الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل عادت أميركا إلى سياسة العصا والجزرة؟ اهتمام بإقامة أنظمة قوية لمحاربة الإرهاب

هل عادت أميركا إلى سياسة العصا والجزرة؟ اهتمام بإقامة أنظمة قوية لمحاربة الإرهاب

05.02.2014
اميل خوري


النهار
الاثنين 3/2/2014
هل عادت الولايات المتحدة الاميركية الى سياسة العصا والجزرة في المنطقة بعدما تبين لها ان سياسة الجزرة وحدها لا تفيد ولا سياسة العصا وحدها خصوصا اذا لم تكن الظروف تسمح باستخدامها؟
هذه السياسة التي عادت اليها الادارة الاميركية ظهرت اخيراً في كلام وزير الخارجية جون كيري عندما راح يهدد بتسليح المعارضة السورية المعتدلة ويذكّر الرئيس بشار الاسد بالتزامه تنفيذ اتفاق تدمير السلاح الكيميائي ضمن الجدول الزمني المتفق عليه، ويذكر ايضا من يعنيهم الامر بأن الولايات المتحدة الاميركية باقية بقواتها الرادعة في المنطقة لحماية مصالحها ومصالح الدول الصديقة والحليفة فيها. وهذا معناه العودة الى القرارات التي صدرت عام 1995 حول علاقاتها مع دول الشرق الأوسط. وقد ذكّرت تلك القرارات بالأهداف الاساسية للولايات المتحدة في هذه الدول وهي: حماية مواقع النفط، حماية الخطوط البحرية، حماية المواطنين الاميركيين وحماية الدول الصديقة.
هل يمكن القول ان هذه صحوة اميركية سوف تترجم في مؤتمر جنيف 3 (10 شباط) لحل الأزمة السورية والا العودة الى فرض عقوبات جديدة عليها وتسليح قوى المعارضة السورية المعتدلة ليس لمواجهة النظام فقط انما لمواجهة قوى التطرف والارهاب بحيث يملي التطور الميداني على الارض الحلول، ودعم قوات العشائر والحكومة العراقية بالأسلحة المتطورة لمحاربة الارهاب والعمل على دمج القوات العشائرية والمحلية في البنى التحتية الأمنية؟ وهذا معناه العودة الى استراتيجية ادارة الرئيس الاميركي السابق بوش الابن وذلك بدعم مجالس الصحوات التي نجحت في طرد تنظيم "القاعدة" من الانبار بعدما فشلت الحكومة العراقية الحالية في احتواء مجالس الصحوات السنية التي اهملتها لسنوات.
لقد لاحظ بعض المراقبين أن التصريحات القوية التي أطلقها وزير الخارجية الاميركي جون كيري اخيراً في مؤتمر جنيف 2 وفي دافوس، اتسمت بالوضوح اذ سمّت الأشياء بأسمائها، سواء حول مصير الرئيس الاسد وحول التدخل الايراني في سوريا والمفاوضات حول الاتفاق النووي، وهي ترجمة لسياسة العصا والجزرة في المنطقة. لكن هؤلاء المراقبين يدعون الى مراقبة تطبيق هذه السياسة، وهل ستقرن أميركا بموجبها القول بالفعل أم تبقى التصريحات أكبر من الأفعال؟
إن مرحلة ما قبل العودة إلى مؤتمر جنيف 3 في 10 شباط الجاري هي مرحلة اختبار وامتحان للسياسة الاميركية الجديدة في المنطقة، كذلك اختبار للنيات بين اميركا من جهة وروسيا وايران من جهة أخرى. فاذا كانت محاربة الارهاب باتت لها الاولوية ليس عند اميركا وحدها بل عند روسيا أيضاً وكل الدول الكبرى، فإنها تحتاج الى وجود أنظمة قوية وجيوش قوية مزودة أسلحة حديثة ومتطورة، فالحكم الحالي في سوريا لا يصلح لأن يقوم بهذا الدور وهو في حرب داخلية شرسة يجب العمل على وقفها توصلا الى إقامة حكم قوي مدعوم من الشعب والجيش، ويتطلب أيضاً مباشرة تنفيذ البند في اتفاق جنيف المتعلق بتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة تعمل على وضع دستور جديد وانتخابات نيابية تمهيداً لإقامة سلطة جديدة لها قاعدتها الشعبية الواسعة فلا يبقى فيها من يحتضن الإرهابيين، وقيام مثل هذه السلطة في سوريا يقابلها قيام سلطة مماثلة في لبنان تلتقي القوى السياسية الأساسية بما فيها "حزب الله" على محاربة الارهاب في إطار حكومة وحدة وطنية حقيقية مهمتها تنفيذ اجراءات تحييد لبنان عن صراعات المحاور وهو ما يجري التحضير له في مصر مع إحتمال عودة عسكري الى الحكم ولكن ليس في إطار نظام عسكري إنما في إطار نظام ديموقراطي تحميه القوات المسلحة ويحفظ الأمن والاستقرار إذ من دونهما لا إزدهارإقتصادياً ولا إستثمارات تخلق فرص عمل جديدة وتكافح البطالة. وما الاتفاق الذي تم في اليمن إلا لهذه الغاية وكذلك في تونس وقريباً في ليبيا والعراق. وقد تلتقي السعودية وايران مع أميركا وروسيا على محاربة الارهاب الذي بات العدو المشترك الذي ينبغي استعجال استئصاله قبل أن ينتشر ويصبح قادراً على ضرب الأمن والاستقرار في كل مكان وزمان. ولكي لا تظل اسرائيل مغتصبة حقوق العرب والفلسطينيين وتكون مشتلا للعنصرية والاصولية، وتتحول القضية الفلسطينية مطية أو ورقة للمساومة والمتاجرة بها، فإن ضغوطاً اميركية وروسية وأوروبية سوف تمارس على كل الأطراف من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل ينهي النزاعات المزمنة بينهم ويجعل اسرائيل دولة من المنطقة الى جانب الدولة الفلسطينية والدول الاخرى، بحيث تعيش كلها داخل حدود آمنة وسلام دائم. فهل يترجم ذلك في مؤتمر جنيف 3، أم أن استمرار الخلاف على مصير الاسد قد يؤجل انعقاده؟