الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يكون التدخل في سورية عودة لحلم الشرق الأوسط الجديد؟

هل يكون التدخل في سورية عودة لحلم الشرق الأوسط الجديد؟

28.08.2013
عبدالله أحمد محمود



القدس العربي
الثلاثاء 27/8/2013
لجنة أممية للتحقيق في سورية، اجتماع اوروبي في باريس ولقاء في نيويورك، حراك غير مسبوق تشهده هذه الأيام على مستوى القوى التي كان الجميع ينظر إليها على أنها تملك مفاتيح الأزمة الجارية في سورية. فبعد موقف متذبذب غير واضح، لم تكن أمريكا تحاول به إرضاء الجميع على عكس ما يظن البعض بأنها أرادت الجميع فاغضبت الجميع، بل موقف مرده أن حالة التدمير الذاتي في سورية هي حالة تخدم الوضع بشكل كلي خاصة الحليف المقرب إسرائيل، الاتحاد الأوروبي كعادته ينتظر حتى يعرف أين تتجه البوصلة الأمريكية ويعرف الموقف واتجاهاته فيبدأ التحرك. الأمم المتحدة بدأت من لجنة للتحقيق حول استخدام الأسلحة الكيمائية. السؤال الذي قد يتبادر لمواطن بسيط في هذا العالم، ماذا كان كل هذا العالم ينتظر ليتدخل؟ ولماذا الآن بالذات؟
بعيدا عن نظريات الاسقاطات التي تعتمد دائما تخوين طرف على حساب آخر، إن أحداث التفجيرات التي شهدتها لبنان ولغة التصعيد التي تحدث بها نصر الله، إضافة للوضع في مصر والطريقة التي جزت بها السعودية بنفسها في الأمر، كلها أمور جعلت الرأي العام أمام اجندة تتعقد، فأصبح العالم الغربي بدل طمعه في استغلالها كلها لتحقيق اهدافه، اصبح خائفا أن تضيع منه. حينها قرر التدخل. عودتنا أمريكا على استغلال الأمم المتحدة فقط خدمة لأهدافها وتطويعها لتنفذ بها استراتيجياتها، ليست الأمم المتحدة فقط بل الاتحاد الأوربي، ما سيحصل الآن هو أن التحقيق معروف مآله أصلا. فما عودتنا عليه الولايات المتحدة الأمركية هو أن التقرير سيخرج واستنادا عليه ستتخذ امريكا خطوة قادمة، لها خياران العسكري والسلمي، فالأخير قد يكون من خلال قرارات ضد الحكومة السورية ورموزها في الامم المتحدة ومجلس الأمن كما قد يضم حصارا، وفي هذه الحالة لابد من التنسيق مع روسيا والوضع في الحسبان العامل الإيراني الحاضر جدا في المنطقة، وفي حال ما كان هنالك تدخل عسكري من أي نوع فإن اسرائيل وإيران في اللعبة أيضا بطريقة أو بأخرى.
التركيز على الأحداث الجارية في سورية الآن أيضا له بعد آخر هو لفت الانظار والانتباه عن ما يجري في مصر، خاصة وان كل التعليقات من جانبي الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الأوروبي ما زالت تدخل في إطار التعليقات الفارغة من قبيل نطالب ولابد وو ودون أخذ اجراءات فعلية وواقعية، وامريكا بدأت تشعر أن الحبال تتقطع في يديها، فالمنطقة ساخنة ووتموقعها فيها بدرجة من البرودة حتى الرأي العام الأمريكي امتعض منه، فلا قرار حازم بشأن سورية ولا بشأن مصر على ماتعنيه المنطقتين للوجود الإسرائيلي مثلا وما تمثلانه كعناصر مهمة في محور الشر والخير على الطريقة الامريكية. ما يحصل أن أميركا والدول الغربية ستركب التقرير حصان طروادة، ففي استخدامه لغرض التدخل نقاط مهمة، أولا قد يسأل سائل لماذا التدخل الآن فقط، فيكون الجواب، لأنه الآن فقط اكتشفنا أنه تم استخدام اسلحة كيمياوية، فلا بأس إذن ما دامت الناس تموت باسلحة غير كيمائية تبرير طبعا واه، حتى الحديث عن الموضوع جاء بعد أن اتخذ القرار بالخطوة القادمة، ثانيا: أن التقرير سيستخدم ليكون التدخل ذا طابع دولي أممي بمعنى ليست فقط امريكا ولا بريطانيا ولا غيرهما هما المعنيتان بل الرأي العام. في هذه الحالة لا تملك الجامعة العربية البائسة في ظل هذه الفترة العصيبة التي الدويلات العربية فيها مقسمة على ذاتها كما كانت دائما يدعم بعضها بعضا ضد بعض وحتى حكومات ضد شعب، لا يملك العرب قرارا كما ما ملكوه أبدا بخصوص ما قد يحصل في سورية. لا قرارا في السلم ولا قرارا في الحرب. ولا يملك مثلا مواطن بسيط تطحنه آلة الموت في سورية إلا أن يصفق ويهلل لذلك التدخل وهذا أحد الأسباب التي أجلت تدخل الغرب وتؤجله، فمن ناحية كان التفرج على التدمير الذاتي يتمتع بنوع من الإثارة خاصة والجار الإسرائيلي غير بعيد ولديه رؤية أوضح على المشهد، ثانيا ليصل المواطن السوري تلك المرحلة التي لا يهمه فيها من تدخل ولا لماذا تدخل ولا كيف سيتدخل بل يريد فقط من يرفع عنه سوط العذاب وآلة الموت التي تسومه أناء الليل وأطراف النهار.
فرنسا صرحت أنه إذا ثبت استخدام السلاح الكيميائي في سورية فإن تدخلا عسكريا يصبح ضرورة. احد أهم السيناريوهات المطروحة، أن التقرير المعروف مضمونه سلفا سيصدر، وسيقدم حتى ولو على طريقة كولن باول في العراق أدلة على أن اسلحة كيمائية استخدمت بل لربما يتحدث عن مفاعلات نووية كبرى في سورية من يدري؟ بعدها يجتمع مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة وتستصدر بعد القرارات التي ستستخدمها أمريكا والحلفاء، ولربما يكون ضمنها قوة إلى سورية أو عمليات نوعية، ثم بعض القرارات ستستهدف تقييد الحراك الروسي، الأمر الذي لم يحسنه العرب يوما. فلدغوا من نفس الحجر آلاف المرات.