الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل نسير نحو "طائف" سوري أم "جنيف" آخر؟!

هل نسير نحو "طائف" سوري أم "جنيف" آخر؟!

02.06.2013
أسامة أبوديكار


سورية
القدس العربي
السبت 1/6/2013
يترقب السوريون بقلق مشوب ببعض التشاؤم، موعد انعقاد المؤتمر الدولي الجديد الذي أعلن عنه في موسكو بعد لقاء وزير خارجية أميركا مع قادة الكرملين.
سنتان وشهران ولم يتوقف عدّاد الموت ‘السوري’ عن الدوران يوماً أو ساعة، ‘الماكينة’ القاتلة تحصد الأرواح دون تمييز، حتى أن حصيلة ‘المئة’ قتيل يومياً، أي بمعدل أكثر من أربع قتلى في الساعة، أضحت خبراً عادياً لا يلفت انتباه الكثيرين!!
وحدهم السوريون يشعرون بحجم الكارثة الحقيقي في بلادهم، في حين تتعامل مختلف الأطراف الأقليمية والدولية، وفقاً لحسابات الأرقام والمصالح المتعلقة بكل طرف على حدة، مما يجعل ‘ابن البلد’ يتخوف من المؤتمرات التي يعقدها الآخرون حول الأزمة، وربما يدرك أن المصلحة الوطنية للبلاد لن تكون الحاضر الأساسي في مثل هذه المؤتمرات.
فبعد ايام على لقاءات كيري في موسكو، والاتفاق الاميركي – الروسي من أجل الدفع نحو آلية تنهي الأزمة في البلاد، عبر مؤتمر دولي جديد، تنقسم آراء المحللين في النظر الى المؤتمر على انه منعطف جذري بالنسبة الى الأزمة السورية، أم أنه سيكون ‘مؤتمر جنيف’ فاشل آخر كالذي سبقه؟!
أصحاب الرأي الاول يعتبرون أن المؤتمر اشبه بمؤتمر ‘الطائف’ الذي أنهى الحرب الاهلية في لبنان، خصوصا ان المطالبات الاساسية كانت تنصب على ضرورة اتفاق اميركي – روسي في الدرجة الاولى.
وتالياً يستغرق الإعداد لمؤتمر مماثل وقتا، وكذلك التمهيد لنتائجه، بما معناه ان جميع المعنيين سيحجزون لهم مقعداً في القطار الذي سينطلق من محطة جنيف الثانية، كما فعلت ايران وتفعل منذ بعض الوقت، مباشرة أو عبر ‘حزب الله’ من أجل جعل تدخلها في الازمة السورية أمراً لا يمكن تجاهله، من دون ان تكون شريكة في معادلة إيجاد حل للازمة السورية، كما في دعم موقع حليفها الرئيس السوري للحؤول دون تخطيه أيضاً. إلا ان ذلك لن يعني سوى المزيد من تصاعد القتال في المدة الفاصلة عن موعد انعقاد المؤتمر وخلاله أيضاً، تعزيزا للمواقع على ما يجري على النطاق الاقليمي والدولي، وتحقيقا لانتصارات على الارض من شأنها ان تعدل موازين القوى على طاولة المفاوضات.
اذ أن واشنطن أعادت في الساعات الاخيرة تأكيد وجود اثباتات على استخدام النظام السلاح الكيماوي، في حين أعلنت روسيا انها سلمت دفعة على مراحل للنظام السوري من صواريخ ارض – جو بذريعة أنها تعود لعقود ماضية.
وأصحاب هذا الرأي يقولون بان الجميع في مأزق يحتاجون إلى الخروج منه، بما فيهم إيران التي تملك اوراقا تفصيلية عن الحل في البلاد والمستعدة لأن تشارك الاخرين فيه. فيما اظهرت تفاصيل زيارة وزير الخارجية الاميركي لموسكو مرونة اميركية في بعض المواضيع الخلافية لاسيما في مسائل داخلية يحرص الروس على ابقاء الولايات المتحدة بعيدة عنها.
فضلا عن الاقرار الاميركي بدور روسيا مما خلق ارتياحا لدى بوتين سمح بالتجاوب في الموضوع السوري. وتفيد معلومات هؤلاء ان آلية الحل السوري ستلحظ وقفا للنار يرجح أن ترعاه قوى دولية وتشرف على عدم خرقه ووضع آلية حوار سياسي يترجمه تأليف حكومة انتقالية.
اما الرأي الاخر فلم ير جديداً فعلياً في المؤتمر الدولي الذي ترغب فيه واشنطن نظراً الى الضغوط التي واجهت اوباما في مسألة عدم رغبته في التزام تنفيذ ما يتطلبه احترام النظام السوري ‘الخط الاحمر’ الذي رسمه اوباما حول استخدام السلاح الكيماوي، فضلا عن التهديدات والمخاوف من اتساع الحرب السورية لتشمل المنطقة مع الضربتين الاسرائيليتين لمواقع في العاصمة دمشق قيل انها استهدفت صواريخ متطورة كانت ستنقل الى ‘حزب الله’، إلى جانب عدم رغبة واشنطن فعلاً في تسليح المعارضة لاحتمال أن تذهب الاسلحة الى جهات متطرفة.
فالمؤتمر بهذا المعنى ينقذ واشنطن من مأزق تواجهه على أصعدة عدة، كما ينقذ روسيا من تهمة عرقلة حل سياسي. لكن الشكوك تتناول في هذا الاطار عدم تبدل مواقف الاميركيين والروس وخلافهما على مصير الرئيس الأسد وموقعه في معادلة الحل، فضلاً عن استعداد روسيا للتعاون فعلاً وما اذا باتت مستعدة لأن تتخلى عن النظام أم لا، وما هي الأسباب لذلك، أو ما اذا كانت تستطيع التأثير فعلاً في الأسد، علما أن بوتين استفاد ويستفيد من الأزمة السورية في الترويج في سورية وعلى المستوى العالمي من أجل تعزيز منطق استعادة روسيا دورها السابق كدولة عظمى.
كما قلنا آنفاً، وحدنا نتشظى في ظل حرب تطحن البلاد والعباد معاً، ووحدنا نتحسس طريق الآلام السوري.. ونبحث عبر المجاهيل، والدم يملأ فمنا، عن طريق الخلاص!