الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يمكن تطبيق نموذج الاتفاق الكيماوي على النووي؟

هل يمكن تطبيق نموذج الاتفاق الكيماوي على النووي؟

18.09.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الثلاثاء 17/9/2013
قبل ان يجف حبر اتفاق جنيف الذي توصل اليه وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف وامريكا جون كيري لنزع ترسانة الاسلحة الكيماوية لدى نظام الرئيس السوري بشار الاسد، بدأت الاقلام في واشنطن وموسكو وتل ابيب وطهران تحلل امكانية تطبيق هذا النموذج المصغر على قضية اكبر بكثير وهي البرنامج النووي الايراني.
فالرئيس الروسي الذي بدا مزهوا بتعاظم دوره على الساحة الدولية، اثر تحمل روسيا للمرة الاولى منذ سنوات مسؤولية تسوية ازمة دولية خطيرة، سارع للترحيب باستعداد ايران احراز تقدم لتسوية القضية، مؤكدا على حق طهران الاستخدام السلمي للطاقة الذرية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم، ويبدو على اهبة الاستعداد للانطلاق بمهمة جديدة.
وبالنسبة للرئيس الامريكي باراك اوباما، فقد اظهرت ازمة الاسلحة الكيماوية ان الدبلوماسية يمكن ان تؤدي لنتائج ايجابية، اذا ما اقترنت بتهديدات عسكرية، رغم علمه ان المسألة النووية اكبر بكثير من قضية الاسلحة الكيماوية.
اما رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو فعلى عكس بوتين واوباما، يخشى ان تجد ايران في عدم تنفيذ التهديد بالعمل العسكري ما يشجعها على مواصلة نشاطها النووي، ملوحا بامكانية توجيه اسرائيل منفردة ضربة عسكرية، اذا اخفقت العقوبات الغربية في الحد من طموحات ايران النووية.
الرئيس الايراني حسن روحاني الذي راقب عن كثب تحركات بوتين وفهم ان روسيا لن تدع امريكا تتصرف منفردة بالشرق الاوسط، وقرأ بتمعن استبعاد الغرب والرأي العام في الدول الغربية لخيار الحروب، بدا اكثر شفافية واقل مواجهة من سلفه محمود احمدي نجاد، ولم يتردد بارسال تهنئة للشعب اليهودي بعيد الغفران.
لا بد ان الدوائر الدبلوماسية في ايران بدأت الاعداد لاسلوب جديد بالعمل، خاصة وانها بدت مرتبكة بازمة الاسلحة الكيماوية السورية، فقد اختبأت وراء التحركات الروسية، ولم تظهر اي تشجيع للاسد على المناورة ووضع عراقيل للاحتفاظ بالسلاح الكيماوي.
كما ان على الدبلوماسية الايرانية التعامل مع مواقف دولية متناقضة، فالاشارات الدبلوماسية الامريكية لايران لم تنعكس على الموقف الاسرائيلي، الذي يفضل مواصلة التلويح بالعمل العسكري، كما ان طهران، على عكس دمشق، لن تستطيع ايصال الامور لحافة العمل العسكري، اضافة انه ليس من المرجح ان تكون ادارة الازمة النووية في واشنطن، مثلما كانت ادارتها للازمة الكيماوية. ففي الازمة الكيماوية السورية لم يظهر الكونغرس اي حماس للعمل العسكري، كما ان اللوبي الاسرائيلي في امريكا لم يستنفر قوته للضغط على اصحاب القرار والمشرعين لتوجيه ضربة لنظام الاسد، في حين سيكون الوضع مختلفا بالنسبة لايران، فالكونغرس والادارة الامريكية بشكل عام ستظهر حزما اكبر، واللوبي سيتحرك ويحرك بشراسة اتباعه بالكونغرس والاعلام.
تجربة مصالحة الازمة الكيماوية، اعطت ايران بعض الدروس، ولكنها لم تعطها اي مكسب، سوى الاعتماد والالتصاق اكثر بروسيا ومصالحها.
وعلى خلاف الولايات المتحدة، لا توجد مشكلة روسية مع النفوذ الاقليمي لايران في المنطقة، في حين تعتبر واشنطن ان توسع النفوذ الاقليمي لايران، خاصة في العراق تم بدون ارادتها.
صورة التوجه والدبلوماسية الايرانية ستكون واضحة خلال الايام المقبلة فمندوب ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية رضا نجفي اكد ان بلاده ستتعاون مع الوكالة في اجتماعها الجديد يوم الاثنين المقبل، ويترافق ذلك مع لقاء خلال ايام بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف ومسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون، وستكون قمة التحركات الايرانية في خطاب يلقيه الرئيس روحاني في وقت لاحق هذا الشهر في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، يأمل من خلاله ومن خلال لقاءاته باروقة الامم المتحدة ان يذيب الجليد بعلاقات بلاده بالغرب، كخطوة اولى في طريق دبلوماسي لن يكون سهلا، ومن المبكر جدا الحديث عن امكانيات نجاحه.