الرئيسة \  تقارير  \  هل يوجد في الإسلام فاشية ؟

هل يوجد في الإسلام فاشية ؟

22.04.2013
هيثم عياش


برلين /‏21‏/04‏/13
تعتبر دار نشر / بريل / التي تتخذ من مدينة لايدِن الهولندية مقرا لها اقدم دار نشر اهتمت بالدراسات الاسلامية وعلوم الاستشراق في اوروبا ، يعود تأسيسها الى عام 1683 على يد مجموعة  من المستشرقين الالمان وغيرهم من الاوروبيين واكثرهم من اليهود . كان لهذه الدار فرع كبير بمدينة كولونيا الالمانية الا انها جراء ضائقة مالية أغلقت ابواب فرعها الكولوني في عام 1994 . استطاعت هذه الدار نشر مخطوطات البحر الميت التي عثر عليها احد الرعاة الفلسطينيين بمنطقة قمران عام 1956 وكان يطلق على هذه المخطوطات مخطوطات قمران ومخطوطات دمشق لورود اسم هذه المدينة بشكل كبير فيها    وحرص الكيان الصهيوني ابقاءها سرية الا ان سمح لدار نشر بريل بنشرها عام 1994 حيث وصل سعر النسخة منها  بالعملة الالمانية القديمة الى حوالي خمسمائة مارك أي  ما يعادل مائتين وخمسين  يورو /. وتستقطب هذه الدار جل الذين ينتقدون الشريعة الاسلامية والحركات الاسلامية سواء كانوا عربا او أوروبيين مثل المصري نصر ابو زيد وساهمت بنشر كتاب / فتنة / لزعيم القوميين الهولنديين جيرت فيلدريز وغيرهم ،وتصدر هذه الدارمجلة دورية تحت / اسم العالم الاسلامي / .
وفي عددها الذي نشرته مؤخرا حول دراسة عن الفاشية والنازية  وأثر الاسلام عليهما للكاتب اليهودي جوزيف  كروتورو  المولود في حيفا الفلسطينية عام 1960 ويعمل حاليا محررا في صحيفة / فرانكفورتر الجماينه / .
ويعتقد كروتورو ان الفاشية والنازية التي اشعلت الحرب العالمية الثانية في اوروبا متأثرة بالاسلام الذي تعتبر تعاليمه مصدرا للحركات القومية في العالم مستدلا على ذلك آراء بعض الفلاسفة وعلماء التاريخ الاوروبيين الذي يصفون الاسلام بانه دين حرب لا غير.
هذه الآراء التي نشرتها المجلة في عددها الذي وزعته بداية  شهر نيسان/ابريل الحالي كانت وراء ندوة دعا اليها جمعية المستشرقين الالمان وبمشاركة / المحرر/ هذا اليوم الاحد 21 نيسان/ابريل بالقرب من العاصمة برلين نوقش من خلالها آراء كروتورو الذي اعتذر عن المشاركة لحجج واهية . فاستاذ علوم مادة الاسلام والعربية  في جامعة مدينة هومبولدت بيتر هاينه الذي درس العربية في الجامعة المستنصرية ببغداد ثم درس بها ، رأى ان اتهام المسلمين بالفاشية والنارية أي التعصب للقومية مصدره حوادث 11 ايلول/سبتمبر من عام 2001 فاعداء هذا الدين لم يصدروا آراؤهم المادية للاسلام بشكل علني الا بتشجيع من الرئيس الامريكي السيء الصيت جورج بوش / الابن / فقد اخذت اقلام اولئك الكتاب تتهم الاسلام والمسلمين بالارهاب والعنف وعداوة الحضارة وسلطة الشعب / الديموقراطية / والحريات العامة  واتهام المسلمين بالعنصرية كلام غير منطقي ومناقشته تعتبر بدون طائل فهي لا تستند الى وقائع علمية وميدانية فالتاريخ الانساني ينكر تماما بأن المسلمين عنصريون .
