الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل وراء كل أزمة مؤامرة أمريكية؟

هل وراء كل أزمة مؤامرة أمريكية؟

28.07.2013
يوسف القبلان

الرياض
السبت 28/7/2013
    تقف أمريكا عاجزة ومترددة في بعض الأزمات مثل أزمة سورية وأزمة مصر لكنها تظل متهمة بتهمة المؤامرة وبعلاقتها بأي حدث في العالم وهذا رأي غير واقعي.
الإخوان في مصر أقاموا علاقات جيدة مع أمريكا وعقدوا اتفاقيات معلنة وغير معلنة قدم فيها الإخوان تنازلات تتناقض مع مواقفهم وشعاراتهم المعلنة. ماذا حصل بعد ذلك؟
جاءت حركه 30 يونيو وماتبعها من نتائج أدت الى نهاية تجربة الإخوان في الحكم فانطلق الخطاب الإخواني بالعبارات المحفوظة:
(هذه مؤامرة أمريكية) ونفس العبارة يقولها الفلسطينيون تبريرا لانقسامهم وتقال في كثير من البلاد العربية التي تعاني من المشكلات والانقسامات بكافه أنواعها.
في زمن مضى كان الآباء والأجداد يعلقون على أي حدث في العالم أو مشكلة قائلين: (هذه سياسة انجليزية).
الآن تحولت الى (هذه مؤامرة أمريكية).
كان الإخوان فى مصر يصفون العلاقة مع أمريكا بأنها عمالة وخيانة وعندما وصلوا الى السلطة أصبحت أمريكا صديقة، أما أمريكا نفسها فهى ان وقفت مع المعارضة فهي ضد الاسلام وإن وقفت مع الإخوان فهي ضد الشعب والثورة.
واقع الأمر أن أمريكا في أزمة مصر كانت تتفرج وتنتظر النتيجة بحثا عن مصالحها لكنها تصدر البيانات الاعلامية التي تحفظ كرامتها ولتقول إنها موجودة وهي في هذا الموقف الرمادي أيضا متهمة فيقال إن هذا موقف تآمري لتدمير مصر واضعافها رغم وجود حوار داخل أمريكا نفسها حول تحديد طبيعة ما حدث في مصر لأن الإخوان (الذين تتآمر عليهم أمريكا) استنجدوا بها وأوصلوا لها رسالة تقول إن ما حدث هو انقلاب عسكري أما التغيير في 25 يناير فهو في نظر الإخوان ثورة رغم أن المجلس العسكري هو الذي تولى السلطة في ذلك الوقت.
ما أكثر الأسئلة:
هل المؤامرات الخارجية اختصاص عربي لا علاقة لها بدول مثل اليابان وكوريا وماليزيا وسنغافورة؟
هل البنية التحتية السيئة في كثير من الدول العربية بسبب المؤامرة الأمريكية؟
هل سوء الخدمات بتأثير مؤامرات خارجية؟
هل التعليم والصحة والادارة لا تتطور الا بموافقة المتآمر؟
اذا كان ماجري في مصر حرباً على الاسلام فهل كانت أمريكا تدافع عن الاسلام عندما احتجت على إنهاء حكم الإخوان؟
واذا كانت لا تحتج على ما جرى وانما تتظاهر بذلك فهل معنى ذلك أنها تحارب الاسلام؟
أليست معرفتنا بوجود مؤامرات عاملا مساعدا لمقاومتها؟
أمريكا دولة قوية وموجودة في كل أجزاء خريطة العالم ولها علاقات ومصالح وانحيازات ومعايير مزدوجه وهذا لايبرر العجز العربى فأمريكا لم تصل الى ما وصلت اليه الا بالعلم والعمل وليس بالشعارات والهتافات ضد الأعداء وهذا لا يعني أننا نتفق معها في كل مواقفها وسياساتها لكن المشكلة أننا نكتفى بتعداد أسباب الفشل وليس البحث عن عوامل النجاح والتفوق.
في محيطنا العربى كان بعضنا ولايزال يستخدم الشعارات ضد أمريكا وسيلة لكسب التأييد الشعبي وتم ربط ذلك بقضية فلسطين.
ولانزال حتى الآن نسمع شعار المقاومة والممانعة ونسمع شعار ازالة اسرائيل ولم يحقق من يرفع هذه الشعارات أي منجز وطني والسبب دائما جاهز (هذه سياسة انجليزية) آسف أقصد
(انها مؤامرة أمريكية) وبعد فشل المتاجرة بقضية فلسطين انتقلت (الظاهرة الصوتية) الى المتاجره بالدين وهنا لا تكتمل المتاجرة الا باضافة لازمة ضرورية وهي أن أمريكا تحارب الاسلام رغم وجود الملايين من المسلمين فيها والعديد من المساجد والمؤسسات والمراكز والمدارس الاسلامية.
ترى الى متى تستمر نظرية المؤامرة وهل هي قوة وذكاء من المتآمر أم ضعف في الطرف الآخر؟ ومتى نمارس الترشيد في الكلام ونتجه للعلم والعمل ليس لنتسلح ضد المؤامرات (التي نتحدث عنها منذ عقود) ولكن لكي نحقق التقدم في كافة المجالات.