكد فيها وجود خلافات مع تركيا حول قره باغ، حيث قال بوتين: “لدينا خلافاتنا حول القرم تماماً مثل الوضع في جنوب القوقاز، غالباً ما تكون وجهات نظرنا مختلفة فهو (أردوغان) لا يعترف بشبه جزيرة القرم ولا يعترف بقره باغ”، وأضاف: “حسنا، نحن بحاجة إلى العمل بإصرار مع الجميع والتحلي بالصبر، وهو ما نقوم به، ونثبت للجميع أن موقفنا صحيح وأننا سنصر على ذلك، أثناء البحث عن حل وسط تختلف فيه وجهات نظرنا”. 
وتحت عنوان “الهدف المقبل يمكن أن يكون الجنود الأتراك”، يقول خالد عبد الرحمن في مقاله بموقع “مينا نيوز” التركي: “هذا ليس أول هجوم تنفذه روسيا لكن المختلف هذه المرة والملفت للانتباه أنه يستهدف المعارضة المعتدلة التي ترعاها تركيا وقرب الحدود التركية وفي توقيت حساس”، ويتوقع الكاتب الذي يجزم بأن ما جرى هو رسالة روسية إلى تركيا أن هذه الرسالة تتعلق بدرجة أساسية إما بقضية قره باغ في أذربيجان أو في ملف الضغط على تركيا لسحب تواجدها العسكري في إدلب. 
يقول الكاتب: “روسيا كانت ممتعضة جداً من زيادة حجم التواجد والانتشار العسكري التركي في إدلب، وضغط بشكل صريح على تركيا لسحب عدد من نقاط المراقبة حيث بدأت تركيا بالفعل بسحب بعض النقاط لكن روسيا تريد مواصلة الضغط حتى سحب كافة نقاط المراقبة وتقليل التواجد العسكري في إدلب بشكل عام”، وتوقع الكاتب أن روسيا سوف تواصل وتوسع هجماتها خلال الفترة المقبلة في إدلب ويمكن أن يصل ذلك حد استهداف الجنود الأتراك بشكل مباشر، لافتاً إلى أن موسكو يمكن أن تلجأ كما لجأت سابقاً إلى النظام السوري لاستهداف الجيش التركي الذي لن تهاجمه بشكل مباشر. 
وفي ظل الصمت الرسمي، حذرت المعارضة التركية من أن الأوضاع تتصعد في إدلب، وحذر المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية فايق أوزتراك من أن هناك احتمال كبير للتصعيد في إدلب وبالتالي هناك خشية من حصول صدام عسكري بين الجيش التركي والنظام السوري، مضيفاً: “يجب ألا نسمح بعودة التصعيد وإمكانية سقوط شهداء جدد من الجيش التركي في إدلب كما حدث سابقاً (في المواجهة التي جرت بالمحافظة بداية العام الجاري)”.