الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يعتبر منح مقعد سورية للائتلاف بداية للحل السلمي؟!

هل يعتبر منح مقعد سورية للائتلاف بداية للحل السلمي؟!

01.04.2013
خالد هنداوي

الشرق
1-4-2013
لقد بات مؤكداً أن دماء الشهداء في سورية والتضحيات الجسام التي يبذلها أهلوها في سبيل الحق والحرية للتخلص من نظام الاستبداد والاستعباد، والانتصارات الأسطورية التي يتقدم بها الجيش الحر لحظيا في كل شبر من البلاد خصوصا العاصمة دمشق اليوم، تعتبر الجسر الأقوى والأكبر الذي عبره الأبطال للوصول والارتقاء إلى مقعد سورية في القمة العربية بالدوحة، حيث كسب ائتلاف الثورة والمعارضة نصرا سياسيا ودبلوماسيا ممتازا بموافقة الدول العربية على هذا التحول الاستثنائي لمزيد من التفاؤل لدى الشعب السوري كي يحظى بمقعده الآخر في منظمة التعاون الإسلامي ومقعده الثالث في الأمم المتحدة كذلك، وبهذا أصبح الجزار بشار معدوم الوجود وحل مكانه بالوجه الطبيعي الفطري من يمثل الجماهير ويدافع عنها، ولا يضر البتة مخالفة بلدين كعراق المالكي المعروف اليوم بطائفيته وتبعيته لإيران وولاية الفقيه ولا الجزائر التي لا تمثل شعبها الحر في هذا المشهد ولا لبنان التي تتخذ سياسة النأي بالنفس وإن كان وزير خارجيتها عدنان منصور اعترض في مؤتمر وزراء الخارجية العرب على تمكن المعارضة من شغل مقعد بشار وطالب بالتغيير لأنه كما يقول العلماء: إن الأكثر له حكم الكل وإن النادر لا حكم له، وهكذا ورغم أن الجامعة العربية ذات تاريخ إيجابي وسلبي معا إلا أنها اليوم وبعد صبرها ومتابعتها على مدى عامين لصالح الثورة بدأت تمشي هنا على السكة الصحيحة وقال الزعماء العرب كلمتهم فيها مقدرين فداحة الكارثة المرة في سورية وأنه لابد من هذا الموقف العملي الذي تؤيده الشعوب ويكون حجة دامغة على تقاعس وتخاذل بل تآمر المجتمع الدولي على القضية السورية خدمة لمصالح إسرائيل وتحقيقا لإضعاف سورية عن طريق هذا المستبد الجزار الذي لم يقصر هو ولا أبوه في تحقيق تلك المصالح لمن يعرف الحق والحقيقة وليس الذين يعكسون الآية فيجعلوها مؤامرة كونية على الحكومة السورية تنفيذا لمخططات أمريكا وإسرائيل بيد قطر والسعودية وبعض البلاد الغربية، وتعزف على نغمتهم روسيا والصين وإيران وأذنابها المكشوفون.
 إن القمة العربية كانت موفقة ومخلصة في اتجاهها اليوم وليست منحطة كما وصفها المناوئون الموتورون الذين لا تهمهم إلا منافعهم ولو أهلكوا الحرث والنسل في البلاد وهم مع الصهاينة أو المتعاونين للوقوف ضد مثل هذا التوجه العملي في القمة للأسباب نفسها، وبدل أن يتحدث المتابعون بإنصاف أن على الثورة والشعب المقهور مؤامرة كونية للعمل على إفشالها وإمداد اللانظام بالقوة المادية والمعنوية التي تجعله في الصراع صاحب الكفة الأقوى في معادلة التوازن وخضوعها بالتالي للأمر الواقع فإنهم يقلبون الحقائق وما زالوا يرددون مشروختهم عن العصابات المسلحة والمرتزقة من الخارج متعامين عن كل إمداد خارجي من دول معروفة خصوصا إيران وروسيا والعراق ولبنان مما يجعلهم من مجرمي الحرب الحقيقيين مع الجزار بشار، وإنه تجب مقاضاتهم كما تجب مقاضاته وعصاباته.
