الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يبدأ أردوغان فك ارتباطه بأمريكا بإنشاء المنطقة العازلة في سوريا؟

هل يبدأ أردوغان فك ارتباطه بأمريكا بإنشاء المنطقة العازلة في سوريا؟

02.08.2016
محمد جمال


 إيوان24
الاثنين 1/8/2016
منذ الكشف عن تورط الولايات المتحدة في دعم المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، والحديث يتواتر عن سعي تركيا لفك ارتباطها مع أمريكا تدريجيا، وربما التحالف مع روسيا خلال زيارة اردوغان المقبلة لها، وهل يأتي رد الرئيس التركي علي واشنطن بالسعي لإنشاء المنطقة العازلة في سوريا التي ترفضها أمريكا؟
مؤشرات كثيره تشير لنوايا تركيا عدم تفويت السعادة الامريكية والأوروبية بالانقلاب ومواقفهم المدافعة عن حرية الانقلابيين دون النظر لجريمتهم الشنيعة بقصف الاتراك والبرلمان والقصر الرئاسة والشرطة، ربما اقلقت واشنطن ودفعتها لتقديم الاعتذارات تلو الأخرى.
فالولايات المتحدة سارعت لإصدار البيانات الملطفة للأجواء في اعقاب هجوم اردوغان عليها وتوبيخه قائد عمليات المنطقة الوسطى للجيش الأمريكي، الجنرال الأمريكي جوزيف فولتير، وأعلنت عن لقاء مرتقب بين يلدريم ورئيس هيئة الأركان الأمريكية في العاصمة أنرة اليوم الاثنين.
كما يعتزم الأمين العام للمجلس الأوروبي ثوربجون جاغلاند، إجراء زيارة إلى تركيا 3 أغسطس المقبل، لمقابلة عددا من المسؤولين الأتراك، في مقدمتهم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.
ويبدو أن هذه الزيارات تحاول استباق تصرفات تركية غاضبة سواء فيما يخص التعاون مع حلف الاطلنطي او الاتحاد الأوروبي، أو نية إنشاء منطقة منزوعة السلاح لحماية السوريين من الطران السوري والامريكي والروسي على السواء في ظل تدهور أحوال المعارضة التركية في الشرق قرب الحدود التركية وحصار حلب واحتمالات سقوطها لو استمر الحصار كما هو.
وكانت الحكومة التركية قد أبلغت المجلس الأوروبي رسميا بتاريخ 21 يوليو الجاري، تعليق اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية، وذلك ضمن إطار إعلان حالة الطوارئ في البلاد، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة
وتتيح المادة 15 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لحكومات الدول المشاركة فيها، إمكانية التعليق بشكل مؤقت أو محدود لالتزاماتها في الحالات الاستثنائية، وسبق أن علقت 8 دول العمل بهذه الاتفاقية وفق للمادة 15، كان أخرها فرنسا عقب هجمات باريس الإرهابية التي شهدتها، وأوكرانيا في وقت لاحق، ما ينفي أن يكون هدف الزيارات الغربية هو بحث هذا الامر، وإنما أمور أخري.
مناطق آمنة في شمال سوريا
ومنذ إعلان الرئيس التركي جب طيب أردوغان ديسمبر 2015 إن أنقرة تصر على إقامة مناطق آمنة في شمال سوريا، وهناك تعويق أمريكي لهذه الخطوة غير مفهوم، ولكنه بدأ يظهر مع مشاركة واشنطن الهجمات الروسية والحكومية السورية على المعارضة بدعاوي ضرب مناطق داعش، ما ادي لتدهور المعارضة السورية.
وقال اردوغان إن الجانب التركي يصر أيضا على التطبيق السريع للاقتراحات المتعلقة بتدريب وتسليح “المعارضين المعتدلين” السوريين، معتبرا أن المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية الأخلاقية عن إيجاد حل عقلاني وطويل الأمد للقضية السورية مع أخذ تاريخ المنطقة ووقائعها بعين الاعتبار
وتابع: “إنه الطريق الوحيد لمحاربة تنظيم “داعش” وتحقيق نتائج في مكافحة النظام السوري”، مؤكدا أن “استخدام تنظيم إرهابي (حزب العمال الكردي) ضد تنظيم إرهابي آخر (داعش) لن يأتي بشيء باستثناء قضايا أخرى.
وتتلخص تفاصيل هذه المناطق الامنة في شمال سوريا وفق التصور التركي في انشاء منطقة بعرض 98 كيلومترا ًوعمق 45 كيلومتراً، فنظام الأسد كان يسيطر على 14% فقط من مساحة سوريا وجهود روسيا تأتي تصب في خانة تمكين النظام من تأسيس دويلة صغيرة له، فيما يتحدث الامريكان عن تقسيم سوريا.
وفي ابريل الماضي، جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة مع قناة سي ان ان الأمريكية الدعوة إلى إقامة “مناطق آمنة” داخل سوريا، معربا عن استعداد بلاده لتوفير المرافق الأساسية في هذه المناطق
وخلال قمة واشنطن للأمن النووي قال: “يمكننا تشييد البنية التحتية اللازمة في غضون سنة أو سنة ونصف، وأنا حازم جدا وحريص على تحقيق هذا الهدف”.
