الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يفك "داعش" عزلة الأسد ويصالح إيران والسعودية

هل يفك "داعش" عزلة الأسد ويصالح إيران والسعودية

27.08.2014
رأي القدس
رأي القدس



القدس العربي
الثلاثاء 26/8/2014
أعلن وزير الخارحية السوري وليد المعلم امس استعداد حكومته للتعاون إقليميا ودوليا لتطبيق القرار 2170 الصادر عن مجلس الأمن بشأن مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في محاولة واضحة لاستغلال المعطيات السياسية والأمنية الجديدة على الأرض لفك عزلة النظام وإعادة تأهيله سياسيا.
وشدد المعلم على ان التعاون الأمني سيكون مشروطا ب "احترام السيادة السورية" (أو مابقي منها)، وان حكومته يجب ان تكون "مركز هذا الائتلاف الدولي لمحاربة إرهاب داعش"، ملمحا إلى استعداد دمشق إلى استقبال قوات دولية لمقاتلة التنظيم "لأن الغارات لا تكفي ولايمكن ان يحاربوه بالمناظير" حسب تعبيره.
ولاحظ مراقبون ان النظام صعد مواجهته لقوات داعش في الآونة الأخيرة داخل سورية والعراق، في محاولة للظهور أمام الغرب وكأنه يتزعم الحرب ضد الإرهاب، رغم خسارته للمعركة الهامة حول مطار الطبقة العسكري التي فقد بسببها آخر وجود له في محافظة الرقة.
وحسب محللين ظهروا في قناة "الإخبارية" السورية الحكومية فان "الغرب يدرك جيدا انه لا يستطيع ان يستغني عن التعاون مع دمشق عندما يتعلق الأمر بمكافحة داعش أو الإرهاب بشكل عام في المنطقة". إلا ان ما لم يذكره هؤلاء ان السبب يكمن في ثمة علاقات قديمة تربط المخابرات السورية بزعماء داعش، وهو ما كان دعا إلى توتر العلاقات مع حكومة نوري المالكي قبل ان ينقلب "السحر على الساحر" خلال السنوات الأخيرة.
وفي غضون ذلك تتصاعد الضغوط على الساسة في الولايات المتحدة وأوروبا لاتخاذ القرار الصعب بالتحالف العملي مع الأسد ضد داعش، خاصة مع إجماع المسؤولين العسكريين على ان الغارات الجوية وحدها لا تستطيع ان تلحق هزيمة مؤثرة في التنظيم.
ودعا مالكوم ريفكند، وهو وزير دفاع بريطاني أسبق، رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى التحالف مع الأسد كما "تحالفت بريطانيا في الماضي مع ستالين لالحاق الهزيمة بالنازي".
إلا ان سؤالا بديهيا يبقى قائما وبلا إجابة بسيطة، ان كان باراك اوباما الضعيف المتردد سيتخذ القرار بالعودة إلى "المستنقع الشرق الأوسطي"، ووضع قوات أمريكية على الأرض في سورية والعراق لمواجهة داعش؟
وفي مواجهة بروز ملامح هذا التحالف "الغربي – الإيراني السوري" ضد داعش، استشعرت المجموعة العربية من "دول أصدقاء" سورية الحاجة إلى وضع خلافاتها جانبا، والبحث في مقاربة جديدة، تضمن تحييد خطر التنظيم مع التأكد من ان ذلك لن يعيد الشرعية إلى نظام الأسد، ومن هنا جاء الاجتماع المفاجئ لوزراء خارجية دول الخليج مع مصر في جدة قبل يومين.
ويبدو ان الدعوة للاجتماع التي جاءت من القاهرة تمهد لمقاربة سياسية جديدة للأزمة السورية، تقوم على التسليم بعدم إمكانية إسقاط النظام عسكريا، في مقابل تنازلات سياسية تتعلق باسلوب الحكم، وطبيعة النظام نفسه إلا ان هذه تبقى مجرد تكهنات يصعب تطبيقها على الأرض، في ظل حالة انسداد سياسي.
ويبدو ان طهران تتطلع إلى تعظيم المكسب السياسي من الغرب نتيجة تعاونها ضد داعش، بتوسيع ذلك التحالف إذ أرسلت نائب وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان إلى الرياض امس، بعد فترة من التوتر السياسي تخللها رفض وزير خارجيتها جواد ظريف دعوة رسمية لزيارة السعودية.
وتمثل هذه الزيارة، وهي الأولى منذ تولي حسن روحاني الرئاسة في إيران، بداية تقارب مهم مع الرياض قد ينعكس على ملفات إقليمة ساخنة من اليمن إلى لبنان.
ولا يمكن إنكار ان التفاعلات السياسية تبدو وكأنها تدفع باتجاه فك عزلة نظام قتل نحو مئتي ألف، وشرد نحو نصف شعبه خلال السنوات الماضية. إلا انه من الصعب على المراقب ان يتصور ان ينجح هكذا نظام دموي في ان يغسل يديه من كل هذه الدماء، أو ان ينجح في ترميم شرعيته مهما أقام من تحالفات أو حظي بدعم على أسس طائفية.
وعلى أي حال، فانه لأمر مأساوي ان يجد الشعب السوري نفسه رهينة بين سندان "داعش" وأخواتها من جماعات إرهابية، ونظام لا يقل إجراما وإرهابا عنها.
وحتى إشعار آخر، يبدو ان سورية ستظل "ساحة حرب" ليس فقط لمكافحة الإرهاب، بل وتصفية حسابات دولية وإقليمية وداخلية.