الرئيسة \  تقارير  \  واشنطن بوست: عرض كتاب "سيد اللعبة" كسنجر وإرث السياسة الأمريكية للشرق الأوسط

واشنطن بوست: عرض كتاب "سيد اللعبة" كسنجر وإرث السياسة الأمريكية للشرق الأوسط

18.01.2022
الرئيس نيوز


الرئيس نيوز
الاثنين 17/1/2022
يعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر ضمن عدد قليل من المسؤولين في الحياة العامة الأمريكية من ذوي الخدمة الطويلة والأثر الباقي والممتد، إذ تمتد رؤيته منذ ظهوره كواحد من أوائل "المثقفين المعنيين بشؤون الدفاع" في الحرب الباردة، في عدة مقابلات مع مايك والاس في الخمسينيات من القرن الماضي.
ويتوغل تأثيره إلى كتابه المنشور مؤخرًا مع إريك شميدت برعاية جوجل حول التأثير المجتمعي للذكاء الاصطناعي، وفي عرض كتاب حديث نشرته واشنطن بوست، قالت الصحيفة إن حياة كيسنجر تمتد داخل دائرة الضوء لأكثر من ستة عقود؛ بصفته مستشارًا للأمن القومي ووزيرًا للخارجية، ترأس الانفتاح على الصين، والانفراجة في علاقات أمريكا مع الاتحاد السوفيتي ونهاية حرب فيتنام وعلى الرغم من تركه للمنصب في عام 1977، إلا أنه تحول إلى معلق ترنو له الأبصار والآذان فيما يتعلق بالشأن العام وهو كذلك مستشار في التجارة الدولية، فضلاً عن تأثيره وراء الكواليس في السياسة الخارجية الأمريكية.
وعلى الرغم من حصوله على جائزة نوبل للسلام، إلا أنه لا يزال شخصية مثيرة للجدل بشكل استثنائي بسبب السياسات المتبعة في كمبوديا وتشيلي وجنوب آسيا وهدفًا للكراهية، وخاصة من قبل اليسار وعندما توفي شقيقه الأصغر والتر العام الماضي، انتشر هاشتاج "كيسنجر الخطأ" على تويتر.
وفي كتابه الجديد، رصد مارتن إنديك في دراسة رائعة وشاملة ومفصلة الإنجاز الأكثر أهمية لكيسنجر، وتحديدًا في أعقاب حرب أكتوبر للعام 1973، فقد ساعد في ترتيبات وقف إطلاق النار، وانخرط كيسنجر في "الدبلوماسية المكوكية"، ليبرم في نهاية المطاف ثلاث اتفاقيات فك ارتباط بين إسرائيل ومصر وإسرائيل وسوريا، وساعد في وضع الأساس لأول جهود للسلام في الشرق الأوسط. كما يشير عنوان الكتاب، "سيد اللعبة: هنري كيسنجر وفن دبلوماسية الشرق الأوسط".
أشاد إنديك بدور كيسنجر في هذه المحادثات، واصفًا مهاراته بالمفاوض اللامع الذي لا يكل، وعزا استمرارية هذا السلام إلى كيسنجر مع التأكيد على إقامة نظام دولي بدلاً من سلام شامل وهذا يعكس نهج السياسة الواقعية للمفكر كيسنجر في العلاقات الدولية فقد كان هدفه إقامة توازن ثابت للقوى في الشرق الأوسط من خلال "التلاعب الماهر بخصومات القوى المتنافسة".
ما يميز هذا الكتاب قيمة عن الدراسات الأكاديمية الأخرى هو أن إنديك مؤرخ غير عادي؛ فمن خلال إجراء البحوث الأرشيفية التقليدية في الولايات المتحدة وإسرائيل، وإتقان المذكرات والأدبيات الثانوية، وإجراء مقابلات مع المشاركين الباقين على قيد الحياة، يقدم إنديك عرضًا دقيقًا ووصفًا حرفيًا يوميًا لدبلوماسية كيسنجر في المنطقة ومع ذلك، بعد أن عمل سفيراً سابقاً لإسرائيل، ومساعداً لوزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ومساعداً خاصاً للرئيسين بيل كلينتون وباراك أوباما، فإن إنديك هو أيضاً دبلوماسي ذو خبرة ملحوظة وله مشاركة عميقة في الشرق الأوسط وغالبًا ما يتنقل سرد الكتاب بين جهود كيسنجر في سبعينيات القرن الماضي وتجارب إنديك اللاحقة في محاولة التعامل مع هذه المنطقة المضطربة وكتب إنديك في مقدمته أنه لا يقارن نفسه بكيسنجر، ولكنه أكد: "أعتقد أنني فهمت ما كان عليه الحال بالنسبة له".
على الرغم من أن إنديك عمل إلى حد كبير مع الديمقراطيين وكان ينتقد سياسة الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط، إلا أنه من المدهش في هذه الأوقات المفعمة بالاستقطاب السياسي أن نجد أن مراجعته لنهج كيسنجر لدبلوماسية الشرق الأوسط أفضل بكثير من تلك التي كان يعمل بها الرؤساء الذين عمل معهم. يقارن إنديك نجاح كيسنجر في التعامل مع الرئيس السوري حافظ الأسد مع فشل إدارة كلينتون في التوصل إلى معاهدة سلام بين إسرائيل وسوريا كما يقارن انتصار كيسنجر في مفاوضات سيناء 2، التي أدت إلى أول انسحاب إسرائيلي كبير من الأراضي العربية المحتلة وتعزيز العلاقات الأمريكية الجديدة مع مصر، بمحاولة إدارة أوباما الفاشلة للتوسط في حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
الطريف هو أن إنديك لديه انتقادات ضد كيسنجر، بل ويحكم على كيسنجر بقسوة لتجاهله إشارات الرئيس الراحل أنور السادات بأنه كان مهتمًا بإبرام صفقة مع إسرائيل قبل اندلاع الحرب في أكتوبر 1973، ويعتقد أن كيسنجر أضاع فرصة في أوائل عام 1974 لإشراك العاهل الأردني الملك حسين في عملية السلام على نحو كان من شأنه أن يسمح للأردن، بدلاً من منظمة التحرير الفلسطينية، بتمثيل الفلسطينيين، ربما سمحت السيطرة الأردنية على الضفة الغربية بانسحاب إسرائيلي نهائي بطريقة لم تسمح بها منظمة التحرير الفلسطينية كما أتاح تردد كيسنجر لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بالحصول على دعم عربي إضافي، وفي قمة الرباط في أكتوبر 1974، تم تعيين منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للفلسطينيين.
حتى كيسنجر نفسه أعرب عن ندمه على عدم التفاوض مع الأردن لكن كان من الصعب اعتبار هذه النتيجة فرصة حقيقية ضائعة لتسوية القضية الفلسطينية كما يوضح إنديك، كان كيسنجر مشتتًا في ذلك الوقت: كانت فضيحة "ووترجيت" تساهم في إضعاف الرئيس ريتشارد نيكسون بشدة، وكان يواجه تحديات في الكونجرس، وكان كل من السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين غير متحمسين بشأن المضي قدمًا في أي مفاوضات إضافية، كما لم يكن رابين متحمسًا لإمكانية عقد محادثات الأردن.