الرئيسة \  تقارير  \  واشنطن بوست: حرب أوكرانيا تضع أعباء طويلة الأمد على الاقتصاد العالمي.. وروسيا لم تتأثر بعد بالعقوبات

واشنطن بوست: حرب أوكرانيا تضع أعباء طويلة الأمد على الاقتصاد العالمي.. وروسيا لم تتأثر بعد بالعقوبات

16.04.2022
إبراهيم درويش

إبراهيم درويش
لندن – “القدس العربي”:
الخميس 14/4/2022
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده ديفيد لينتش قال فيه إن استمرار الحرب في أوكرانيا يخلق مشاكل للاقتصاد العالمي. وهناك مظاهر قلق من المخاطر المالية والاقتصادية حالة استمر النزاع ولسنوات طويلة.
فقد قادت الأسابيع السبعة الأولى من الحرب إلى موجات من اللاجئين الأوكرانيين وزادت من أسعار الوقود والمواد الغذائية وأثرت على منظور النمو في أوروبا.
وقال إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على موسكو عقابا لها على الغزو أدت لخنق الاقتصاد الروسي ورحيل مئات الشركات المتعددة الجنسية ودفعت الحكومة لكي تعلن تخلفها عن سداد الدين ولأول مرة منذ الثورة البلشفية.
ومع تحذير المسؤولين الأمريكيين والناتو من طول أمد الحرب التي قد تستمر على مدى أشهر إن لم تكن سنوات تتزايد كلفة الحرب الاقتصادية. وأعلن البنك الدولي في يوم الثلاثاء عن تخفيض توقعاته للنمو العالمي إلى 2.8% من 4.1% قبل الحرب قائلا إن النزاع وجه “ضربة قوية” للاقتصاد العالمي. ونقلت الصحيفة عن غريغوري داغو، الاقتصادي في مجموعة “إرينست أند يانغ” أن حربا طويلة ومزيدا من العقوبات على روسيا قد تؤدي إلى تخفيض النمو العالمي بنسبة 2% أخرى.
ويتوقع اقتصاديو وول ستريت توسع النمو الاقتصادي العالمي لهذا العام بنسبة 3.5% حسب دراسة في نيسان/ إبريل أعدتها بلومبيرغ، بانخفاض عن نسبة 4% في آذار/مارس. ويقول داكو “كلما طال أمد الحرب أصبح الانكماش واضحا”. ورغم تهديدات موسكو المتكررة بداية العام للتحرك ضد كييف إلا أن غزو 24 شباط/فبراير فاجأ مدراء الشركات والاقتصاديين الذين توقعوا أن يكون عام 2022 هو عام التعافي من آثار فيروس كورونا. وبدلا من ذلك وجدوا أنفسهم في مواجهة نزاع أوروبي من المحتمل تحوله إلى حرب مستعصية.
وأخبر رئيس هيئة الأركان الأمريكي الجنرال مايك ميلي، الكونغرس بداية هذا الشهر أن القتال في أوكرانيا “سيقاس بالسنين”، وقدم الأمين العام للناتو يان ستولتنبرغ ومستشار الأمن القومي جاك سوليفان تقييمات مماثلة. ومع تزايد المخاوف من التداعيات الاقتصادية يتوقع أن تزيد حدة القتال في أوكرانيا. فالقوات الروسية تتجمع في شرق أوكرانيا حيث خاض الانفصاليون الموالون لروسيا حربا مع القوات الأوكرانية على مدى السنوات الثماني الماضية. وأعلن البنك الدولي يوم الأحد قائلا إن “الحرب قد أضافت إلى مظاهر القلق بشأن التباطؤ العالمي الحاد”.
وتتداخل المعارك مع حصاد المحاصيل، فروسيا وأوكرانيا تشكلان ربع الصادرات في العالم، حسب البنك الدولي. وحرب مستعصية في أوكرانيا قد تعطل الدورة السنوية من البذر والحصاد بشكل يقود إلى تعطيل تجارة الغذاء العالمية مع نهاية عام 2022. وقالت منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة إن نسبة 20% من حقول القمح الأوكرانية “لن تحصد بسبب الدمار أو القيود على دخولها أو غياب المصادر لحصاد المحاصيل”. وخفضت وكالة الأمم المتحدة توقعاتها من تجارة الحبوب إلى 469 مليون طن، أي أقل بـ 14.6 مليون طن من تقديراتها في آذار/مارس.
وتضيف الصحيفة أن انخفاض حجم التجارة سيعوق عمليات الاستيراد في كل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بشكل يثير المخاوف من زيادة معدلات الجوع وعدم الاستقرار السياسي. ويتزامن الحديث عن آثار الحرب في وقت يواجه العملاقان الاقتصاديان في العالم، الولايات المتحدة والصين مشاكلهما الخاصة.
