الرئيسة \  مشاركات  \  هل نحن ذاهبون فعلا إلى تقسيم سورية؟

هل نحن ذاهبون فعلا إلى تقسيم سورية؟

07.09.2015
الطاهر إبراهيم





كثر في الآونة الأخيرة حديث البعض عن تقسيم سورية. يدفعهم إلى ذلك إصرار طهران على تواصل بين المناطق التي أغلبية سكانها من العلويين مع العاصمة دمشق،بمن في ذلك الشريط الذي يقود إلى حمص ثم طرطوس واللاذقية مرورا بالقلمون والقصير وقلعة الحصن وتل كلخ وصافيتا، وصولا لباقي قرى جبل العلويين. أكد ذلك إصرار النظام وحزب الله على الاستيلاء على بلدة الزبداني وإفراغها من أهلها من السنة، التي تصل بين دمشق ولبنان.
أزعم أن هذا السيناريو راود خيال طهران التي تريد أن تؤمن موطئ قدم على البحر الأبيض المتوسط، ليكتمل لها الشعور الإمبراطوري الذي كثيرا ما راود تفكيرها،خصوصا أنها تعرف أنها لا يمكن أن تؤمن موطئ القدم هذا في لبنان الذي يعتبر خطا أحمر عند واشنطن وعند تل أبيب. لكن أزعم أن تنفيذ ذلك المخطط عند السوريين دونه أنهار دماء تجري في سورية، فوق ما جرى ويجري فيها حتى الآن، لماذا؟
لعل أكبر عقبة تعترض الساعين إلى هذا المشروع -وليست إيران والنظام وحدهما- أن الدفاع عن هذه المناطق عند النظام يوم كان دولة، لزم أن تنزل إيران بثقلها في المعركة إلى جانب النظام الذي كان يوما من أقوى دول المنطقة جيشا. ولزم أن يدخل حزب الله بقوته، التي يزعم حسن نصر الله أنها كانت تتصدى لإسرائيل. ثم احتاجت المعركة أن تتدخل ميليشيات عراقية وباكستانية وأفغانية. من نافلة القول أن موسكو سوف تترد كثرا وتعد إلى العشرة قبل أن تدعم هكذا دويلة لأنها لا تريد إغضاب الحكومة المشكلة من باقي سورية.
يقف في وجه هذا المشروع الانفصالي أن الدولة التي ستتشكل من باقي سورية، سوف تجعل قضيتها الأساس هو تقويض هكذا دولة، وسيدعمها كثير من دول العالم التي لا تجد غضاضة في أن تمد يد المساعدة لها. ولو حاولت دولة باقي سورية التخاذل عن قتال هذه الدويلة، فإنها ستجد الشعب السوري يدفع باتجاه قتال هذه الدويلة.
قد يقال إن ما تبقى من سورية بعد انفصال الدويلة الطائفية سيكون مسرحا للفصائل المعارضة تقاتل بعضها بعضا أو تقاتل تنظيم الدولة داعش. هناك سيناريو بعيد الاحتمال، هو أن تخوض جبهة النصرة قتالا ضد أحرار الشام أو ضد غيرها.هذا السيناريو يقول به من لايعرف الشعب السوري. فيوم يختفي نظام بشار الطائفي من الساحة سوف ينفرط عقد الجبهات المقاتلة، ومن كان قد التحق بها من السوريين سوف يعود إلى بيته أويلتحق بالجيش الوطني، وسوف يضطر الأجانب الذين حاربوا مع تنظيم الدولة أو جبهة النصرة أن يبحثوا عن إطار آخر يجمعهم في غير سورية، فقد انتهى قتال "الكفار" فيها "حسب تعبيرهم".
على أن الحراك العراقي الذي طرأ في الساحة العراقية قد يقلب خطط إيران رأسا على عقب، ويجعلها تغير من خطتها، ليس بإرادة منها، بل رغما عنها. خصوصا أن عملاء طهران بدؤوا بالتصرف الخطأ عندما اعتدوا على المتظاهرين فقتلوا أربعة منهم. وهكذا كان تصرف أجهزة الأمن في سورية عندما بدأ الحراك في سورية. استطرادا، فإن المتظاهرين في العراق هم من الشيعة كما أن المتظاهرين في سورية هم من السنة. ولا يبعد أن يكون هناك تعاون بين شباب العراق وشباب سورية. فكلا الطرفين عانى من قيادات بلده، وستكون حسابات طهران مختلفة جدا إذا ما أرادت أن توعز لعملائها في العراق أن يرفعوا من وتيرة القمع.
الموضوع طويل ومتشعب. وسيكون مما يعين السوريين على وأد دويلة الساحل في مهدها أن يطلقوا عليها اسم إسرائيل العلوية، وسيعتبرونها شوكة أخرى في جنب السوريين، وسيكون حماسهم أكثر في الانقضاض على هذه الدويلة. رأينا في مقال سابق أنه سوف تكشف طهران أوراقها بأنها إنما تؤسس لدولة ولي الفقيه على الساحل السوري.
يبقى أن نقول أن الوسيط الدولي "دي متسورو" أعلن برنامجا لمعالجة القضية السورية بحيث يكون بشار حاضرا في هذا البرنامج بشكل أوبآخر. وأن المعارضة السورية السلمية، بمن فيها الائتلاف السوري، ستكون أحد أركان هذا التحرك الذي دعمته دول مجلس الأمن.  لكن نسي هؤلاء وأولئك أن الفصائل المقاتلة لا تقيم وزنا لهذا التحرك، وأن الائتلاف لا"يمون" على أي فصيل مقاتل، وأن تحرك دي مستورا لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان.
*كاتب سوري