وأوضح أنه بوسع تركيا بناء منازل ومدارس ومكاتب للنازحين السوريين في تلك المناطق، معربا عن ثقته بأنه في حال توفير المرافق الأساسية في “المناطق الآمنة”، سيبدأ اللاجئون المتواجدون في تركيا بالعودة إلى الأراضي السورية.
وكشف الرئيس التركي عن أنه بحث هذا الموضوع مع نظيره الأمريكي باراك أوباما، وأضاف أنه قد حدد مناطق معينة في شمال سوريا لتنفيذ مشروعه هذا، لكن الجانب الأمريكي لم يؤكد وجود مثل هذا الاتفاق، ولم يبد أي استعداد للمشاركة في تطبيق المشروع التركي حتى الآن.
الرد على خدعة معابر حلب الامنة
وكانت التطورات الأمنية التي شهدتها تركيا خلال الأشهر الأخيرة، وانتهت بالانقلاب الفاشل، قد دفعت الكثيرين لمطالبة الحكومة التركية بالتدخل العسكري بشكل منفرد أو بمشاركة قوى إقليمية على رأسها السعودية، وإقامة مناطق أمنة في سوريا بدون موافقة واشنطن.
وجاء إعلان الحكومة السورية والقوات الروسية عن مناطق و”معابر انسانية أمنه” في حلب لخروج المقاومين والمدنيين بعد حصارهم المدينة، وتحذير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” المدنيين في أحياء حلب الشرقية، من أن المعابرَ التي أعلن عنها هي “خديعة كبرى”، وليست سوي “معابر للاختفاء والقتل”، ليرفع من أسهم التدخل التركي لإنقاذ المدنيين والمقاومة التي علي وشك خسارة المعركة هناك في ظل الحصار.
فقد كشفت الشبكة، في بيان السبت أن “القوات الروسية والسورية لا تكترث مطلقاً لحياة المدنيين السوريين بل تقوم طائراتهما وأسلحتهما بقتلهم يومياً ضمن تلك الأحياء، دون أي مراعاة لوجودهم”.
وقالت أنها سجلت مقتل 183 مدنياً، بينهم 48 طفلاً، و20 سيدة في الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب في شهر يوليه فقط، علي يد قوات بشار الاسد، قائله “من يريد سلامة المدنيين يجب أن يتوقف هو عن قتلهم أولاً”.
وكشف “أحمد رمضان” رئيس حركة العمل الوطني من أجل سورية عن أن قوات سورية وروسية تقوم باعتقال من يمرون من هذه المعابر من المدنيين المحاصرين في حلب، وأنه يجري ترحيل بعضهم، للسجون وقتل اخرين.
وانتقد “رمضان” منع أوباما إقامة منطقة آمنة وترك بوتين يُدمر حلب بوحشية، ونفي قرب سيطرة قوات الاسد وروسيا رغم المجازر علي حلب مؤكدا: “على أسوار حلب دفن كثير من الغزاة، وسيلقى رجال بوتين المصير ذاته”، بحسب تعبيره
واشار “رمضان” لقتل القوات السورية بالتحالف مع روسيا لأكثر من 1400 سوري في حلب بأقل من شهرين، منهم 900 في يوليه الجاري فقط، وبينهم 125 طفل قتلوا في 10 دقائق قصف روسي على “منبج” بريف حلب.
وقال إن “الجريمة امتدت لتدمير الغزاة الروس لـ 2500 موقع أثري، أغلبها مسجل لدى اليونسكو مثل زاوية الصيادي، بنيت عام 1878.
300 ألف مدني محاصرون
وفي 27 يوليه الجاري أحكمت كل من قوات النظام السوري وحلفائه من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية (التي تضم بشكل رئيسي قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، فرع حزب العمال الكردستاني) من جهة ثانية الطوق على أحياء حلب الشرقية بشكل كامل، وذلك بعد أن سيطرت قوات النظام على حي بني زيد، وقوات سوريا الديمقراطية على حي السكن الشبابي.
ودخلت أحياء حلب الشرقية منذ بداية الشهر الجاري حالة من الحصار الخانق إثر السيطرة النارية المطلقة لقوات النظام السوري وقوات سوريا الدمقراطية (في حي الشيخ مقصود) على طريق الكاستيلو، حيث يحاصر قرابة 300 ألف مدني.
وفي 28 يوليه عقب تطويق الأحياء الشرقية، أعلنت روسيا أولاً ثم النظام السوري عن افتتاح أربعة معابر، أطلقوا عليها اسم “إنسانية آمنة” لمغادرة الأهالي الموجودين في أحياء حلب الشرقية، منها ثلاثة معابر للمدنيين، ومعبر للمقاتلين المستسلمين.
وألقت الطائرات الروسية والسورية مناشير توضح خريطة المعابر وهي: (معبر حي بستان القصر – حي المشارقة، معبر الدوار الشمالي – دوار الليرمون، معبر مسجد الشيخ سعد – حي الحاضر، معبر حديقة سيف الدولة – أوتستراد دمشق حلب).
ولم تفتح هذه المعابر حتى اللحظة، وبالتالي لم يغادر أحد من المدنيين، بحسب المنظمة السورية لحقوق الانسان، فهل يفعلها أردوغان ويبدأ فك ارتباطه بأمريكا بإقامة المنطقة العازلة في سوريا دون ابطاء، ضاربا بذلك عصفورين بحجر واحد، فينقذ المقاومة السورية التي لم يبق لها إلا تركيا، ويرد علي الدعم الامريكي للانقلاب ضده؟