الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل ننتهز الفرصة في سوريا؟

هل ننتهز الفرصة في سوريا؟

19.05.2015
مهنا الحبيل



اليوم السعودية
الاثنين 18-5-2015
منذ انطلاق الثورة السورية قبل أكثر من أربع سنوات مرّت في منعطفات صعود وهبوط وانتصارات وخسائر، وخاصة حين اضطر الثوار لحمل السلاح للدفاع عن المدنيين أمام مجازر النظام الإرهابي وحلفائه الإيرانيين، ومع كل دورة صعود يتطلع الشعب العربي فضلاً عن الشعب السوري الجريح والمغدور من التآمر العالمي والتخلي العربي عنه إلى مخرج حاسم، بات واضحاً في كل وقت أنه لن يتحقق قبل انكسار الأسد عسكريا، وكل شواهد المرحلة تؤكد ضرورة هذا الحسم وأن النظام الإرهابي لم تترك له فرصة إلا وعاد لينهش من جسم هذا الشعب وأطفاله.
وتبيّن لنا في المشرق العربي كيف استخدمت طهران وموسكو، بموافقة ضمنية من الغرب، تراجع الثوّار وتحويله إلى صفقة إقليمية كبرى، تتقدم لمحطات أخرى بعدها سواءً في العراق بدعم نفوذ النظام الإيراني في حكومة العبادي واستغلال التحالف الدولي لإعادة تموضع المشروع الإيراني، وقصف كل من يناهضه، في حين ترحل داعش إلى مواقع جديدة تطعن الثورة السورية، أو تتشكل في مفارز عنف مختلفة.
ومن هنا جاءت أهمية اعلان الملك سلمان في قمة الخليج العربي التشاورية لمؤتمر المعارضة السورية القادم في الرياض، ونصّه في ذات الإعلان الذي ضُمّن في توصيات القمة، على أنه مؤتمر يخطط لما بعد الأسد، وهو ما لاقى ارتياحا كبيرا لدى الشعب السوري من هذا القرار.
ومن المهم جداً أن يُنظّم هذا المؤتمر، ويُعّد له بالصورة الدقيقة التي تضمن نجاحه وتحقيق المسار المركزي له في عدة خطوات سنفصلها لاحقا.
لكن المهم اليوم أن نُذكّر بقضية المقال، وهي أن المحور الإيراني يشهد تراجعاً وتصدعاً في الجبهة السورية، وأن مشروع تحالف جيش الفتح الذي استعاد روح وتشكيلات الجيش السوري الحر، مع فصائل الثوار الإسلامية المعتدلة، وغالب الفصائل معتدلة، وإن نقص فقهها ووعيها السياسي، وبموازاة هذا التقدم الميداني، بدأ ثوار سوريا استعادة زمام المبادرة أمام تنظيم داعش رغم صعوبات القتال على جبهتين، لكن بالفعل بدأ الميدان ينتظم أمام الثوار، بصورة جيدة، لكن مخاوف الانكسار تبقى قائمة عبر التحالف الدولي السري ضدها.
وهنا تأتي أهمية ودقة وتوقيت الدعم وانتهاز الفرصة لمصلحة الشعب ومعركة المشرق العربي مع المحور الإيراني، وحماية ظهر الثوار، أمام قدرات التدمير الخبيثة لدى هذا المحور وخاصة البراميل المتفجرة وضعف التسليح النوعي الذي يُواجه به الثوّار هذا العدو الشرس، ولذلك فإن الدعم المطلوب على مسارين نوجزهما بالآتي:
مقدما ندرك بعض التفاعل الذي تم على الحدود السورية بناء على التوافق التركي السعودي وهو ما أشرنا له في مقالة سابقة، وشراكة قطرية مع الرياض وانقرا، لكنها تحتاج إلى المزيد.
في المسار الميداني ادخال مضادات الطائرات، وتسليمها الى تحالف الثوار مع دعم تنسيقهم الميداني هو خطوة ضرورية اليوم.
التسليح النوعي عبر التسليح والذخائر والتواصل مع القيادات الثورية المخلصة وتحييد من تحولوا الى أمراء حرب في الميدان، وتجار المزايدات على دين وعقيدة الشعب السوري الإسلامية.
العمل على تنفيذ منطقة آمنة للشعب عملياً دون الاعتماد على مجلس الأمن ولا محاوره، وهي تحتاج تحالفا قويا بين الأركان الثلاثة التي سيخضع الغرب لقرارها حين تباشر ذلك ويدرك تغيّر موازين المعركة.
القدرات اللوجستية للتنسيق بين الثوار المعتدلين من جبهة النصرة، هي سياسة مهمة أمام تلاعب مشروع إيران واستدراجه لمجموعات من داعش أو تحويل معاركه لمصالحها، في حين من حق محور دعم الثورة والشعب السوري، استغلال قدراته وعلاقاته الإسلامية لتحقيق هذا التوازن المضاد.
وتبدأ خطوات الدعم السياسي فوراً، وهو المتوقع انه تحت التداول اليوم، بحيث تُجمع أكبر مساحة من هياكل الثورة السياسية والميدان في مؤتمر الرياض، لإعلان رئيس وأؤكد على رئيس انتقالي لسوريا يخضع له هذا الميدان طوعيا وعبره يُلزم الجميع برفع أي خلاف تحت قراره، وحكومة مرحلية تدير الشأن المدني والسياسي.
وفي هذا الصدد نشير الى المجهود الضخم الذي قاده شيخ الثورة الشيخ أسامة الرفاعي والمفكر الإسلامي د. عبد الكريم بكار، والذي أعاد ترتيب وتنظيم مرجعية الثورة ومشروعها الميداني والسياسي، بعد اختراقات داعش وزحف الإيرانيين وأهمية الاستفادة من جهودهم، وتحييد اجتهادات بعض المشايخ الفضلاء والمخلصين، الذين تدخلوا في الميدان وأخطأوا حين صنع دعمهم أمراء حرب بعيداً عن وحدة الميدان.
ومع قوة هذا الدعم واتحاد الميدان فإن فرص زحف المشروع الثوري السوري، ستتعاظم في وقت قياسي، ويتراجع أمامه المحور الإيراني من العراق حتى اليمن بعون الله، لكن التخلي عنه لن يكون نكسة للشعب السوري فقط، بل نكبة تضرب عواصفها ما تبقى من المشرق العربي والخليج.
 كاتب وباحث إسلامي ومحلل سياسي