الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يتم الالتزام باتفاق الهدنة في سوريا؟

هل يتم الالتزام باتفاق الهدنة في سوريا؟

03.03.2016
كمال أوزتورك


الشرق القطرية
الاربعاء 2/3/2016
أعلنت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، التوصل لاتفاق وقف لإطلاق النار في سوريا، ولكن يبدو أن تطبيق الاتفاق على أرض الواقع سيكون مسألة صعبة للغاية.
في الواقع، إن روسيا التي هي أحد أطراف الاتفاق، والتي دخلت إلى سوريا بكل قوتها العسكرية، بحجة مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، إلا أنها صبت جام قنابلها على جميع الفصائل المعارضة لنظام الأسد، بما في ذلك التركمان، أظهرت للعالم كله أنها طرف لا يمكن الوثوق به.
روسيا تركز على قصف المعارضين وتتجنب داعش
من المعلوم، أن 20 بالمائة فقط من عمليات القصف الروسية، استهدفت تنظيم داعش، فيما استهدفت آلاف الغارات الجوية فصائل المعارضة السورية، وذلك لسببين:
1. استهداف المناطق التركمانية المدعومة من قبل تركيا، لحماية نظام الأسد وفتح الطريق أمامه من أجل إنشاء دويلة خاصة به في الساحل السوري.
2. استهداف المعارضة السورية المدعومة من قبل المملكة العربية السعودية، وقطر، وتركيا، في مناطق حلب واعزاز وجرابلس، بهدف إنشاء دولة ل"الأكراد العلمانيين"، أي لمنظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، التي تشكل الذراع السورية لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية.
استهدفت روسيا مؤخرًا، مستشفيات ومدارس في تلك المنطقة، من أجل إجبار المدنيين على اللجوء إلى تركيا، ودفع مئات الآلاف من السوريين نحو الحدود، ووضع تركيا ثم الاتحاد الأوروبي أمام موجة لجوء جديدة، تولد مجموعة من المشاكل الأمنية والاجتماعية. وبالفعل نزح ما يقرب من 90 ألف شخص نحو الحدود السورية مع تركيا، في غضون شهر واحد.
روسيا تتفاوض لوقف إطلاق النار بيدين ملطختين بالدماء
زودت منظمة "الاتحاد الديمقراطي" روسيا، بإحداثيات المواقع التي يجب أن تقصف، فيما قامت روسيا بقصف تلك المواقع دون النظر أو التحقيق بطابعها المدني، واحتوائها على مدنيين أو الأطفال، نعم إن روسيا هذه، التي قتلت ما يقرب من 3 آلاف مدني في سوريا، جلست على طاولة المفاوضات للوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، بيدين ملطختين بالدماء.
من جهتها، لم تبد الولايات المتحدة أي اعتراض، وواصلت مفاوضاتها مع الروس لتعلن بعد ذلك التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي لا يشمل "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، أي أن الغارات الروسية ستواصل استهدافها للتنظيمين المذكورين، ما يعني أن روسيا ستواصل قصفها للمعارضة السورية والمناطق التركمانية، بحجة "مكافحة داعش".
روسيا تواصل قصفها رغم وقف إطلاق النار
وبشكل متطابق مع جميع التوقعات، وبعد يومين فقط من "وقف إطلاق النار"، واصلت روسيا قصفها مجددًا للمناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية، والتي تخلو تمامًا من أي وجود ل"جبهة النصرة" أو تنظيم "داعش"، فقصفت مناطق في محافظة حلب وإدلب وحماة وحمص، وتسببت في مقتل العشرات من المدنيين.
إن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جرى بين الولايات المتحدة وروسيا، من شأنه أن يساعد نظام الأسد، سيما أن النظام المذكور، أصبح في الواقع يستمد قوته من روسيا وإيران، ما دفع الأسد للقول إنه عازم على "استعادة السيطرة على جميع الأراضي السورية".
لقد دخلت روسيا إلى المنطقة، وفق خطة تضمن لها البقاء وقتًا طويلًا، لذا أسست قواعد عسكرية تشكل بالنسبة لها موطئ قدم في المنطقة، من البوابة الإيرانية والعراقية والسورية، وستسعى خلال المرحلة القادمة من أجل دعم ذلك الوجود وتثبيته.
لقد استغلت إيران روسيا من أجل ضمان استمرار تدخلها في اليمن، ولبنان، والعراق، وهو ما أعرب عنه "علي أكبر ولايتي" شخصيًا، وفي هذه الحالة، ليس من الصعب توقع قيام عمل عسكري مشترك بين روسيا وإيران، في ظل وجود "المطرقة الروسية"، لضمان تحركهما بقوة في المنطقة.
تسعى المعارضة السورية إلى ترسيخ وجودها الميداني، في ظل عدم قدرتها على التحرك، بسبب وابل القصف الروسي، فيما يضمن "وقف إطلاق النار"، لقوات الأسد والقوات الإيرانية الداعمة لها، ولمسلحي منظمة "الاتحاد الديمقراطي" الكردية، تحصين مواقعهم الجديدة، التي انتزعوها من المعارضة.
اتفاق "وقف إطلاق النار" ليس سوى خدعة، أو عملية احتيال، تصب في صالح نظام الأسد.