الرئيسة \  واحة اللقاء  \  واشنطن وخيار تسليح المعارضة السورية

واشنطن وخيار تسليح المعارضة السورية

09.06.2014
فهد الخيطان



الغد الاردنية
الاحد 8/6/2014
إذا صحت التقارير الإعلامية عن توجه جديد في الإدارة الأميركية لتسليح المعارضة السورية بأسلحة فتاكة، وتدريب مقاتليها من المعتدلين لخوض مواجهات "أعنف" مع قوات النظام السوري، فإن إدارة باراك أوباما تكون قد خطت خطوة إلى الأمام، لكنها متأخرة وبلا معنى، بعد أن تجاوز الصراع في سورية قدرة المجتمع الدولي على حسمه عسكريا.
في السنتين الماضيتين كان حلفاء واشنطن المتحمسون للحسم العسكري في سورية يضغطون بقوة من أجل تقديم سلاح نوعي للمعارضة السورية، لكن واشنطن ظلت على موقفها المتحفظ، واقتصر دعمها للمعارضة على الأسلحة الخفيفة، ومواد الإغاثة. اليوم لم يعد حلفاء واشنطن بنفس الحماس للحل العسكري، وما يتردد في الغرف المغلقة أن هذه الدول أصبحت على قناعة بأن الحل السياسي هو الخيار الوحيد في سورية.
يقال أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا، لكن في حالة سورية لا يصلح هذا المثل على مايبدو. ميدانيا لم تعد هناك معارضة معتدلة في سورية، التنظيمات المتطرفة ابتلعت المعتدلة، وما من خيارات اليوم سوى "داعش" أو "النصرة" فمن ستدعم واشنطن؟
المعارضة المعتدلة في أوج نشاطها كانت منقسمة على نفسها، وحاولت واشنطن مع "أصدقاء سورية" لملمة صفوفها ولم تنجح.
وفي مراحل لاحقة بذلت دول مثل السعودية جهودا كبيرة لبناء جبهة لمقاتلي المعارضة المعتدلين، لكن رغم ماتوفر لهذه الجبهة من دعم مالي وعسكري، إلا أنها فشلت في منافسة داعش والنصرة على الأرض، حيث يتقاسم التنظيمان السيطرة على مناطق عديدة في سورية.
أعتقد أن الحديث الأميركي عن تسليح المعارضة السورية ليس جديا بالكامل، ولايعدو أكثر من رد دبلوماسي خشن على الانتخابات السورية التي نصّبت الأسد رئيسا من جديد، ومحاولة من إدارة أوباما للتخفيف من حدة الانتقادات بالتقصير والعجز التي توجّه لإدارته سواء من طرف مسؤولين سابقين في الإدارة أمثال السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد، أو من وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ومن جانب دول حليفة لواشنطن في المنطقة والعالم.
لقد أهدرت الإدارة الأميركية فرص الحل في سورية مبكرا، وعندما حان موعد مؤتمر جنيف 2، كان النظام السوري في وضع قوي يسمح له بالمناورة وإجهاض المؤتمر، وهذا ماكان. ولم يترك خيارا للعالم سوى القبول بالأمر الواقع.
حلفاء النظام السوري؛ روسيا وإيران ومن خلفهما حزب الله في وضع أقوى اليوم، وإذا ما قررت الإدارة الأميركية فتح مخازنها لتسليح المعارضة السورية، فلن تتردد موسكو وطهران بفعل الأمر ذاته.
ببساطة ضخ المزيد من السلاح في سورية، يعني المزيد من الضحايا والدمار، وإطالة أمد الصراع دون أن يتمكن أي طرف من حسمه.
فكرت إدارة أوباما بالتدخل العسكري الجراحي وتراجعت، وبتسليح المعارضة وترددت، وانتهجت طريق الحل السياسي في جنيف، فوجدته مسدودا. اليوم تعود واشنطن لمقاربة خياراتها القديمة من جديد. لكن يتعين عليها أن تدرك بأن البيئة الإقليمية تغيرت؛ حلفاء واشنطن في المنطقة ليسوا قادرين على تحمل الكلفة الباهظة للصراع، فقد غمر اللاجئون ديارهم، وبات الإرهاب على مقربة من حدودهم، إن لم يكن تخطاها. تركيا الداعم الرئيسي للمعارضة، وضعت جبهة النصرة على قائمة الإرهاب أخيرا!