الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل كان إسقاط المقاتلة الروسية أمرا لا مفر منه؟

هل كان إسقاط المقاتلة الروسية أمرا لا مفر منه؟

02.12.2015
عبد الله الشمري



اليوم السعودية
الثلاثاء 1/12/2015
العنوان وكلمات المقال هى مُختصر ترجمة لمقال عميد الكتاب الأتراك -اليساري العريق والمُتخصص بالشأن السوري -جنكيز شاندار والذي نشره في صحيفة "راديكال" التركية الخميس الماضي، وسبب نشر هذا المقال هو الإيمان بأنه من الواجب على المُتخصص إطلاع القارئ العربي على تحليل وقراءة تركية لحدث إقليمي هام سيطر على الأخبار طوال أسبوع وقد يكون له آثار سياسية وعسكرية واقتصادية على الوضع الإقليمي وخاصة السوري.
بدأ الكاتب مقاله مُطمئناً بقوله "لن تندلع حرب بين تركيا روسيا، لكن روسيا ستذهب إلى ضرب حلفاء تركيا وامتداداتها وأوراقها الرابحة في الداخل السوري. لن تكون هناك حرب بسبب هذا الحادث، لكن الطرفين سيكونان منذ الآن وصاعدا على طرفي نقيض في كل شيء.. علينا أن نتوقع في القريب العاجل، أن يُكشر الدب الروسي عن أنيابه وينشر بعض الوثائق التي تتعلق بالتعاون بين تركيا وداعش، وتسجيلات الأقمار الصناعية الخ"..
من عجائب الصدف أن تقوم تركيا، والتي يتهمها بوتين بالتعاون مع داعش، بإسقاط مقاتلة روسية بعد وقت قصير من إسقاط داعش لطائرة ركاب روسية في سيناء.. ومن المحتمل أن "العقل المؤامراتي" للروس سيسجل هذه الملاحظة بدقة. هذا بالإضافة إلى أنه من الواضح أن روسيا ستصعد من قصفها للمنطقة الواقعة بشمال اللاذقية أي في منطقة "تركمان داغ" التي سقطت فيها مقاتلتها، وستقدم الدعم لقوات النظام السوري بشكل أقوى.
لن تندلع حرب بين تركيا وروسيا ولكن لا يحتاج المرء لأن يكون كاهنا حتى يُخمن أن روسيا سوف تفعل كل ما بوسعها لإيذاء تركيا بقوة حيث ستعمل على ضرب حلفاء تركيا وامتداداتها وكل أوراقها الرابحة في الداخل السوري.
الرئيس اردوغان يُدرك أن أسوأ ما في الأمر أن هذا الحادث قد حرم تركيا من "الاستقلال الذاتي" الذي كان يعد أهم عنصر في سياسته الخارجية وهو ما سيدفعها للارتماء بشكل كلي في أحضان الولايات المتحدة والناتو.. هو لا يريد ذلك.. ويرغب في أن يقول لروسيا "أنا لا أحمل اي نزعة عدوانية ضدك".
ومن الأوراق المهمة التي يمكن أن تلعبها روسيا في سبيل إيذاء تركيا، أن تدعم علنا الخطط السياسية والعسكرية لحزب "الاتحاد الديمقراطي" ووحدات الشعب الكردية في سوريا بل ومن الممكن أن تذهب إلى حد تزويدهم بالسلاح.. وهو نفس الشيء الذي يفعله الأمريكان بالأساس حيث إنهم يتعاونون عسكريا مع وحدات الشعب الكردية.. ومثل هذه الحملة الروسية، يمكن أن تضع واشنطن في موقف صعب أمام أنقرة حليفتها التي ساندتها ضد موسكو.
سألني أحد الخبراء: ماذا لو اعترفت روسيا سياسيا بحزب العمال الكردستاني.. ماذا ستفعل تركيا حينها؟.. فأجبته "لا أعلم"، لأنني بالفعل لا أعلم..
حلف الناتو ليس لديه أدنى نية بالدخول في توتر عسكري مع روسيا بسبب تركيا خصوصا في الوقت الذي يفكر فيه بالدخول في تحالفات عبر سوريا.. ونعلم أيضا أن الناتو نصح تركيا خلف الأبواب المغلقة بـالاعتدال.
وبما أن هذا هو الوضع بتجرد، سيصعب شرح الأمور من نافذة تركيا التي كانت حتى اليوم الذي دخلت فيه بأزمة مع روسيا تملك سلسلة من الأهداف الكبيرة لتحققها على غرار إصرارها على رحيل نظام الأسد كشرط أساسي لأي تفاوض، وضغطها من أجل تشكيل منطقة عازلة ومنطقة حظر طيران، ومساعيها لقطع طريق الدعم الخارجي عن حزب "الاتحاد الديمقراطي السوري"، ودفاعها عن التركمان.. وأين هي الآن؟
هل تركيا اليوم أقرب لتحقيق أهدافها وغاياتها، أم أنها حركت التطورات التي من شأنها أن تبعدها أكثر عن هذه الأهداف؟