الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل هناك اتفاق روسي أمريكي حول سوريا؟؟؟

هل هناك اتفاق روسي أمريكي حول سوريا؟؟؟

08.08.2016
د. وليد البني


 كلنا شركاء
الاحد 7/8/2016
 تكثف الحديث قبل فترة عن اتفاق روسي امريكي قريب يجري الاعلان عنه في آب ، وكثرت التوقعات والتسريبات عن فحوى هذا الاتفاق ، حتى ان بعض وسائل الاعلام تحدثت عن شمولية الحل وإمكانية بقاء بشار الاسد في السلطة لشهر او شهرين بعد تشكيل حكومة إنتقالية  ثم مغادرته سوريا ، بينما تحدثت تسريبات أخرى عن امكانية اشتراك الدولتين في رعاية عملية انتقال سياسي عبر مجلس عسكري يقود مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات حرة ، ثم صدرت عدة تصريحات من قبل السيد دي مستورا ومساعديه عن إمكانية استئناف مفاوضات جنيف في شهر آب وقال دي مستورا انه يتشاور مع الامين العام للأمم المتحدة من أجل تحديد موعد لاستئنافها .
لكن المفاجأة كانت إطلاق روسيا ومليشيات ايران هجوماً عنيفاً على حلب الشهر الماضي مكّن القوات الايرانية والميليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية المتحالفة معها وما تبقى من الجيش السوري الموالي لطاغية دمشق من إطباق الحصار على حلب الشرقية وسط تهليلات وسائل الاعلام الممولة من ايران والداعمة لنظام الاسد بقرب السيطرة على حلب ومن ثم بقية المناطق في الشمال بعد ان استطاعت هذه الميليشيات إحداث تقدم على جبهتي داريا والغوطة الشرقية ، ليغيب الحديث تماما عن التوافق الروسي الامريكي بعدها  .
دخل  شهر آب ولم يتم الإعلان رسميا عن اي اتفاق واضح المعالم بين الروس والامريكان فيما يخص الحل في سوريا ، بل دخل شهر آب على وقع هجوم مضاد قامت به قوى المعارضة السورية المسلحة في حلب حيث تمكنت من دحر مليشيات ايران وقوات الاسد من الكثير من المناطق حول حلب وهي تقترب حاليا من فك الحصار عن حلب الشرقية بل وربما محاصرة مواقع التظام ومليشيات ايران في حلب الغربية .
الجديد في آب لم يكن إعلان مشترك  عن اتفاق روسي أمريكي ، بل تصريحات لرئيس الولايات المتحدة الامريكية يوحي بعدم وجود مثل هكذا اتفاق ، بل يتحدث عن عدم اتفاق وعدم ثقة بين الطرفين فيما يخص الملف السوري   ، فقد قال الرئيس الأمريكي في معرض رده حول الوضع في سوريا ؛إن  القضاء على داعش في سوريا مرتبط بهزيمة الاسد وهو على العكس تماما من الموقف الروسي الذي يقول ان روسيا تدعم الاسد من أجل هزيمة داعش وبقية التنظيمات التكفيرية،  مما ينفي تماما ما سرب عن اتفاق أمريكي روسي حول مصير الأسد، ثم وفي موضع آخر يقول الرئيس أوباما أن الروس عاجزين عن كبح جماح الأسد وإلزامه بوقف جرائمه ضد الشعب السوري أو أنهم لا يريدون ذلك ، وبغض النظر عن غرابة هكذا تصريح ، إذ كان من المنتظر من رئيس الدولة الأقوى في العالم أن يقول للجميع وبعد مئات اللقاءات مع الروس فيما إذا كان الروس لايريدون الضغط على الاسد لانجاز حل سياسي في سوريا حسب قرارات الامم المتحدة،  أم انهم لا يستطيعون ذلك رغم تواجدهم العسكري الكثيف والمؤثر في سوريا ؟؟؟ لا ان يتساءل هو الآخر كأي محلل سياسي مهتم بالشأن السوري .
 ثم وفي مكان آخر يعلن الرئيس أوباما وبكل وضوح ان المحادثات الامريكية الروسية حول سوريا قد فشلت حتى في بناء ثقة متبادلة بين الدولتين يمكن على اساسها توٓقُّع تفاهماً  مشتركاً بينهما حول حل ينهي المأساة السورية ويعطي أملاً لملايين السوريين بإمكانية استعادة وطنهم وتحقيق امالهم في الخلاص من مافيا عائلية دموية تتحكم بمصيرهم منذ خمسة عقود .
إنه لمن المحبط فعلاً أن يسمع السوريون من اوباما بأنه استنتج وبعد اشهر طويلة من المباحثات،  وبعد أن مكنت الادارة الأمريكية بوتين من أن يصبح المتحكم الأكبر بمصير سوريا و قرار طاغية دمشق والمافيا التي يقودها، أنه لا يمكن الوثوق بأن الرئيس الروسي فلاديمير يوتين سوف يتعاون  في الملف السوري ويضغط على الاسد من أجل التوصل الى حل سياسي.
إن التصريحات الأخيرة للرئيس اوباما كانت محبطة والى حد بعيد لكل من تفاءل خيراً في الآونة الأخيرة حول قرب ايجاد حل سياسي يوقف  تدمير سوريا وقتل شعبها  وتشريده ، وهي تؤشر الى عدم جدية الرئيس اوباما وإدارته وعدم رغبتهما  في بذل اي جهد حقيقي يؤدي الى إنجاز حل سياسي في سوريا .
 ذلك الحل الذي لن يكون عادلاً ولا قابلا للاستمرار  بدون إحداث  توازن قوى عسكري سياسي في الصراع القائم في سوريا اليوم ، والذي يتطلب بالضرورة دوراً امريكيا أكبر ، يكون  قادرا على موازنة الدور الروسي الداعم لنظام مافيا الأسد المتحالف مع ايران والميليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية التابعة لها في الحرب التي يشنها هذا النظام   على الشعب السوري،  والتي جعلت من سوريا ساحة مستباحة من قبل التنظيمات التكفيرية الشيعية ( مليشيا نصر الله ، الحرس الثوري الايراني، والميلشيات العراقية والافغانية الأخرى ) والسنية ( داعش والقاعدة وملحقاتها ) على حد سواء ، وميداناً لفتنة طائفية قد تحرق المنطقة العربية الاسلامية برمتها