الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يعود ملف الأزمة السورية للصدارة من جديد؟!

هل يعود ملف الأزمة السورية للصدارة من جديد؟!

02.05.2015
علي الرشيد



الشرق القطرية
الخميس 30-4-2015
هل يعود ملف الأزمة السورية إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، وتفرض على واشنطن والقوى الكبرى إعادة النظر في أولوياتها، وحملها على الضغط الفاعل على النظام السوري الحالي، وإجباره على الرحيل من خلال حلّ سياسي جديّ أو ضربة عسكرية تخلخل آخر ما تبقى من عرشه المتهاوي، أو تفسح المجال لعملية عسكرية من القوى الإقليمية المناهضة له بالتعاون مع المعارضة المسلحة السورية على الأرض على غرار عملية عاصفة الحزم في اليمن.
وللتذكير فإن موقف الولايات المتحدة في عهد الرئيس أوباما كان متخاذلا تجاه النظام السوري لاعتبارات كثيرة، فلم يوجه ضربة جوية له ، رغم تهديداته بضربة عسكرية ضده حبس العالم أنفاسه لها، حينها بعد اعتبر الأسلحة الكيميائية خطا أحمر وتأكده من استخدام الأسد لها ضد المدنيين السوريين ، ولم يقدّم أو يسمح لغيره بتقديم صواريخ مضادة للطائرات للمعارضة المسلحة أو يضمن للمدنيين منطقة آمنة، يحظر سلاح الجو السوري من التحليق في أجوائها منعا لحمم براميله المتفجرة التي تفتك بالمدنيين العزل ، وآثر التركيز بدلا من ذلك على إنجاز توقيع اتفاق مع النظام الإيراني حول سلاحه النووي، والتحالف معه ومع القوى التي تدور في فلكه من أجل مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية " داعش" في العراق.
وقد ترك الشعب السوري في العامين الماضيين ـ على الأقل ـ يدفع ضريبة كبيرة على مستوى التنكيل به وإجباره على النزوح واللجوء بأعداد فاقت التصور، جراء سكوت العالم وغضّ طرفه عن فظائع قوات الأسد والمليشيات التي تدور في فلكه وفي مقدمتها عناصر حزب الله اللبناني وأبو فضل العباس العراقية.
ولاشك أن أي تحول نوعي مرتقب في الملف السوري وراءه عدة أسباب، ولكن أقوى وأهم سبب على الإطلاق هو توحد قوى الثوار والمجاهدين في سوريا في إطار جيش الفتح وتكتلات أخرى بدأت تظهر في حلب وغيرها ، وتمكّنهم من إحراز انتصارات قوية ومتلاحقة خلال الشهرين الحالي والماضي، وتتمثل هذه الانتصارات التي حققها في تحرير مدينتي إدلب وجسر الشغور بزمن قياسي ، فيما يتقدمون في الجنوب، ويندفعون نحو حمص وحماة، وباتوا يشكلون تهديدا لمدينة اللاذقية الساحلية. وبالتوازي مع جيش الفتح هناك جبهة أخرى في الجنوب تحقق تقدما ضد النظام، وتخوض معارك في محافظة درعا، وقد سيطرت على آخر معبر يربط دمشق مع الأردن، وهو معبر نصيب.
وتأتي هذه الانتصارات لتؤشر على تهاوي قوات الأسد وضعف روحها المعنوية، وانهيار الحملة التي قام بها النظام في الجنوب، وخاصة بصرى الشام، وفي مدينة حلب بدعم قوي وواسع من حزب الله والمليشيات الإيرانية قبل أشهر ، والتدخل السافر للحرس الثوري الإيراني فيهما.
ومعروف أنه لولا تدخل هذه القوات والدعم العسكري والاقتصادي واللوجستي للنظام الإيراني، لسقط النظام السوري منذ العام الأول للثورة السورية، لأن طهران اعتبرت سوريا خط الدفاع الأول عن أمنها القومي والمرتكز الأقوى لتمددها الإستراتيجي في المنطقة.
ولأن بقاء النظام السوري مرتبط بالمساندة الدائمة من النظام الإيراني كما أشرنا، فإنّ الأخير يشهد تراجعا في الصورة التي حاول أن يقدم فيها نفسه للغرب، كدولة إقليمية قوية تدافع عن حلفائها وتغير موازين القوى لصالحها وصالحهم، وأن بإمكانها أن تكون شريكة للغرب في مكافحة ما يسمى بالإرهاب. فما هي النتيجة الآن؟! في سوريا يشهد حليفها خسائر متوالية رغم مساندتها له بالحرس الثوري ومليشيات حزب الله وأبو الفضل العباس والمرتزقة الذين يتم تجنيدهم من أفغانستان وغيرها، وفي العراق لا يستطيع حلفاؤها رغم "الحشد الشعبي" بصبغته الطائفية مع الحكومة إحراز تقدم يذكر ضد تنظيم الدولة الإسلامية ، رغم القصف الجوي المساند لقوات التحالف، فما إن يكسبون جولة حتى يحرز تنظيم الدولة نصرا مقابلا آخر. وفي اليمن وبفعل عاصفة الحزم وتشكل المقاومة الشعبية من أبناء اليمن، فإن حلفاءهم يواجهون ورطة حقيقية.
ورغم تهديدات طهران للسعودية بالردّ على عاصفة الحزم التي تتواصل، فإنها عمليا لم تستطع فعل شيء، ويبدو أن زمن التهديدات الإيرانية قد ولّى عقب هذه العملية، بل إن هناك توقعات بعملية حزم أخرى في سوريا، بحسب مراقبين، خصوصا بعد أن انكسر حاجز الخوف العربي ضد البلطجة الإيرانية التي طغت بشكل واضح منذ أكثر من عشر سنوات.
ولاشك أنّ عاصفة الحزم وتأثيراتها التي بدأت بالظهور، واهتزاز صورة إيران التي حاولت طهران تسويقها كشرطي في المنطقة، سيكون له أثران، الأول معنوي على المقاومة المسلحة في سوريا، وآخر على الغرب الذي يبدو أنه قد بدأ يعيد حساباته فيما يخص الأزمة السورية وموقفه من الأسد ونظامه.
ويضاف إلى السببين السابقين سبب ثالث يتمثل في التقارب السعودي التركي الذي تم في الشهور الأخيرة بوجود دولة قطر، وهذا التقارب غير مريح للنظامين الإيراني والسوري وهو ما من شأنه تنسيق الجهود لدعم الثورة السورية، خصوصا مع الأنباء المتزايدة عن اعتماد السعودية وقطر وتركيا على "جيش الإسلام"، أحد أكبر الفصائل الإسلامية المسلحة في سوريا، لاسيما بعد زيارة قائده زهران علوش الأخيرة إلى تركيا، والتقائه بمسؤولين أتراك بحسب مصادر إخبارية مطّلعة.
قد لا تعدّل هذه الأمور الكفة لصالح المعارضة السورية، كما أنها قد لا تؤدي إلى سقوط نظام الأسد بين عشية وضحاها، ولكنها، ما من شك، لن تترك له الأمور تسير كما كان يحلم ويتبجح، هو والنظام الإيراني.
التوقعات بأن تسهم هذه الأمور في وضع بداية النهاية لسقوط نظام الأسد (الدخول في مرحلة الترنح)، وأن تسهم في تعديل الموقف الدولي لصالح الشعب السوري وثورته ضد جلاديه وداعميهم في المنطقة.