الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل كانت الثورة السورية ضرورة؟

هل كانت الثورة السورية ضرورة؟

29.05.2014
هيثم المالح



الشرق الاوسط
الاربعاء 28/5/2014
بين حين وآخر يخرج علينا بعض المحسوبين على المفكرين لينددوا بالتطرف في سوريا، وبعسكرة الثورة.. وما إلى ذلك.. مبدين آراءهم من أنه لم يكن من مبرر لهذه الثورة، وأن الإصلاح كان ممكنا. ومن هنا أحب أن أضع القارئ في صورة واضحة لمسببات الثورة وجذورها الحقيقية.
في الجولة الثانية لمفاوضات "جنيف 2"، قدمتُ مداخلة حول إرهاب السلطة، وكيف بدأ الحكم العسكري البعثي حملته لإثارة مشاعر غالبية السوريين وذلك بالنيل من عقيدة الأمة.
جرت احتجاجات على سياسة السلطة، منذ أحداث حماه الأولى 1964 التي جوبهت بالجيش والقصف المدفعي، الذي أدى إلى هدم جامع السلطان، ثم أحداث حمص بمناسبة الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، ثم أحداث دمشق 1965 التي اقتحم فيها الضابط سليم حاطوم المسجد الأموي بالآليات العسكرية وأطلق النار على المعتصمين العزل، ولا ينسى شعبنا الأحداث التي بدأت بحركة النقابات العلمية 1980 والتي أدت إلى حل النقابات واعتقال النقابيين، وعقب ذلك أحداث حماه التي يعرفها الجميع.
في كل المراحل لم يكن للسلطة سوى خيار واحد هو خيار القتل والقهر والاعتقال والتهجير وانتهاك الحرمات وارتكاب أخس الجرائم، حيث بلغ عدد الضحايا في آخر تلك المرحلة سبعين ألفا.
لم يُحاسب حافظ الأسد حين كان في زيارة إلى لندن، فغاب إلى مكان مجهول، كما لم يحاسب حين سلم الجولان هذه القطعة العزيزة على سوريا والتي تعد من أهم الأماكن تحصينا، فسلمها مع كامل العتاد والمخططات حين أمر الجيش بالانسحاب منها كيفيا دون ترتيب، في حين لم تكن قد وطئت قدم جندي صهيوني المنطقة، واختطف خليل مصطفى بريز الذي كتب كتابا عن سقوط الجولان اتهم فيه حافظ الأسد بالخيانة، فحكم عليه بخمسة عشر عاما في السجن قضاها ثلاثة وعشرين.
عند مجيء الحكم العسكري حوسب المواطن على أفكاره وليس على أعماله، وبدأت السجون والمعتقلات تغص بالمواطنين من كل الاتجاهات، وكان نصيب التيار الإسلامي هو الأوفر حظا.
أقدم حافظ الأسد تحت شعار "دول الطوق" أو الممانعة على الاستفادة من دول الخليج، وضُخت له الأموال بلا حساب، وذهب معظمها إلى الجيوب وجيوب أسرته، وشجع حافظ الأسد الفساد في جميع مرافق الدولة.
استولت الأسرة على 85 في المائة من الدخل القومي، وتحول 60 في المائة من الشعب السوري لما تحت خط الفقر، في حين أصبح 30 في المائة من القوى العاملة بلا عمل.
في مقابلة لصحيفة "دير شبيغل" الألمانية مع مصطفى طلاس، حين كان وزيرا للدفاع، صرح بأنه كان يوقع على 150 حالة إعدام أسبوعيا في دمشق أثناء أحداث الثمانينات، كما صرح بأنهم أخذوا الحكم بالقوة ولن يتركوه إلا بالقوة.
أمام هذه الصورة البشعة لنظام حكم تدثر بالطائفية والفساد، ورفع شعارات وهمية (ممانعة ومقاومة) من أجل تضليل الرأي العام المحلي والإقليمي، ومع بداية ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا لم يكن ممكنا أن يبقى الشعب السوري صامتا عما يجري في بلده.