الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل لدى اوباما دوافع اخلاقية في تأجيل ضربة سورية؟

هل لدى اوباما دوافع اخلاقية في تأجيل ضربة سورية؟

04.09.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الثلاثاء 3/9/2013
قرار الرئيس الامريكي باراك اوباما يوم السبت الماضي تأجيل التدخل العسكري ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد واحالة القرار الى الكونغرس، فاجأ زعماء العالم، باستثناء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تلقى اتصالات قبل القرار باربع ساعات، واذا كانت التقارير الاسرائيلية تتحدث عن اطلاعه على قرار التأجيل، لكن ليس من المستبعد ان يكون القرار بحد ذاته نتيجة هذه المحادثة التي تعبر عن التنسيق العميق بين الدولتين.
تبع هذا التنسيق قيام الجيش الاسرائيلي بتسريح جنود الاحتياط الذين استدعاهم الاسبوع الماضي، كما بدأ باعادة نشر منظومة ‘القبة الحديدية’ الى ما كانت عليه قبل رفع حالة التأهب.
وفيما تعرض اوباما لسيل من الانتقادات لتردده وتلكؤه، تلقى اشادة هامة من الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس لانضباطه وعقلانيته، مؤكدا بانه يثق به بكل ما يتعلق باسرائيل.
تصريحات بيريس يوم امس للاذاعة الاسرائيلية وقوله ان الوضع في سورية لن يعود الى ما كان عليه قبل نشوب الحرب فيها، دليل على ان اوباما وطبعا المحرض اسرائيل، لا يهتمان الا بانهاء قدرات سورية على تهديد اسرائيل، وليس الشعب السوري وما يتعرض له. فاليوم من الواضح ان الرئيس اوباما ينظر للشرق الاوسط من المنظار الاسرائيلي.
الادارة الامريكية اكتفت خلال الثلاثين شهرا الماضية، بالمراقبة الدقيقة لهجمات الاسد، ولم تقدم على اي تدخل طالما لا تؤثر اجراءاته على اسرائيل، وطالما لا يوجد حسم عسكري، فلا قوات النظام السوري استطاعت انهاء المعارضة، ولا قوات المعارضة ستنهي حكم آل الاسد، والخاسر الوحيد اليوم هو سورية وشعبها، الذي فقد اكثر من مئة الف شخص منذ بداية الثورة.
فحسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الانسان، قتل 101513 سوريا منذ آذار/مارس 2011، وحتى تاريخ 21 آب/اغسطس الماضي، تاريخ المجزرة الكيماوية في الغوطتين بريف دمشق. وحسب الشبكة فان هذه الارقام موثقة بالاسم والمكان والتاريخ وكيفية قتلهم. وتضمن التقرير ارقاما مفزعة، منها ان عدد القتلى من المواطنين المدنيين بلغ 89 ألفا و664 اي ما نسبته 88، وعدد الاطفال بلغ 10 آلاف و914 طفلا اي ما نسبته 12 من المدنيين، بينما قتل 9911 امرأة بنسبة 11، اضافة الى مقتل 2964 جراء التعذيب في السجون. وهذه الارقام تشير الى مقتل 6 مواطنين كل ساعة و135 مواطنا كل يوم، بحيث يقتل كل ساعتين طفل وكل ثلاث ساعات تقتل امرأة.
امام كل هذه الارقام التي يعرفها الرئيس الامريكي، ما زال يؤكد على خططه بتوجيه ضربة محدودة لا تنهي قدرات الرئيس الاسد على مواصلة القتل والتدمير، بل تقضي على ما تبقى من ترسانته العسكرية التي قد تهدد اسرائيل، وهو ما قد يقبل الاسد على دفعه مقابل الحفاظ على قدرته على مواصلة الحرب في الداخل، خاصة وهو يدري ان امريكا ليست جاهزة لليوم التالي بعد رحيله.
يحاول الرئيس اوباما الحصول على شرعية للضربة العسكرية للنظام السوري من الكونغرس، وربما يأتي تراجعه عن قرار التدخل الا باذن من المشرعين ضمن جهود تستهدف تحقيق توافق دولي على الرد على استخدام الاسلحة الكيماوية، وهو ما يثير دهشة الشعوب والمسؤولين في العالمين العربي والاسلامي، فالادارة الامريكية وعلى مدى 65 عاما تتعاطى مع القضية الفلسطينية وهي تغض النظر عن الانتهاكات للقرارات الدولية التي ترتكبها اسرائيل حليفها الاول واكبر متلق للمعونات الامريكية.
موقف امريكا يثير من جديد الشكوك بسياستها تجاه منطقة لديها بها مصالح حيوية، ولا تقررها الا من خلال مصلحة اسرائيل، فهل يستطيع اوباما اقناع العالم انه يتحرك لدوافع اخلاقية وانسانية وبموجب متطلبات القانون الدولي، اذا كان تعاطيه مع القضية الفلسطينية لا ينطوي على اي احترام للقانون الدولي؟