الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل ينجو الأسد؟

هل ينجو الأسد؟

12.04.2014
د. خالص جلبي


الاتحاد
الاربعاء 9/4/2014
إنه سؤال مؤرق يطرحه "ديفيد دبليو ليش" في كتابه "سقوط مملكة الأسد": ماذا سيحدث لو لم يسقط الأسد بالفعل؟ في رأيي أنه سؤال استدرك به الاحتمالات التي يمكن أن تضفي على كتابه المصداقية، بعد أن رصع عنوان الكتاب بـ"حتمية" سقوط عرش الأسد. إنه يذكرني بجواب ملكة سبأ حين سئلت عن عرشها، بعد أن طار بسرعة الضوء من قاعتها إلى صالة سليمان. أدركت الحكيمة أنها أمام تطور تقني لا تعرفه؛ فكان جوابها موجزاً حكيماً: "كأنه هو"! إنها في العتبة بين وجوده وعدمه؛ فكيف يمكن لعرش يبعد آلاف الكيلومترات أن ينتقل من اليمن إلى فلسطين؟ لكن الرؤية العيانية تقول إنه هو! نظرياً لا يعقل أن يكون هو، لكنه مادياً ينتصب أمامها؛ فكان الجواب الحكيم: "كأنه هو"، وهذا من أسرار تفاعل اللغة مع العقل.
كذلك فعل صاحب الكتاب عن وجود احتمال أن ينجو الأسد من مقصلة التاريخ، لكن كيف وصل إلى خلاصة السقوط، حتى لو بقي طاغية دمشق في مكانه، وانطفأت الثورة السورية أو سحقت؟
لقد عمد في مقدمة الكتاب إلى تأكيد سقوط عائلة الأسد في الارتهان التاريخي حتى لو بقي هو أو أحد منها في موقع الرئاسة على الشكل التالي: "مضيت في اعتماد هذا العنوان لسبب آخر، هو أنني رأيت أن حكم بشار الأسد قد سقط بالفعل، بغض النظر عن بقائه في السلطة من عدمه. وهكذا تنتهي حقبة حكم بيت الأسد التي استمرت أكثر من أربعين عاماً".
يذكر "ليش" أنه سافر إلى سوريا على مدى ربع قرن بانتظام، كما كتب عنها الكثير، ومنه كتاب "بشار الأسد وسوريا الحديثة". وإلى ذلك يقول، إنه استطاع معرفة الأسد الابن أكثر من أي شخص آخر في الغرب، وواصل الاجتماع به على نحو منتظم بطلب منه، كما تعرف على زوجته ومسؤولين رفيعي المستوى، ليراه أخيراً وهو يحصد الأرواح. وفي هذا الخصوص يقول: "تميز رد فعلي الأول بخيبة الأمل والحزن وفي النهاية بالغضب؛ الغضب من شخص في موقع يؤهله لدفع بلاده إلى الأمام لكنه فشل في ذلك؛ بل على العكس؛ أوقف تقدمها! لم ينخرط الأسد في المستقبل بشكل خلاق وشجاع؛ بل اختار طريقاً على منوال ما انتهجه كثير من حكام الشرق الأوسط".
أما ما حدث في سوريا، فيرى "يتطلب جيلاً كاملاً لفك خيوطه"، ذلك أن "بشار الأسد، الشخص الذي عرفته وأحببته، أثبت أنه انتهى منذ مدة طويلة، ومعه الأمل الذي أثاره لدى وصوله إلى السلطة، وخسر آل الأسد أي شرعية بقيت لهم؛ لأنهم خسروا انتدابهم في الحكم، ولن تكفيهم العودة إلى الوضع القائم، ولو طعموه ببعض الإصلاحات السياسية. بات موقع الرئاسة السورية شاغراً، سواء احتله شخص من آل الأسد أم لم يحتله".
أما من يقاتلون النظام، فقد شعروا بأن العالم تخلى عنهم، ما جعلهم يسمون انتفاضتهم "الثورة اليتيمة".
العبرة في مصير أي ثورة هي بالنتائج، ولو نجا الأسد فسيخضع لقانون النهايات؛ إذ تم طي حقبة دولة المخابرات الأسدية إلى غير رجعة، ولو بتكلفة باهظة جداً.
"قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ" (يونس 49).