الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل ينحصر دور النخبة السورية في نقد معارضتها؟

هل ينحصر دور النخبة السورية في نقد معارضتها؟

21.12.2015
وائل مرزا



المدينة
الاحد 20/12/2015
هل ينحصر دور النخبة السورية في نقد معارضتها؟ نعم..الثورة السورية تمر اليوم في (منعطفٍ) تاريخي، حتى لو كان الوصف مُستَهلكاً ويدخلُ، لدى بعض النخبة السورية، في إطار (الكلام الخشبي) القديم.
نعم أيضاً، لحقيقة أن (النقد) يُعتبر ممارسةً سهلةً في آخر المطاف. لايعني هذا أنه ليس مطلوباً وضرورياً، ولايتضارب مع إلحاحِ استمراره ووجودهِ على الدوام. لكن ثمة حداً أدنى من التوازنات فيما يتعلق بطبيعته ودوره يجب أخذُها بعين الاعتبار.
فنقدُ المعارضة يكون بناءً ومثمراً ويؤدي دورهُ الأصيل حين لايترك القارىء، والسوريين بشكلٍ عام، معلقين في أجواء التشاؤم والسلبية والهجاء والسوداوية المُطلقة، ثم ينصرفَ عنهم ولسانُ حاله يقول لهم: عملتُ ماعلي، و(دبروا) أنتم أنفسكم، وابحثوا عن حلٍ لمشاكل ثورتكم..
لايمكن لثورةٍ أن تتقدم لتحقيق أهدافها و(نُخبتُها) المثقفة غارقةٌ في النقد بشكلٍ تطغى عليه الأجواء المذكورة أعلاه، خاصةً في المراحل المصيرية الحساسة كما هو عليه الحالُ الآن.
لايتضاربُ هذا، في الفكر السياسي المناضل، والمحترف، مع الإقرار بكل ماحصل في المراحل السابقة من اختلافات، وخلافات، عميقة وجذرية، بين حاملي لواء الثورة في كل مجال، شخصياً، ومصلحياً، ومبدئياً، وأيديولوجياً، وحزبياً، ومناطقياً.. ولا مع (إمكانية) استمرارها في المستقبل.
لكن (كل) ماحصل.. لايمثل (لعنةً) تاريخيةً نهائيةً أصابت سوريا وشعبها وثورتها، كأنها قدرٌ لافكاك من آثاره التدميرية، بالطريقة التي يفكر بها سوريون كُثُر.. وبالطريقة التي يوحي بها بعض نقدٍ يصدر عن مثقفين متميزين..
وماحصلَ لايجب أن يكون، أبداً، مدعاةً ل (الاستقالة) من الثورة، ولاينبغي أن يدفع للتركيز، ولو بدون قصد، على إشاعة مثل تلك الأجواء. فهذه طريقةٌ في التفكير ليست، فقط، مدخلاً لليأس والإحباط والسلبية في أعلى درجاتها، وإنما هي أيضاً، مع الاعتذار، نوعٌ من التفكير الطفولي الذي لايليق بشعبٍ بدأ ثورةً من أعظم ثورات التاريخ.
نحن، في سوريا، نعيش (نصيبنا) من قصة البشرية على هذه الأرض. بكل مافيها من صراعٍ وتضحيات وآلام عاشت المجتمعات مثلها.
ومفرق الطريق يكمن في قدرة السوريين اليوم على توظيف الظروف الراهنة لاستعادة شيءٍ من زمام المبادرة. تماماً كما فعلت شعوب كثيرة.
بكلامٍ أوضح. مهما كانت ملاحظات البعض على واقع المعارضة وممارساتها قبل وأثناء وبعد مؤتمر الرياض، نحن اليوم، كسوريين، أمام مرحلةٍ جديدة فيها من المخاطر والمزالق مثلما كان عليه الحالُ على مدى خمس سنوات. لكن فيها، بالمقابل، كموناً لم يكن موجوداً قبل ذلك. وإذا كنا نعتقد أن أداء المعارضة لن يكون أفضل، فهذا أدعى لأن يساهم الجميع بشكلٍ إيجابي في تحسين ذلك الأداء.
هل يبدو فعلاً أن البعض / الكثيرين تعلموا من دروس التجربة السابقة؟ لاندري على وجه الدقة، فهذه ليست غاية المنى. والكلام لايحمل دعوةً للأحلام والتوهم بأن مايجري هو عينُ الكمال.
لكن مايجري حتى الآن جيد، إذا كنا واقعيين، وحاولنا أن نفهم منطق التاريخ وآليات التطور الثقافي لدى الشعوب.
وماحصل، بتفاصيله المعروفة، من اجتماع أكبر حجمٍ ممكن لممثلي المعارضة السياسية والعسكرية، يمثل خطوةً على الطريق الصحيح،أخيراً. وعلى السوريين ألا يزهدوا في دلالالتها وكُمُونها، مهما كانت ملاحظاتهم مشروعةً على المعارضة، ومهما كان عَتبُهم كبيراً عليها.
آن للسوريين ألا يُحاصروا أنفسهم، وشعبهم، وثورتهم، ووَطنَهم، في مقولات تقليدية مختلفة مؤداها في النهاية أن "كل هذا عبث، وكلام فاضي، ولن ينتج عنه شيء".
لم يكن المجلس الوطني ولا الائتلاف، في نهاية المطاف، مُلكاً للأعضاء، ولا (الهيئة العليا للتفاوض) ملكٌ لفلان أو علان اليوم. وإنما هي جميعاً مُلكٌ لسوريا وثورتها ونُشطائها وأهلها. وإذا كان هذا الكلام، في نظر البعض مثالياً وطوباوياً، فإن هذا لايغير الحقيقة المذكورة، وإنما يُعبر عن (رجعيةٍ) تعود بنا للوقوع في فخ ثقافة السلبية واليأس التي يُفترض أن الثورة قامت عليها، قبلَ أي شيءٍ آخر