 فسياسة عدم التسامح الصينية مع كورونا أدت إلى قلب سلاسل التوريد مما أثار شكوكا حول خطط الحكومة الداعية لزيادة النمو بنسبة 5.5%. وفي الولايات المتحدة، يحاول الاحتياطي الفدرالي التعامل مع التضخم الذي لم تشهد البلاد مثله منذ 40 عاما. ويعلق مارك زاندي، الاقتصادي البارز في “موديز أنالتيكس” أن الحرب التي رفعت أسعار الوقود وزادت توقعات المستهلكين بزيادة الأسعار قد تدفع الاحتياطي الفدرالي إلى رفع معدلات الفائدة، بشكل يرفع من مخاطر الركود. وقال زاندي في مذكرة وزعت على العملاء إن “تداعيات الغزو الروسي على الاقتصاد الأمريكي أصبحت إشكالية وبشكل ملموس”.
كما تركت الحرب أضرارا غير متوقعة على تدفق التجارة العالمية. وتمثل روسيا وأوكرانيا نسبة 3% من حجم الصادرات العالمية. ولكن الحرب أدت إلى تعقيد سلاسل التوريد وزادت من كلفة الشحن البحري والتأمين في منطقة البحر الأسود، وذلك حسب دراسة للبنك الدولي عن آثار الحرب. وبعد أكثر من عامين من مشاكل التوريد، أصبحت الحرب بمثابة صداع لصناعة السيارات والبتروكيماويات والزراعة والبناء.
ومن ضحايا الحرب المتوقعين، مجموعة العشرين التي تقوم بتنسيق الرد العالمي على حالات الركود الكبرى. ودعت جانيت ألين، وزيرة الخزانة في الأسبوع الماضي إلى طرد روسيا من مجموعة العشرين عقابا لها على غزو أوكرانيا مضيفة أن الولايات المتحدة ستقاطع المناسبة حالة حضور مسؤولين روس. وقالت أندونيسيا التي ستستضيف مناسبة هذا العام إن روسيا مرحب بها، حتى الآن. وأول امتحان لموقف أمريكا سيأتي عندما يلتقي وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية بمجموعة العشرين في واشنطن هذا الشهر، وإلى جانب الولايات المتحدة تضم المجموعة كندا واليابان والاتحاد الأوروبي والصين ودولا صاعدة مثل البرازيل وجنوب افريقيا.
ويعلق جوش ليبسكي من المجلس الأطلنطي “منذ الأزمة المالية في 2008، كانت مجموعة العشرين أهم قوة استقرار للاقتصاد العالمي” مضيفا “إنها مجموعة تنسيق مهمة جدا”. واستطاعت روسيا تجاوز أثر العقوبات حيث استعاد الروبل عافيته إلى ما كان عليه قبل الحرب بعد تراجعه بنسبة 40%. وساعد على هذا القيود التي فرضتها الحكومة على حركة الأموال من وإلى روسيا. وخفض البنك المركزي الروسي سعر الفائدة إلى 17% بعد زيادته إلى نسبة 20% للدفاع عن الروبل. ويقترح التخفيض أن السلطات الروسية مرتاحة لتخفيف دفاعها عن الروبل وجعل الدين متاحا بحيث تستطيع الشركات الاستثمار والتوظيف.
وتقول إيلينا ريباكويا، نائبة مدير معهد المال العالمي “لقد استطاعوا إطفاء أول حريق- إدارة البنوك وإمكانية انهيار المالي. وقد تحولوا إلى دعم النمو”، مشيرة إلى أن هناك حدودا لما يمكن للبنك المركزي عمله. وبالتأكيد فالبلد متجه نحو ركود وظهرت صدوع في أسسه المالية. وقالت مؤسسة التصنيفات العالمية أس أند بي غلوبال ريتينغز في يوم الجمعة إن الحكومة الروسية صارت في وضع “انتقاء افتراضي” فيما يتعلق بالصكوك المالية التي يتم بيعها بالدولار وبعد أن دفعتها بالروبل في 4 نيسان/ إبريل. وقيدت وزارة الخزانة العقوبات الأمريكية ومنعت البنوك الأمريكية من تلقي مدفوعات بالدولار من روسيا، مع أنها سمحت بداية للبنوك بتلقي مدفوعات بالدولار عن الدين الروسي حتى 25 أيار/مايو.
ونقلت صحيفة “إزفستيا” عن وزير المالية الروسي أنطون سيلونوف قوله إن الحكومة لن تصدر أي سندات هذا العام. وتتوقع أس أند بي أن تتخلف روسيا عن دفع التزاماتها خلال 30 يوما المسموح بها لأن العقوبات عليها ستزيد. ومع مطالبة الحلفاء بخطوات متشددة مع روسيا بسبب تقارير المذابح إلا أن المدفوعات الأوروبية مقابل الطاقة الروسية باتت تمثل شريان الحياة للرئيس فلاديمير بوتين الذي أنعش من احتياطاته من العملة التي قلصتها العقوبات.
وفي انعكاس لارتفاع أسعار النفط والغاز، قال البنك المركزي الروسي إن الفائض في حساب البلد، وهو الأوسع في مقياس التجارة، ارتفع إلى 58.2 مليار دولار في الربع الأول. وهو أكبر رقم منذ عام 1994، وضعف مبلغ 22.5 مليار دولار المسجل عن نفس الفترة العام الماضي. وسيناقش مسؤولو الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء خطوات لخفض التدفق المالي إلى موسكو، مع أن ألمانيا التي تعتمد على الغاز والنفط الروسي مترددة.