الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يمكن إنقاذ دمشق من نيرون

هل يمكن إنقاذ دمشق من نيرون

13.04.2013
ياسر الزعاترة

الدستور
السبت 13/4/2013
عندما نتحدث عن معركة دمشق، فنحن نتحدث عن معركة الحسم، وهذا يعني أننا نتحدث عن المعركة الأكثر شراسة على الإطلاق بين الثوار، وبين نظام بشار ، ومن ورائه روسيا، والأهم إيران وحزب الله اللذان سيعززان تدخلهما في هذه المعركة، وهو ما أخذا يؤكداه عبر تسريبات من هنا وهناك، في محاولة لإرهاب الثوار وداعميهم.
منذ عام ونصف العام، والنظام يستخدم سياسة التدمير الشامل للمدن التي يدخلها الثوار. بدأ الأمر بحمص، وبعدها حماة ومدن أخرى، ثم تأكد في حلب، وكل ذلك من أجل أن يبعث برسالة إلى دمشق حتى لو تتورط في منح حاضنة شعبية للثوار تمكنهم من اقتحامها، بما ينطوي عليه ذلك من تدمير شامل لها، وبالطبع بعد أن أمعن تدميرا في مناطق الريف التابعة لها إثر دخولها من قبل الثوار.
والحال أن سياسة التدمير المتوقعة في دمشق لا تعكس فقط نهج الطغاة حين يشعرون بقرب النهاية ويذهبون نحو خيار “نيرون”، بل يعكس بعدا آخر أيضا، فهنا ثمة نظام لم يُخرج من عقله فكرة الدويلة العلوية التي تدعمها إيران أيضا في حال استحال الإمساك بكل البلد، وهو ما يفرض تدميرا شاملا لمقدرات الدولة لا يمنح ورثتها فرصة مطاردة الدويلة إياها، من دون أن ننسى أن نهج التدمير كان في شق منه محاولة لفرض تسوية على الثوار تحافظ على مصالح روسيا وإيران، وهي التي لم تعد قائمة بشكل جدي، وإن ظلت موضوعة على الطاولة بالنسبة لبعض القوى الدولية التي تريد من خلالها تحديد شكل سوريا الجديدة حتى لا تكون مزعجة للكيان الصهيوني أو لمصالح الغرب في المنطقة.
ما نريد قوله في هذه السطور هو أن على قوى الثورة ألا تستسلم لخيار التدمير الشامل لدمشق، ويجب أن تفعل المستحيل من أجل تجنيب المدينة هذا الخيار المخيف، من دون أن يعني ذلك الاستسلام أو القبول بحل سياسي بائس كالذي تعرضه روسيا وإيران، ولا حتى تجنب اقتحامها إذا توفرت الفرصة، لاسيما أن إطالة أمد القتال لن يعني غير تدمير بالتقسيط، ولن يعني غير مزيد من التضحيات والمعاناة. والأسوأ أن إطالة أمد المعركة في دمشق سيرتب تهجيرا جماعيا للناس، ومعاناة لا يعلم بها إلا الله. وقد بدأت عمليا ملامح هذا التهجير من خلال تدفق الكثيرين ممن لجأوا إلى المدينة من الريف؛ تدفقهم نحو الأردن ومناطق أخرى فرارا من الموت.
في ضوء هذا الوضع المعقد، لا بد من خطة محكمة ومدروسة يتم من خلال تجاوز الحساسيات الفصائلية، لاسيما بعد موقف جبهة النصرة الأخير، وتؤدي إلى إسقاط النظام، مع إنقاذ المدينة من خيار التدمير، ولا شك أن لذلك مسارا يتمثل في استمرار التقدم من مسار درعا وصولا إلى المدينة على نحو يبث اليأس في أوصال النظام، فيما يتمثل مسار آخر في خطة محكمة تخترق المدينة من الداخل (مع تقدم الثوار من الخارج)، وتفضي إلى شل النظام وإنهائه دون كثير تدمير. وفي الحالين يكون مسنودا بفعل شعبي عنوانه العصيان المدني.
لسنا من أهل الخبرات العسكرية حتى نقول للثوار ما عليهم أن يفعلوا، لكننا نعتقد أن اختراق المدينة بأعداد كبيرة من المقاتلين الذين ينتظرون لحظة الحسم يُعد خيارا مناسبا، مع توجيه نداءات لمن تبقى من الجنود في الجيش كي يتمردوا على أوامر النظام، بل توجيه نداءات للضباط العلويين بأن من الأفضل لهم الانقلاب على النظام وتسليم السلطة بدل خيار الانتحار الجماعي.
ربما كان من المناسب، أيضا، وقد قلنا هذا مرارا، أن يلجأ الناس إلى خيار العمل الشعبي لإرباك النظام، وذلك عبر فعاليات سلمية تدريجية وصولا إلى العصيان المدني في المدينة لإسقاط النظام.
إن العصيان المدني الشامل من قبل أهل المدينة عبر نداءات وترتيبات تقوم بها قوى المعارضة قد يؤدي إلى إسقاط النظام، وتجنيب المدينة خيار التدمير الشامل، ومن الضروري أن يجري التفكير مليا بهذا الخيار، وفي ظني أن الناس قد تستجيب له، ليس فقط كرها في النظام، وإنما وعيا منها ببؤس الخيار الآخر.
في ذات السياق، ربما يكون الموقف الأردني مهما لجهة حسم الموقف لصالح الثورة، ودعم تقدم أكبر للثوار من جهة درعا؛ الأمر الذي سيؤدي إلى تيئيس أركان النظام من إمكانية الصمود، فيما قد يسهم أيضا في تسهيل نجاح فكرة العصيان المدني.
هي محاولة للتفكير، وربما تشجيع العصف الذهني من أجل إنقاذ دمشق، هذه المدينة الطاعنة في العظمة والتاريخ؛ إنقاذها من حرائق نيرون العصر الذي لا يرقب فيها إلا ولا ذمة؛ لا هو ولا داعموه في طهران (وحلفاؤها أيضا)، ممن وضعوا أنفسهم في مواجهة غالبية الأمة دون ذرة من عقل أو رشد.