الرئيسة \  مشاركات  \  هل يكون الشعب السوري الغائب الأكبر عن مؤتمر جنيف؟

هل يكون الشعب السوري الغائب الأكبر عن مؤتمر جنيف؟

04.12.2013
الطاهر إبراهيم




قبل انطلاق الثورة السورية حدد ناشطو التواصل الاجتماعي على الفيس بوك والتويتر يوم15 آذار 2011 موعدا لها. بداية الانطلاقة كان الجمعة 18 آذار، وكان تحركها خجولا في معظم المدن السورية، إلا ما كان من درعا حيث رسخ في الأذهان أنها ستكون أقل المحافظات حراكا لكثرة الوجوه البعثية فيها. لكن سوء تصرف عاطف نجيب ابن خالة الرئيس ورئيس الأمن السياسي جعل درعا رائدة ثورة آذار في سورية. كان لافتا أن أرياف المحافظات كانت الأكثر مشاركة في المظاهرات، مايعني أن الفئات الفقيرة كانت الأكثر تضررا من حكم حزب وأن الثورة كانت شعبية بامتياز منذ اليوم الأول لانطلاقتها، خصوصا أن جسم الثورة كان من الشباب وطلاب المدارس الثانوية، ولحق بهم طلاب الجامعات.
نظرا للخوف من قمع أجهزة النظام، كان الجسم المتظاهر محتاجا إلى قيادة من خارج سورية. استطرادا، كان المعارضون خارج سورية لا ينظمهم أحزاب معروفة، إلا ما كان من جماعة الإخوان المسلمين التي كان ينظمها مؤسسات (مراقب عام تساعده قيادة ومجلس شورى). المعارضون الآخرون كانوا أفرادا، قليل منهم كان مجموعة صغيرة مثل المنبر الديمقراطي. بعد انطلاق الثورة حاول معارضون التجمع في أحزاب ورقية، رغبة منهم بالقفز إلى مركب المعارضة كي لا يفوتهم قطار الثورة التي كانت تفتقد لقيادات تنظمها في تيار معارض.
الشعب السوري عانى ويلات حرب شنها عليه بشار أسد وحزب الله وميليشيات شيعية عراقية وإيرانية. ولم تكتف واشنطن أنها لم تقدم شيئا للثورة، بل منعت أقطارا عربية أن تمد الجيش الحر بسلاح فعال مضاد لطائرات ودبابات بشار أسد التي قتلت البشر وطحنت الحجر. وها هي واشنطن اليوم، تصادر حق السوريين الوطني بأن يكون لهم ممثلون منبثقين عن الشعب السوري الثائر يمثلهم وينوب عنهم في مؤتمر جنيف، هذا فيما لو وجد هؤلاء الممثلون جدوى من حضور هكذا مؤتمر.
فلا يقال الائتلاف السوري هو الممثل الشرعي عن السوريين، لأن هذه المقولة غير مبنية على أساس حقيقي، فلم يتم اختيار أعضائه مباشرة عن الشعب السوري، ليس هذا انتقاصا لأعضاء الائتلاف لكنه تأكيد للمؤكد.  بل إن الائتلاف تشكل بمباركة من واشنطن وفي حضور وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" في الدوحة أواخر شهر نوفمبر 2012.
مع ذلك فلا نتهم أعضاء الائتلاف بوطنيتهم. فهم ككل السوريين عانوا الأمرين من حكم العائلة الأسدية القمعي الفاسد على مدى أربعة عقود. لكن المآخذ على الائتلاف أنه جيء بهم ليبصموا على ما توافقت عليه واشنطن وموسكو، ولم نر منهما ما يخدم القضية السورية. استطرادا، إن "كمال لبواني" عضو الائتلاف وهو شاهد من أهله، قال في مقابلة مع ال bbc: إن 75% من أعضاء الائتلاف لا يسعهم إلا الموافقة على حضور مؤتمر جنيف وأن يصوتوا ب نعم حسب رغبة  من جاء بهم، في إشارة لواشنطن. ويعتبر كمال لبواني، من ضمن ال 75%.
أحمد الجربا،وفور انتخابه رئيسا للائتلاف صرح، كما آخرون في الائتلاف، أنهم لن يحضروا جنيف2 إلا بعد أن يتنحى بشار أسد وأن يتنحى معه كل من تلطخت يداه بدماء السوريين. لكن الائتلاف سيجد نفسه في موقف محرج إذا ما دعي إلى جنيف ولم يتنح بشار، أولم يشترط ذلك في البروتوكول الذي تشكل وفقه الحكومة الانتقالية المنصوص عنها في جنيف1. ولعل العقبة الكأداء الأهم التي تواجه الائتلاف هي رفض المقاتلين (الجبهة الإسلامية والاتحاد الإسلامي) المشكلين مؤخرا المشاركةَ في مؤتمر جنيف تحت راية الائتلاف.
استطرادا، فقد نقل "لافداي موريس" في مقال نشرته الاتحاد الظبيانية في 28 نوفمبر الماضي قول أحد قادة الجبهة الإسلامية: "أنها ليس لها علاقة بالائتلاف المدعوم من الغرب". ونقل من بيان التأسيس الذي ألقاه "أحمد عيسى الشيخ"رئيس مجلس شورى الجبهة: " إن الجبهة تكوين سياسي عسكري اجتماعي مستقل يهدف إلى إسقاط نظام بشار أسد إسقاطا كاملا وبناء دولة إسلامية راشدة". ويقول "تشارلز ليستر" المحلل المعروف في مركز الإرهاب والتمرد التابع لمؤسسة (HIS جينز): "إن الجبهة الإسلامية ستوفر تمثيلا أفضل للقوى التي تعمل على الأرض وستقوض قيادة الائتلاف الوطني".
العقيد "عبد الجبار العكيدي" القيادي في لواء التوحيد العضو في الجبهة الإسلامية استضافته قناة الجزيرة في1 ديسمبر الجاري، قال: كل الفصائل، وعدّ منها:(لواء التوحيد، صقور الشام، أحرار سورية، جبهة النصرة وجيش الإسلام، وفصائل أخرى) رفضوا المشاركة في جنيف2.
على أن القنبلة الموقوتة التي ستنفجر في وجه الائتلاف هي الشعب السوري الذي لم يحدد له الائتلاف مكانا في الطاولة التي تهيئها واشنطن لتجمع حولها من تقول أنهم يمثلون المعارضة والنظام.أما الشعب السوري وهو صاحب المصلحة الحقيقية فسيكون الغائب الأكبر عن عرس لن يكون له فيه قرص، ولا بأس أن يتم إحضار شهود زور من وجوه جاهزة يقال إنهم الشعب السوري، ولا تختلف في قليل أو كثير عن شهود الزور الذين سيحضرهم النظام إلى المؤتمر كمعارضة داخلية.
من الأمثلة السابقة يتبين أن الائتلاف حزم أمره للذهاب إلى جنيف. وإن بعض رموزه يعتقدون أن سليم ادريس رئيس أركان الجيش الحر سيكمل المهة ويحضر قادة بعض الفصائل المقاتلة، لكنها فصائل مقاتلة هامشية.
*كاتب سوري