الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يعرف كيري هذا؟!

هل يعرف كيري هذا؟!

30.06.2014
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الاحد 29/6/2014
 أخطأ الأميركيون عندما إستجابوا لتطلعات إيران وبعض أطراف المعارضة الخارجية وقبلوا بـ"فرْط" الدولة العراقية ،بكل مؤسساتها ومكوناتها، وحل الجيش العراقي "عن بكرة أبيه" ثم وهُمْ أخطأوا أكثر عندما إنسحبوا من العراق في عام 2011 لا يلوون على شيء وتركوه تحت رحمة ونزوات قوى متصارعة ورحمة حكومة بقيت تتصرف مذهبياً وطائفياً لثمانية أعوام فأوصلته إلى هذا الإنقسام الخطير الذي ستترتب عليه طورات داخلية وإقليمية خطيرة.
والآن فإنهم سيرتكبون ليس خطأً وإنما حماقة قاتلة إنْ هُمْ تدخلوا عسكرياً في هذا البلد الذي غدا ممزقاً وإستهدفوا الفئة التي أدى إستهدافها وعزلها والتفنن في إهانتها إلى نفاذ صبرها وإلى قيامها بالإنتفاضة الأخيرة التي قلبت أوضاع العراق رأساً على عقب وجعلت حاضره ومستقبله أيضاً يختلف إختلافاً جذرياً عما كان عليه الوضع قبل العاشر من هذا الشهر يونيو.
سيُصبح حلُّ هذه العقدة المستعصية بحاجة إلى إستخدام الأسنان بدل إستخدام الأصابع إذا إنحاز الأميركيون بتدخلهم العسكري إلى جانب الفئة الظالمة ضد الفئة المظلومة وهذا ،في ظل الإستقطاب الذي تشهده هذه المنطقة نتيجة تحول الصراع في سوريا والعراق إلى صراع طائفي، ستدفع ثمنه الولايات المتحدة في هيئة مستجدات أمنية في الشرق الأوسط كله ستستهدف مصالحها الحيوية التي هي كثيرة وفي غاية الأهمية.
إنه من غير الممكن إلاَّ أن تنتفض هذه المنطقة ضد الولايات المتحدة ومصالحها إن هي إستهدفت ،بحجة مقاومة "داعش" والإرهاب، السنة العرب الذين لم يلجأوا إلى العنف والعمل المسلح إلاَّ بعد أكثر من عشرة أعوام من الصبر على الظلم الذي لحق بهم في معادلة المحاصصة الطائفية التي وضعها بول بريمر ومعه بعض المتورمة أكبادهم بالحقد المذهبي والذين وجدوها فرصة لتسديد ما اعتبروه حسابات تاريخية عمرها ألفاً وأربعمائة عام وأكثر.
ربما أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري لم يدرك بعد أن الرأي العام الغالب في هذه المنطقة في غاية الإستياء من تعاطي بلاده مع الأزمة السورية وأنه يعتبر أن تردد الرئيس باراك أوباما هو ما جعل هذه الأزمة تستمر لأكثر من ثلاثة أعوام وهو ما شجع بشار الأسد على إستخدام المزيد من العنف والتدمير ضد الشعب السوري وهو ما حول هذا البلد إلى ساحة لتسديد الكثير من الحسابات الإقليمية والدولية.
وبالطبع فإن كيري لابد وأنه يعرف أنَّ أهل هذه المنطقة ومعهم العرب كلهم والعالم الإسلامي بأسره يحمِّلون الولايات المتحدة مسؤولية المأساة الفلسطينية ومسؤولية تطاول الإسرائيليين وبلا حدود الشعب الفلسطيني وأنهم يعتقدون ،وهو إعتقاد صحيح، بأن المصلحة الإسرائيلية هي الدافع الحقيقي لتدمير "كيمياوي" بشار الأسد وهي الدافع الحقيقي أيضاً لكل هذه الجهود التي تبذلها واشنطن لقطع الطريق على التطلعات الإيرانية لإنتاج القنبلة النووية.
ولهذا فإنه إنْ أرادت الولايات المتحدة أن تتدخل في الأزمة العراقية المتفاقمة بإعتبارها المسؤولة عن كل ما جرى في العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين في عام 2003 فإن عليها أن تبتعد نهائياً عن الحلول العسكرية وإن عليها ألاَّ تنساق مع كذبة أنَّ نوري المالكي مثله مثل بشار الأسد يواجه الإرهاب المتمثل في "داعش" فالمشكلة في العراق كما هي في سوريا تتمثل في أن نظاماً مستبداً يستهدف فئة معينة إستهدافاً مذهبياً لم يعد خافياً على أحد وأنه إمعاناً في إقحام هذه المنطقة بصراع طائفي ربما لن ينتهي لعشرات السنين قد أدخل إيران على خط هذا الإستهداف الذي تجاوز الخطوط الحمراء كلها.