الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل منتقدو أوباما على حق؟

هل منتقدو أوباما على حق؟

04.05.2014
سميح صعب


النهار
السبت 3/5/2014
يقول وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان الطريقة التي تعامل بها الغرب مع الأزمة السورية جعل روسيا تتخذ مواقف متشددة في اوكرانيا. ويتفق استنتاج فابيوس والمواقف التي يتبناها معلقون اميركيون ينتقدون فيها ما يصفونه بتردد الرئيس باراك اوباما حيال سوريا ويحمّلونه مسؤولية استمرار الحرب أكثر من ثلاثة اعوام، وهم يرون انه لو أقدمت واشنطن على تدخل عسكري في سوريا لما كانت الحرب استمرت كل هذا الوقت ولما كانت سوريا تحولت "جاذبا" للتنظيمات الاسلامية المتطرفة.
لكن اوباما لا يرى ان تدخلا اميركيا عسكريا مباشرا في سوريا كان سيجري ببساطة وسلاسة وان الامر لا يحتاج الا الى ضربات من الجو تضع حدا للازمة السورية وتأتي بنظام تعددي ديموقراطي وتؤمن انتقالا سياسيا على غرار ما حصل في ليبيا، علما ان ليبيا لا تعرف الاستقرار حتى الآن ولا تصلح نموذجا يحتذى في التغيير. وبالذهاب الى ما هو ابعد من القول ان اميركا اخطأت في عدم تدخلها في سوريا وانها تدفع الثمن اليوم في اوكرانيا، تجدر الاشارة الى ان سوريا بتركيبتها الاجتماعية المعقدة ونسيجها المتعدد وبموقعها الجيوسياسي، ما كانت لتكون سوى عراق آخر في حال حصول تدخل عسكري اميركي او ربما اخطر بكثير في حسابات لعبة الامم.
وفي المقابل، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ما يجري في اوكرانيا بأنه استخدام من الغرب للعبة الجيوسياسية ضد روسيا. وما ينطبق على اوكرانيا ينطبق على سوريا. لذلك طالت حربها وتعقدت ودخل فيها اطراف اقليميون ودوليون باتوا يرون ان الحسم في هذا الاتجاه او ذاك لا بد ان ينعكس على مواقع هؤلاء الاطراف ومكانتهم وتأثيرهم.
لا يزال منتقدو اوباما يعتقدون ضمنا ان الولايات المتحدة هي من يجب ان يقود وانها يجب ان تبقى شرطي العالم الذي ظهرت فيه بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي قبل ربع قرن. وعلى هؤلاء يرد وزير الخارجية الاميركي جون كيري بأن العالم اليوم أكثر تعقيداً بكثير مما يتخيله البعض الى درجة قوله إن الوضع حتى خلال الحرب الباردة كان افضل لأن اميركا كانت أقوى عسكريا واقتصاديا ولم تكن هناك التقسيمات القائمة اليوم.
من هنا يمكن القول أنه لو كانت أميركا ترى انها قادرة على حسم الأزمة السورية عسكرياً، لفعلت من دون تردد. وفي الوقت عينه ترى دول مثل روسيا ان لحظة استعادة المكانة التي فقدتها بانهيار الاتحاد السوفياتي قد حانت. والسياسة الروسية في سوريا وفي اوكرانيا تتفق والشعور الروسي المتنامي بأن هذه اللحظة قد حانت، من غير ان تكون لذلك علاقة بما اذا كان اوباما مترددا او ضعيفا.