الرئيسة \  واحة اللقاء  \  واشنطن وطهران ضد "داعش"!

واشنطن وطهران ضد "داعش"!

11.11.2014
عائشة المري



الاتحاد
الاثنين 10-11-2014
ظاهرة نفي الأخبار، ونفي النفي، ومن ثم تأكيد الخبر إعلامياً، تُشكل صياغة بسيطة للعلاقات الأميركية الإيرانية، فبين واشنطن وطهران من الأسرار والمصالح المشتركة مالا يرغب الطرفان في الإفصاح عنه، أو الخوض في تفاصيله، ولكل منهما أسبابه الوجيهة، حيث كشفت مجلة "ول ستريت جورنال" الأميركية، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أرسل رسالة سرية إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي الشهر الماضي، طلب منه فيها رسمياً التعاون في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في سوريا و العراق. وبحسب الخبر، فإن أوباما أكد في رسالته المصالح المشتركة في محاربة "داعش". لقد استبعدت واشنطن طهران من التحالف الدولي ضد "داعش "، إلا أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أشار في 11 سبتمبر الماضي، إلى أن إدارته "منفتحة" على التحاور مع إيران حول دورها في مواجهة "داعش" بالعراق.
رغم التصريحات المتناقضة والتسريبات الإعلامية، فطهران وواشنطن متفقتان على الحرب على "داعش"، ولكنهما مختلفتان على تفاصيلها، خاصة في ضوء التحالف الإيراني السوري ومستقبل النظام السوري، وانعكاسات التعاون العسكري الإيراني الأميركي على بقية الملفات في المنطقة، خاصة الملف النووي الإيراني، والأهم من ذلك هو ربط طهران مشاركتها في الحرب على "داعش"، وإحداث نقلة نوعية في مفاوضاتها النووية مع "مجموعة دول 5الاثنين 10-11-20141"، وبالذات في اتجاه إزالة العقوبات المفروضة على إيران.
تدرك واشنطن نفوذ طهران متعدد الأبعاد في العراق. فبعد سيطرة قوات تنظيم "داعش" على الموصل، سارعت طهران بتقديم الدعم العسكري للقوات الحكومية العراقية، ووقفت إلى جانب قوات البشمركة الكردية للتصدي للتقدم المطرد لقوات "داعش"، كما تخلت طهران عن دعم حليفها نوري المالكي، وسارعت إلى دعم ترشيح حيدر العبادي لرئاسة الحكومة العراقية، في المقابل تدرك واشنطن أبعاد الوجود الإيراني في العراق، والدور الذي لعبته وتلعبه طهران في رسم مستقبل العراق منذ سقوط صدام حسين. فالحرس الثوري الإيراني يمارس دوراً مركزياً في العراق، ويقدم المشورة ويساعد الحكومة العراقية في عملياتها العسكرية، وواشنطن تدرك الدور الذي يلعبه الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس ولطالما غضت الطرف عن نفوذه المتصاعد في بغداد والشرق الأوسط، وهو من وصفته صحيفة "الجارديان" حاكم العراق الإيراني صاحب "السلطة المطلقة". وكذلك غضت واشنطن الطرف عن قيادة سليماني للمواجهات البرية ضد "داعش"، وكانت مصادر إيرانية قد ذكرت أن خامنئي أعطى تصريحاً للجنرال قاسم سليماني، للعمل مع القوات التي تقاتل "داعش"، بما في ذلك الولايات المتحدة.
تدرك واشنطن المصالح الإيرانية في العراق، وتتفهم السياسة الإقليمية الإيرانية في الحفاظ على نفوذها الفعلي في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومصالحها الأمنية، وتدرك في الوقت ذاته الحاجة الفعلية لإشراك طهران في حربها ضد "داعش" و للتحفظات العربية على الدور الإيراني المتنامي في المنطقة. وفي ظل الإدراك المشترك لواشنطن وطهران، تحاول الأخيرة ممارسة لعبة إعادة رسم الأدوار إقليمياً، فتساوم أميركا والغرب بشأن الانضمام للتحالف لمحاربة "داعش"، وتحافظ على علاقات متميزه مع روسيا، وقد صرح وزير الخارجية الروسي بأنه "وحده التعاون الإيراني الأميركي بإمكانه القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، ويعيد الاستقرار للمنطقة، وهناك تجربة ناجحة سابقة أدت إلى سقوط نظام طالبان" في أفغانستان نتيجة هذا التعاون. وأشار إلى أن تحركات قاسم سليماني على الأرض المترافقة بغطاء جوي أميركي، ساهمت إلى حد بعيد في إيقاف تمدد الإرهابيين في العراق. في المحصلة لن تقدم طهران أي عون للغرب في حربه ضد "داعش" دون مقابل.