الرئيسة \  تقارير  \  “واشنطن بوست”: لماذا لن يستطيع مجلس الأمن حل أزمة أوكرانيا؟

“واشنطن بوست”: لماذا لن يستطيع مجلس الأمن حل أزمة أوكرانيا؟

12.02.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
الخميس 10/2/2022
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تحليلًا لـ هانا ألين سوزان، أستاذة مشاركة في جامعة ميسيسيبي، وإيمي يوين، أستاذة مشاركة في كلية ميدلبري، حول موقف مجلس الأمن من الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا وإمكانية تدخله، وهل يمكن يمكن أن يؤدي ذلك إلى حل.
وتستهل الكاتبتان تحليلهما بالقول: أعادنا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إلى ذكريات حقبة الحرب الباردة، حيث تبادل ممثلو الأمم المتحدة كلماتٍ ساخنة بشأن الصراع بين روسيا وأوكرانيا. وكانت الولايات المتحدة قد طلبت الاجتماع ردًا على تعبئة روسيا للقوات العسكرية على الحدود الأوكرانية.
وسرعان ما أصبح اجتماع مجلس الأمن منصة أخرى للخلاف الأمريكي الروسي ولم يقدم سوى قليل من الأمل في الحل. وحذَّرت السفيرة الأمريكية ليندا توماس جرينفيلد من أن أي غزو روسي لأوكرانيا سيكون له عواقب “مروعة”. وردًا على ذلك، قال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن الولايات المتحدة “في حالة هيستريا” و”تحرض على التصعيد” من خلال اتهام موسكو زورًا بالاستعداد لغزو أوكرانيا.
يوضح البحث الذي أجرته مُعدِّتا التحليل أن مثل هذا الخلاف في مجلس الأمن ليس بالأمر الجديد، لكن مثل هذه المواجهات انخفضت انخفاضًا كبيرًا منذ نهاية الحرب الباردة. ووفقًا لميثاق الأمم المتحدة، فإن مجلس الأمن مسؤول عن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وفي السنوات الثلاثين الماضية أو نحو ذلك، تبنَّى المجلس ذلك التفويض وزاد من نشاطه وشرعيته المتصورة. ويجتمع المجلس كل يوم تقريبًا ويصدر أكثر من 100 قرار سنويًّا.
وإذا كان مجلس الأمن يريد الاستمرار في الحفاظ على سمعته باعتباره منظمة فعَّالة وشرعية من أجل السلام، فلماذا يعقد اجتماعًا يكون فيه الخلاف والفشل هي النتائج المحتملة؟ كما يشير البحث ذاته إلى استخدام الولايات المتحدة وروسيا مجلس الأمن منصةً مرئيةً لجمهورهما المحلي.
السعي للحصول على توافق في الآراء
وتوضح الكاتبتان أن شرعية مجلس الأمن تعتمد على قدرته على التوصُّل إلى توافق في الآراء – وهذا يزيد من احتمالية تناوله للقضايا عندما يعتقد الأعضاء أنه من المرجَّح أن يتفقوا عليها. وبحسب الكاتبتان، فقد جمعتا البيانات لكل قضية تظهر على جدول أعمال مجلس الأمن لما بعد الحرب الباردة، وحلَّلتا أنواع القضايا التي ناقشها أعضاء المجلس، ومدى تكرار نظرهم في كل قضية – ومدى نجاحهم في تمرير قرارات ملزمة أو مدى فشلهم في الحصول على الدعم الكافي.
وتؤكد أدلة البحث المشار إليه أنه من المرجَّح أن يتخذ مجلس الأمن إجراءاتٍ بشأن القضايا التي تكون فيها تفضيلات الأعضاء الخمسة الدائمين – الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين – أقرب إلى بعضها بعضًا. وفي الواقع، نادرًا ما تكون نتيجة التصويت على قرار لمجلس الأمن مفاجِئة لأن الأعضاء (عددهم 15، منهم 10 أعضاء متناوبين تنتخبهم الجمعية العامة للأمم المتحدة) يناقشون تفاصيل القرارات على نحو متكرر في مشاورات خلف أبواب مغلقة قبل عقد أي اجتماع علني للتصويت.
