الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هيئة لشؤون اللاجئين

هيئة لشؤون اللاجئين

02.03.2016
جمانة غنيمات


الغد الاردنية
الثلاثاء 1/3/2016
واضح تماماً التزايد في أعداد النازحين السوريين نحو الحدود، سعياً إلى اللجوء للأردن. فخلال أسابيع فقط، قفز الرقم إلى حوالي 26 ألف نسمة، وفقا لما أعلنه ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المملكة أندرو هاربر. مع توقع ارتفاع العدد أكثر خلال الفترة المقبلة، تبعا للتطورات على الجبهة الجنوبية لسورية.
الوضع القائم يتمثل في أن الأردن، وبالتنسيق مع "المفوضية"، يقوم بإيصال الاحتياجات الأساسية المطلوبة لهؤلاء النازحين الذين فروا من ويلات القتل والدمار، بحيث يتوفر لهم، بالحد الأدنى، غذاء ودواء وسواهما. لكنهم، رغم ذلك، يكابدون ظروفا صعبة ومعقدة في المخيمات التي يقيمون فيها داخل أراضي بلدهم.
الموقف الأردني في التعامل مع حركة اللجوء الجديدة جليّ، ويقوم على ركيزتين. الأولى، أن دخول اللاجئين لم يعد متاحاً على النحو الذي ساد خلال سنوات مضت، بحيث ارتفع العدد لحوالي 1.3 مليون لاجئ، منهم 630 ألفا مسجلون لدى "المفوضية" كلاجئين. وترتبط بذلك أو تفسره الركيزة الثانية، والمتمثلة في أولوية الحفاظ على الأمن الأردني، التي باتت مسألة تتقدم على الوضع الإنساني السيئ للمهجّرين، لكن من دون إغفال هذا الوضع بالتأكيد.
كما ذكرنا، فإن أعداد اللاجئين مرشحة للزيادة خلال الفترة المقبلة. أما عودتهم لوطنهم فيحكمها الكثير من العوامل. مع الإشارة، مجدداً، إلى ما تؤكده الدراسات والقراءات التحليلية المتخصصة، بأن نصف اللاجئين لا يعودون إلى بلدهم، حتى إن عادت الأمور إلى مجراها الطبيعي، نسبياً، لاسيما توقّف إطلاق النار والاقتتال.
اللاجئون السوريون الذين غادروا وطنهم يشكلون أضخم حركة لجوء في التاريخ الحديث. والوضع القائم يؤكد أن كثيرا منهم لن يعودوا لسورية، لأن آلاف الأطفال ولدوا في بلدان اللجوء، ومنها الأردن طبعاً. ويستوي مع هؤلاء من يلجأون بأعمار صغيرة، لينشأوا ويكبروا في المملكة. فكيف لنا تخيّل عودة هؤلاء خصوصا؟ ناهيك عن أن توقف الحرب ما يزال يبدو بعيداً، ستليه سنوات طويلة جداً لإعادة الإعمار.
القصد هو أن اللاجئين باتوا يشكلون نحو ثلث سكان الأردن؛ لهم متطلباتهم واحتياجاتهم. إذ تشير أرقام التعداد السكاني الأخير إلى أن غير الأردنيين يشكلون حوالي 30 % من إجمالي السكان؛ نصفهم من السوريين (1.3 مليون نسمة)، ويتركز أغلبهم في محافظة العاصمة (436 ألفا)، تليها إربد (343 ألفا)، ثم المفرق (208 آلاف)، فالزرقاء (175 ألفا). فيما يبلغ عدد المصريين حوالي 636 ألفا، يتركز أغلبهم (390 ألفا) في عمان. ويبلغ عدد الفلسطينيين الذين لا يحملون رقما وطنيا 634 ألفا. ويضاف لكل هؤلاء لاجئون سودانيون وعراقيون وغيرهم.
ووجود كتلة بشرية يبلغ تعدادها 3 ملايين من غير الأردنيين، لاجئين وسواهم، من مجموع سكان المملكة البالغ 9.5 مليون نسمة، يعني الحاجة لوجود خطة واضحة لإدارة شأن هذه الملايين، بخلاف ما نراه اليوم من تشتت لهذا الملف بين مختلف المؤسسات والوزارات، بشكل يؤدي إلى غياب القدرة على تقديم رؤية أردنية موحدة بهذا الخصوص، ويضعف خطابنا، أمام مجتمع المانحين.
هذه الخطة المطلوبة بشكل ملحّ، تحتاج رؤية جديدة، عمادها إنشاء هيئة -ولو مؤقتة- لإدارة شؤون اللاجئين على الأرض الأردنية، تتبع رئاسة الوزراء مباشرة؛ تكون مهمتها أساساً تقديم توصيف دقيق لحجم اللجوء، وتبعاته السلبية، والأعباء التي يتحملها البلد نتيجة ذلك؛ كما السعي، في الوقت ذاته، إلى تحديد القيمة المضافة لوجود اللاجئين، كلياً أو جزئياً. أي إن الهدف هو تحديد نقاط الضعف والقوة، ليتم استناداً إلى ذلك وضع الخطط المناسبة لإدارة هذا الملف الكبير بكفاءة تطال جميع تفاصيله.
في الماضي، خصصنا وزارة لشؤون المغتربين تتبع لوزارة الخارجية، وهذا جيد، مع فارق أن المغتربين مصدر دعم للبلد واقتصاده، فيما اللاجئون ملف شائك معقد، ذو تبعات كبيرة، لكن تتوزع إدارته على خمس أو ست وزارات، ما يجعل الجهود المبذولة بشأنه غير منظمة.
هيئة لشؤون اللاجئين فكرة قد تُجابَه بالرفض من أكثر من طرف، وربما تسقطها البيروقراطية العميقة. لكنها، عملياً ومنطقياً، تبدو حاجة ملحة للتعامل مع ملف اللجوء الذي لا يبدو أنه سينحسر خلال الفترة المقبلة.