الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل نجت قسد من معركة عين عيسى مع تركيا؟ 

هل نجت قسد من معركة عين عيسى مع تركيا؟ 

12.12.2020
خالد الخطيب



المدن 
الخميس 10/12/2020 
توصلت قوات سوريا الديموقراطية (قسد) إلى اتفاق مع روسيا ينص على إنشاء نقاط عسكرية مشتركة في محيط منطقة عين عيسى شمالي الرقة. ومن المفترض أن يمنع الاتفاق بين الجانبين وقوع عملية عسكرية تهدد بها تركيا منذ بداية شهر كانون الأول/ديسمبر. 
وأعلن المجلس العسكري لكري سبي/تل أبيض الأربعاء، عن توصله إلى اتفاق يقضي بنشر نقاط مراقبة مشتركة مع الجيش الروسي. وقال قائد المجلس رياض الخلف في مؤتمر صحافي، إنهم "توصلوا إلى اتفاق حول إنشاء 3 نقاط مراقبة مشتركة شرق البلدة وغربها وشمالها على الطريق الدولي". 
وبدأت روسيا في تطبيق المراحل الأولى من الاتفاق مع قسد، وأرسلت رتلاً من الشرطة العسكرية إلى مركز منطقة عين عيسى، يضم آليات وعربات عسكرية ثقيلة، ويرافقه مجموعات عسكرية من الفرقة 25 مهام خاصة (قوات النمر سابقاً). ورُفع العلم الروسي على عدد من المقار والمؤسسات داخل المدينة، ومن المفترض أن تستمر عمليات الانتشار وإنشاء ثكنات المراقبة المشتركة حتى نهاية العام 2020. 
وقبلت قسد بالعرض الروسي بعد أن أجرت عليه بعض التعديلات، ووافقت بموجب الاتفاق المعدل على انسحاب جزئي من عين عيسى، وإشراك قوات النظام في عدد من نقاط التماس مع المعارضة والجيش التركي، ولكن تبقى السيطرة الفعلية والكلمة العليا لقسد، وهو سيناريو شبيه بالسيناريو الذي جرى تطبيقه في منطقتي تل رفعت ومنبج في ريف حلب خلال العامين الماضيين، وهي تجربة ناجحة بالنسبة لقسد تمكنت خلالها من الحفاظ على المنطقتين وفي الوقت نفسه لم تسلمهما كلياً للنظام وروسيا. 
ولم يصدر عن النظام السوري أي تصريح رسمي بخصوص الاتفاق الأخير في عين عيسى، ويبدو أنه غير راضٍ عن تنازلات قسد ثمناً للحماية المفترضة من العملية العسكرية التركية. وقال عضو مركز المصالحة الروسي الشيخ عمر رحمون في تغريدة، إن "الاتفاق ينص على إنشاء نقاط مشتركة، ومن ثم تسليم ريف عين عيسى بالتدريج لقوات النظام وروسيا، وتفعيل دوائر الدولة في المنطقة، ومدة تنفيذ الاتفاق تمتد من ثمانية أشهر إلى سنة". 
وأضاف رحمون أن "قسد رفعت العلم الروسي على بعض مقراتها في عين عيسى ورفضت رفع علم النظام السوري، ما جرى هو ضحك على اللحى والتحايل على الواقع، ولن يجري في عين عيسى إلا ما جرى في منبج من استمرار الخبث الأميركي وعمالة قسد". 
ورأى المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق أن "الاتفاق الذي توصلت اليه قسد مع روسيا اتفاق تكتيكي، وتحاول من خلاله تمرير المرحلة العصيبة التي تعيشها بدون خسائر في جغرافية السيطرة، ولكنها في نفس الوقت لا تريد دفع ثمن كبير مقابل ذلك". 
وأضاف ل"المدن" أن "الاتفاق ينص على بنود أخرى غير معلنة، كزيادة الكميات المتدفقة من النفط الخام للنظام، وبشكل أكثر انتظاماً، والسماح بتوريد الحبوب والقطن من مناطق شرقي الفرات، وهذه المميزات مقابل بقائها في عين عيسى وتعديل بنود العرض الروسي الأول".  
واعتبر عبد الرزاق أن "للنظام مصلحة كبيرة في أي اتفاق مع قسد ولو لم يلبِ أطماعه كاملة، فهذه الاتفاقات تؤسس لمرحلة جديدة يعود من خلالها النظام الى المنطقة وتمكنه لاحقاً من الاستفادة من الثروات، وهذه مصلحة روسية أيضاً". 
يثير الاتفاق الأخير بين قسد وروسيا تساؤلاً مهماً حول موقف تركيا وفصائل المعارضة التي تدعمها في منطقة "نبع السلام" شرقي الفرات، وهل سيمنع الاتفاق المعركة، وهل سيصبح ملف عين عيسى كملفي منبج وتل رفعت، أم أن سيناريو عفرين في العام 2018 سيتكرر مرة أخرى، حينما كان للقوات الروسية نقطة عسكرية في كفر جنة وقبل بدء المعركة انسحبت بشكل كامل ممهدة لدخول الجيش التركي والفصائل. 
وقال نائب المسؤول السياسي في "لواء السلام" التابع للجيش الوطني هشام سكيف إن "الاتفاق مرحلي ولا يلبي مطالب قسد، كما لا يلبي طموحات النظام وروسيا، لذا لا نرى فيه عرقلة للعملية العسكرية، والتي ستنطلق حالما يصبح الوقت مناسباً". 
بدوره، رأى الباحث في "مركز جسور للدراسات" عبد الوهاب عاصي أن "مثل هذا الانتشار قد يعيق بشكل جزئي عملية عسكرية محتملة لفصائل المعارضة على محور عين عيسى، لكن في حال أصرّت تركيا على شن هجوم، فقد تذهب للمناورة أي بالالتفاف على مواقع نقاط المراقبة الروسية أو المشتركة مع النظام السوري، على غرار التكتيك الذي اتبعه هذا الأخير خلال عملياته العسكرية شمال غرب سوريا بين عامي 2019 و2020". 
وأضاف ل"المدن"، "قد تكون روسيا استثمرت في مخاوف قسد من تنفيذ تركيا وفصائل المعارضة لعملية عسكرية جديدة، من أجل تعزيز تواجد النظام السوري شرق الفرات وتوسيع مهامه التي كانت تقتصر على الحراسة بأعداد قليلة وأسلحة خفيفة جداً في ناحية عين العرب مع السماح لقواته بالعبور الآمن نحو مناطق نفوذه في محافظة الحسكة، وبالتالي بموجب الانتشار الجديد يصبح لدى قوات النظام تواجد عسكري بأعداد أكبر وانتشار أوسع وربما بأسلحة ثقيلة". 
وأضاف أنه "لا يوجد ما يدعو لليقين بأن تركيا ستشن عملية عسكرية في محور عين عيسى، وما يزال هناك احتمال قائم بشن عمليات في محاور أخرى مثل الدرباسية، ما يجعل قسد خاسرة بكلا الحالتين، أي بمنح النظام وروسيا مكاسب إضافية مجانية دون أي ضمانة فعلية".