الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل كانت سوريا بحاجة إلى جنيف؟

هل كانت سوريا بحاجة إلى جنيف؟

27.01.2014
عبد اللطيف الملحم


اليوم السعودية
الاحد 26/1/2014
 لم يكن أكثر المتشائمين ممن تابع الشأن السوري منذ اندلاع ما يسمى بالربيع العربي يكون قد توقع ما آلت إليه الحالة السورية. والأغرب من ذلك أن من هم في الدائرة الضيقة التي تحكم سوريا كانت بعيدة كل البعد عن الواقع المرير الذي كان يعيشه الشارع السوري. بل إن عدم معرفة أصحاب القرار في دائرة القرار السياسي السوري كان واضحا للعالم أجمع، خاصة بعد حديث وزير خارجية سوريا وليد المعلم والذي واضح أنه مغلوب على أمره، عندما قال: إن (سوريا ليست تونس أو ليبيا). ولكن للأسف الشديد فقد أثبتت الأيام أن سوريا كانت في وضع أصعب وأعقد وأسوأ من تونس وليبيا.
إن سوريا دولة لم تكن تحتاج إلى عقد مؤتمرات في جنيف وغيرها
لقد أتيحت لسوريا ولنظامها منذ أن بدأ الربيع العربي بأن يقوموا ليس فقط بتنازلات واهية، ولكن بإصلاحات مباشرة حتى لو كانت على حساب تنحي الرئيس بشار الأسد، الذي وضع نفسه في موقف لن يستطيع العالم أجمع، وليس فقط المجتمعة في جنيف بأنه لا مكان لبشار في أي اتفاقيات قادمة. ومهما كان سير الأمور في الساحة السورية، والتي أهمها وأبشعها تقاتل الجبهات المعارضة مع بعضها البعض، وكذلك القتال الدموي بين الفصائل المساندة لبشار والمعارضة له، فقد وصلت الأمور في سوريا إلى مرحلة من الصعب تخطي بشاعتها. والأكثر مرارة هو أن المعارضة السورية المدنية أو المسلحة ليست متفقة على شيء محدد، والضحية هم من الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ. والواقع يقول: إن عناد بشار الأسد أوصل سوريا الأرض وسوريا الشعب إلى فرقة بين أفراد الشعب السوري، وأصبح الاقتتال الطائفي أهم من التخلص من بشار. ورغم ذلك فالكفة ليست في صالح بشار، مهما غفلت المعارضة المسلحة عنه.
إن سوريا دولة لم تكن تحتاج إلى عقد مؤتمرات في جنيف وغيرها. لقد كانت هناك اتصالات ونصائح للقيادة السورية بضرورة حقن الدماء السورية، وخاصة لمن ليس لهم شأن فيما يجرى. والآن أصبح الوضع في سوريا مأساويا لم ير العالم مثله من قبل. فقد رأينا أجسادا تتمزق ونفوسا تموت من الجوع. ونحن الآن نرى شعبا بأكمله مشردا ودولة مدمرة بالكامل. وفي هذا الوقت لا بد من تسريع خروج كل من ليس له شأن في سوريا، وأهم من ذلك هو تحديد ممرات آمنة؛ لإدخال المساعدات الإنسانية والمعدات الطبية. ففي سوريا أفواه تصيح من الألم، وابدان هزلت من الجوع وأجساد قطعتها الطائفية المقيتة..... فقد كان بإمكان بشار أن يجنب بلاده كل ذلك.