الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وإلا ماذا؟

وإلا ماذا؟

01.11.2014
فهد الخيطان



الغد الاردنية
الخميس 30-10-2014
من جديد، يصرخ الأردن في وجه المجتمع الدولي؛ لقد أنهكنا اللجوء السوري، ولم نعد نحتمل المزيد، ساعدونا على تحمل العبء وإلا. وإلا ماذا؟
نغلق الباب في وجه اللاجئين، ونتراجع عن سياسة الحدود المفتوحة؟ ليس واردا مثل هذا الخيار على ما يبدو. نلوح ونهدد، لكننا نعود ونؤكد التزامنا باستقبال المزيد من اللاجئين السوريين، وإن بأعداد أقل بكثير من السابق.
نربط سياسة الحدود المفتوحة بمستوى الاستجابة الدولية لاحتياجاتنا، والتي قدرها المسؤولون بخمسة مليارات دولار للأعوام 2014-2016؟ لم نقل ذلك صراحة؛ لا بل إن الإبقاء على الحدود مفتوحة لاستقبال اللاجئين السوريين أصبح شرطا رئيسا لتدفق المساعدات الأميركية للأردن. لكن من جانب آخر، فإن ملف اللاجئين السوريين أنقذ الحكومة من مراجعات أكثر صرامة مع صندوق النقد الدولي، الذي تساهل في تمرير دفعة جديدة من القرض للحكومة لقاء تحملها أعباء اللجوء.
في خطابه أمام المجتمعين في مؤتمر برلين أول من أمس، عاتب وزير الخارجية ناصر جودة المجتمع الدولي بمرارة، ولم يبقَ غير أن نذرف الدموع، ليدرك المانحون قدر معاناتنا من استضافة نحو مليون ونصف المليون لاجئ سوري. "إشكالية الأرقام تبرز مرة أخرى في الخطاب الرسمي" لكن لا يهم، فالمشكلة قائمة بهذا العدد أو نصفه.
المهم أننا ما نزال بلا رؤية واضحة في موضوع اللاجئين. هل نريد إغلاق الحدود حقا؛ أم أننا نهدد للحصول على مزيد من المساعدات؟ لو أغلقنا الحدود مثلا، هل تستمر المساعدات، أم سيعاقبنا المجتمع الدولي، وعندها نحمل عبء اللجوء منفردين؟
لقد دخلنا في دائرة مفرغة، لا نملك سبيلا للخروج منها. التراجع عن سياسة الحدود المفتوحة قرار متأخر، يحمل من الأضرار أكثر مما يجلب من المنافع. التقنين خيار واقعي، لكن الأعداد في تزايد، ويكفي ما هو موجود لاستمرار معاناتنا وتفاقمها.
إن الجانب الأكبر من المشاكل المترتبة على اللجوء لا يمكن التغلب عليه بالمساعدات المالية؛ فهي مشاكل غير مباشرة، وتتصل بالتغييرات الديموغرافية العنيفة التي تصيب المجتمع، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية غير المنظورة. المساعدات والمنح الدولية تفي إلى حد كبير بالحاجات المباشرة للاجئين، لكنها لا تغطي أكثر من ثلث احتياجات المجتمعات المستضيفة.
بيد أن المجتمع الدولي لا ينظر بكثير من الاهتمام لهذا الجانب؛ فالمنظمات الإنسانية العاملة في الأردن تحرص على توجيه المساعدات بشكل مباشر إلى تجمعات اللاجئين السوريين. عدد محدود جدا من الدول المانحة خصصت بندا في ميزانياتها لدعم موازنة الأردن. لكن مهما بلغت هذه المساعدات، فإنها لا تحيط بحجم المشاكل البنيوية المترتبة على اللجوء السوري.
جودة على صواب حين قال إن الحل السياسي للأزمة السورية هو الكفيل بحل الأزمة الإنسانية، وعودة اللاجئين والمهجرين إلى ديارهم. لكن وزير الخارجية يعرف قبل غيره أن الحل السياسي في سورية بعيد المنال في المدى المنظور، والأزمة الإنسانية مستمرة أيضا. الأردن ودول الجوار الأخرى ستبقى تعاني من تدفق اللاجئين؛ خياراتها شحيحة، ولن تجد فيها مسؤولا يجيبك عن سؤال: وإلا ماذا؟