وهذا يجعل الاجتماع الأخير بشأن أوكرانيا محيرًا من نوع خاص، بحسب التحليل. ومع امتلاك روسيا والصين حق النقض (الفيتو)، لم يكن من الممكن صدور أي قرار. وإذا كان مجلس الأمن يعلم بالفعل أنه لا يمكنه التوصل إلى اتفاق بشأن قضية مثل أوكرانيا، فلماذا يقضي الأعضاء الوقت في مناقشتها؟ ولماذا يفعلون ذلك على مرأى ومسمع من الجميع، ما يبرز عجزهم عن التصرف؟
أصبح مجلس الأمن مكانًا مثيرًا
وبالنظر إلى التفويض الواسع لمجلس الأمن، هناك تهديدات محتملة للسلم والأمن الدوليين يتعين مناقشتها خلال وقتٍ أكبر بكثير من الوقت المتاح للمناقشة. ويتوقع التحليل تجنب مجلس الأمن عقد اجتماعات حول موضوعات مثل أوكرانيا، التي يُعد احتمال الاتفاق بشأنها ضئيلًا أو منعدمًا. ومن غير المحتمل أن ينتج عن هذه المناقشات أي قرارات أو بيانات رئاسية أو إجراء دبلوماسي هادف.
وبحسب الكاتبتتن، فإن فرضيتهما توفر خيطًا محتملًا حول سبب عقد هذه الاجتماعات العامة. وبينما تعمل الدول الأعضاء في مجلس الأمن في كثير من الأحيان معًا للتوصُّل إلى حل، فإنها توازن هذا الهدف مع المصالح الجيوسياسية والمحلية الأخرى. وبحسب التحليل فإن كل الدول تستفيد عندما يرى العالم أن مجلس الأمن فعَّال وشرعي، حيث إن هذا المكان يوفر أحيانًا للأعضاء فرصًا للتحدث إلى الجماهير الأخرى، لا سيما السكان المحليين.
ومن المرجَّح أن الجمهور الرئيس للمناقشات في أوكرانيا هم أصحاب المصلحة القابعين خارج قاعة مجلس الأمن. ولا تقدم روسيا أو الولايات المتحدة مشروعات قرارات لاتخاذ إجراءات في إطار المجلس. وبدلًا من ذلك، يتطلع كلاهما إلى حشد الدعم لمساراتهما المقترحة للمضي قدمًا خارج المجلس.
وبالإضافة إلى دورها بصفتها منظمة دولية مهمة، توفر الأمم المتحدة أيضًا مسرحًا كبيرًا. فخلال الحرب الباردة، كان المجلس، وكذلك الجمعية العامة، مواقع متكررة للمسرح السياسي. وعندما رفع السكرتير الأول للحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي نيكيتا خروتشوف حذاءه بغضب خلال خطابه في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960، كان المقصود من ذلك أن يراه جمهوره المحلي المتشدد.
ويتساءل التحليل عن فوائد إبراز الخلافات في الأمم المتحدة. وتقول الكاتبتان إن شيطنة كل طرف للآخر، على سبيل المثال، قد تؤدي إلى تعزيز الدعم لخطة سياسة خارجية غير معروفة أو لا تلقى قبولًا في الداخل. ويمكن للأعضاء استخدام النقاش العام في مجلس الأمن لتشكيل رواياتهم المتنافسة.
وفي الوقت الذي يُجري فيه الدبلوماسيون الروس والأمريكيون محادثاتٍ ثنائية بشأن أوكرانيا كما ينخرطون في نقاشات عبر الناتو، لا يوجد منتدى دولي آخر يحظى بهذا المستوى من الاهتمام الذي يحظى به مجلس الأمن – كما يتضح من سيل عناوين الصحف الكبرى الأسبوع الماضي.
هل هناك حل دبلوماسي بشأن أوكرانيا؟
تلفت الكاتبتان إلى أن هذه هي النتيجة التي يعول عليها عديد من القادة، بالطبع، لكن التوصُّل إلى حل دبلوماسي للتوترات الحالية بشأن أوكرانيا في مجلس الأمن أمر غير مرجَّح. وبالنظر إلى الاختلاف الكبير في الرأي حول هذه القضية – وقدرة روسيا و”الدول الغربية الثلاثة” على استخدام حق النقض ضد أي قرار – إذا نجحت الدول الغربية في تجنب الحرب على أوكرانيا، فمن المحتمل أن يأتي الحل الدبلوماسي من مكان آخر غير مجلس الأمن.
وتختتم الكاتبتان تحليلهما بالقول إن الخطابات الحماسية الملتهبة حول أوكرانيا في الأمم المتحدة قد تؤثر في النتيجة، لكنها ستفعل ذلك من خلال التأثير في التصورات العامة للصراع وليس من خلال التوصُّل إلى قرار يخرج من الأمم المتحدة. وفي النهاية، يبدو أن هذه لعبة تخص مَنْ بإمكانه حشد دعم محلي وإقليمي أكثر حزمًا وهو في الوقت نفسه يبحث أيضًا عن مخرج دبلوماسي.