 لقد كان انتصار الشرعية الحقيقية في تسلم مقعد الجامعة للثوار امتيازا لهم أجبروا من خلال تضحيتهم المجتمع العربي أن يسير في ركابهم وكانوا حجة على المجتمع الدولي الذي ما زال عاجزا عن جزء جوهري من الحل، وضربة لحصان إيران الخاسر وسلوكها الخطير في المنطقة وتذكيرا لها بمواقفها المخزية ضد الجامعة وانتهاكاتها للسيادات العربية خصوصا اليوم في سورية التي غدت تعتبرها المحافظة الخامسة والثلاثين للدفاع عنها بدوافعها الأيديولوجية الطائفية والمصلحة الاقتصادية، وتحميها شريكتها القاتلة روسيا التي اعتبرت المقعد غير مشروع ويضرب الحل السياسي حسب مؤتمر جنيف، في حين تنهمك إسرائيل بمشروعها لإنشاء المنطقة العازلة في الجولان وراء خط فض الاشتباك، وهكذا تنجح المؤامرة الغربية اللفظية التأييد المعنوية التآمر لتعزيز الأمن الصهيوني، دون أن يمنى هذا الغرب وإسرائيل بأي خسائر وربما يكون من تمام المؤامرة فتح اللانظام السوري جبهة الجولان عندما يتأكد من سقوطه فيقوم الجزار بمؤامرة الرمق الأخير ليسترد أنفاسه ويفيد داخليا بإحراج المعارضة أمام الشعب أنه يحارب إسرائيل العدو المشترك وإقليما إذ ربما يجد تأييدا داخل الجامعة العربية ليقلب الطاولة ويبقى في الحقيقة خادما لأوامر المحتل ثم ترجع المياه إلى مجاريها! وإن كل السيناريوهات متوقعة من عصابات الإجرام والطائفية وهو ما يفسر تقاعس الغرب وعلى رأسه أمريكا لإزاحة القتلة فعليا.
إن قمة الدوحة الرابعة والعشرين إن أحسن استثمارها وأخذت كل دولة عربية دورها وتابعت جماعة الائتلاف التواصل للدعم والتسليح فإن رفرفة علم الثورة في رواقها يكون قد أعمل أثره النفسي حين غيب علم اللانظام القاتل، وإنها لمبادرة شجاعة لإنهاء العنجهية الأسدية الجهنمية وإطفاء حريقها الأخطر الذي يهدد الأمن والسلم العالميين وحتى يفهم مجلس الأمن أنه قد أصبح مجلسا للخوف ليس إلا.
ولعل من يفكر بالحل السياسي رغم أن الوضع العسكري على الأرض في صالح الثوار واللانظام يتراجع جدا أن يكون سعي مشترك بين قمة الدوحة والقمة الإسلامية التي ترأسها مصر لقرع باب الجمعية العامة للأمم المتحدة تجاوزا لمجلس الأمن الفاشل المتآمر على الشعوب الضعيفة، ونحن نجزم أن الصراع الدامي في سورية لو كان مسلطا على الصهاينة لأنهاه هذا المجلس المنحاز بأقل من شهر ولكن دماء المسلمين رخيصة في عرفهم جميعا وهمزة لا بواكي له، ولذا فإنه لا بد من إزجاء الشكر لقمة الدوحة التي تعمل مع شركائها على حماية المدنيين وتحقيق قانون التدافع في الأرض والسحب الحقيقي للشرعية المزيفة للانظام والتي ستحتاج حتى إلى تضامن جميع جمهور العرب والمسلمين والأحرار المخلصين في العالم وبذلك تتغير قواعد اللعبة حقا ويتحمل الجميع مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، وإن الذي يتأمل إعلان الدوحة وإسراعه الميداني بافتتاح السفارة السورية وتسليمها للائتلاف لا يشك أنه خطوة حسية ومعنوية تجعل الحدث بحد ذاته كبيرا ذا مغزى وجديرا بالمتابعة وليس إعلانا لموت الجامعة كما ادعى أزلام اللانظام إذ من غير المعقول أنه إذا أنصفت الجامعة وطردت دولة أصبحت مارقة بإجرام رئيسها وعصابتها تصبح متجنية على القانون وميثاق تلك الجامعة، وهو كما قال الجزار بشار في إحدى خطبه إنه لا بد من الجراحة لدى المريض إن رأى الطبيب المصلحة في ذلك، فإلى متى ستصبر هذه الجامعة على هؤلاء القتلة الذين لم يهدأوا لحظة واحدة عن تدمير العباد والبلاد،