استاذ علوم الاسلام في جامعة بيرن السويسرية الالماني  راينهارد شولتسه يؤكد ان جميع الثورات التي ظهرت في اوروبا وفي مقدمتها ثورة الفلاحين في القرن السادس عشر ومن ثم الثورة الفرنسية وزعامة نابليون بونابرت لاوروبا كانت ثورات سياسية  دينية تأثرت بالاسلام السياسي الا انه لا احد من المؤرخين وصف محرضي تلك الثورات بالعنصرية ومن يزعم بأن الجماعات الاسلامية التي وقفت  وراء انتفاضات بعض الشعوب العربية   فيما يطلق عليه بـ / الربيع العربي / عنصريون لا يعرف عن الاسلام شيئا فالعنصرية فكر متجمد غير قابل للانفتاح فالنازية الالمانية التي تزعمها ادولف هتلر والفاشية الايطالية  بزعامة موسوليني كانت حركات قومية بحتى ليست لها علاقة بالدين بالرغم من استغلالهم له .
ويؤكد  خبير منطقة الشرق الاوسط والاسلام اودو شتاينباخ الى ان الافكار المعادية للاسلام التي تتهمه بالفاشية والعنصرية مصدرها جورج بوش / الابن / فهو كان يرى بحوادث 11 أيلول/ سبتمبر من عام 2001 بداية حرب للثقافات التي اعلنها السياسي الامريكي صموئيل هونينغتون عام 1995 بمعهد هيرهاوزين بفرانكفورت واكد وقوعها خلال شهر تشرين اول/ اكتوبر من عام 2001 ببرلين فالرئيس الامريكي السابق لم يكن ليشن الحرب ضد المسلمين الا من خلال زعامته الادارة الامريكية ومن خلال ادعاءاته تمسكه بتعاليم المسيحية التي يدافع عنها فهو بنظر الكثيرين من المتعصبين المسيحيين في الغرب مثل كارل مارتيل الذي انتصر على المسلمين بمعركة بواتييه التي تسمى بـ /بلاط الشهداء / في القرن الثامن  الميلادي ومثل الامير ايجور من اسرة هابسبورج الذي ارغم العثمانيين من فك حصارهم لفيينا بالقرن السادس عشر مقدسا وكل اولئك الذين يتهمون المسلمين بالعنصرية والفاشية متعصبون فهتلر وموسوليني وبوش يعتبرون انبياء تعاليم  القومية والفاشية والنازية .
ويدحض احد الصحافيين الذين شاركوا بندوة هذا اليوم تلك الآراء بعنصرية السعودية وقطر وتركيا وغيرها من الدول الاسلامية التي مدت ايديها لمساعدة المسلمين في البلقان وروسيا والصين وسوريا حاليا ، فالكنيسة كانت وراء دعم ثورات شعوب اوروبا ضد الشيوعية ولم يتهم احد من المفكرين والسياسيين في  الغرب او من المسلمين  الكنيسة بالفاشية والتعصب والفكر القومي الذي دعا اليه سياسيون في الدول العربية مثل انطون سعادة صاحب الحزب القومي السوري وميشيال عفلق وصلاح البيطار اصحاب حزب البعث انما تأثروا بالفكر القومي الذي كان سائدا في اوروبا زمن الحربين العالميتين الاولى والثانية والشعوبية التي ظهرت في العالم الاسلامي العربي ونقصد بذلك منطقة الشرق الاوسط انما خرجت من رحم الفكر القومي الاوروبي لتقسيم العالم الاسلامي .
ولا تعتبر هذه الافكار المناوئة للاسلام الذي يعتبر دينا منفتحا على الحضارات والثقافات اكثر منالديانتين اليهودية والنصرانية بجديدة فالفيلسوف والدبلوماسي الالماني كونستانتين فرانتس / 1817- 1891/ صاحب فكرة اعادة  قيام الامبراطورية الرومانية المقدسة التي انتهت عام 1806 كان يرى بمستشار الرايخ اوتو فون بسمارك / 1815 – 1898 – الذي كان يلقب بالمستشار الحديدي / صاحب  توحيد الولايات الالمانية  بالقوة مثل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي أنشأ اول دولة اسلامية على الاطلاق بتاريخ الانسانية واستطاع من المدينة المنورة توحيد الجزيرة العربية من خلال دخول العرب بالاسلام معتقدا بان بسمارك هذا كان قوميا عنصريا ولم يكن متفتحا على حد آراء المعادين للاسلام والمنافحين عن اتهامه بالعنصرية.