الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وثيقة العلويين: التوقيت والدلالة

وثيقة العلويين: التوقيت والدلالة

09.04.2016
أيمن شتيوي


الغد الاردنية
الخميس  4/7/2016
لم تحظَ الوثيقة التي أصدرها قبل أيام زعماء من الطائفة العلوية في سورية بالاهتمام الكافي الذي قد يكون مرده التوقيت المتأخر لها، إذ جاءت بعد صمت الطائفة العلوية خمسة أعوام دامية من الصراع في سورية. وبالرغم من وجاهة هذا الرأي، إلا أنه لا يقلل من المعاني والدلالات التي تنطوي عليها هذه الوثيقة.
الدلالة الأولى مرتبطة بالنظام السوري وعائلة الأسد تحديداً التي طالما كان ينظر للنظام السوري بأنه حامي الطائفة العلوية وممثل لمصالحها. الوثيقة نصت صراحة على أنه لا النظام السوري ولا عائلة الأسد يمثلان العلويين، لا بل إنها ذهبت لحد التبرؤ من النظام وأسرة الأسد على حدّ سواء. قد لا يكون مصير الأسد مرتبطاً بهذه الوثيقة ولكنها ترفع الغطاء الطائفي المفترض، أو على الأقل، تشير الى أن إزاحة الأسد عن الحكم مستقبلاً لا تشكل مشكلة أو على الأقل لجزء مهم منهم.
ثاني دلالات هذه الوثيقة أنها تحاول أن تضع مسافة بينها وبين الشيعة، ولا أظن المقصود هنا البعد الطائفي أو المذهبي، وإنما السياسي، وقد تكون إشارة غير مباشرة لرفض "الشيعة السياسية" أو الحضور السياسي لإيران وحزب الله، وبالتالي فهي قد تكون رسالة بأنهم ليسوا شيعة بالرغم من صدور فتوى بهذا الخصوص في بداية السبعينيات حيث لم يكن يعترف بالعلويين على أنهم طائفة إسلامية أصلاً قبل ذلك.
وفي الحقيقة، تُشير المعلومات الواردة من سورية الى عدم قبول العلويين بإلحاقهم بإيران سياسياً ومذهبياً، وأنهم لا يرغبون في أن يكونوا بوابة عبور للنفوذ الايراني بالمنطقة.
أما الدلالة الثالثة، فقد تكون مرتبطة بشكل النظام السوري في المستقبل بعد الحل السياسي، إذ كثر الحديث في الماضي عن سورية المفيدة من خلال سيناريوهات التقسيم في حال فشلت الأطراف في التوصل لحل سلمي سياسي يحافظ على سورية الدولة موحدة وجامعة لكل الأطراف والفئات. من هنا تأتي أهمية الإشارة الواضحة في الوثيقة الى الهوية العلوية من جانب والى التطلع الى سورية ديمقراطية تتعايش بها كافة الأديان والمذاهب، ويمكن فهم الوثيقة على أنها مناورة سياسية مدروسة تهدف الى إعادة "التموضع" السياسي والطائفي في سورية المستقبل، والنأي بالنفس عن النظام، وعدم تحمل أية تبعات كردّات فعل من الأطراف الأخرى ضد الطائفة العلوية. وثيقة العلويين ليست سوى حلقة من الحلقات المهمة التي تحضّر نفسها لسورية ما بعد الأسد.
الوثيقة بحد ذاتها لن تقرر مصير الأسد، ولن تعجل في رحيله، ولكن برفعها الغطاء المذهبي عن النظام تضعف قدرة النظام والأسد تحديداً على اللعب بالورقة الطائفية من الناحية السياسية، وتمكّن القوى الدولية من توسيع خياراتها بما يتعلق بمستقبل الأسد.
لقد بات من الواضح أن مصير الأسد شخصياً لم يعد مهماً في سورية المستقبل لروسيا، وليس مهماً بالنسبة لإيران أيضاً، بالرغم من عدم وجود تصريحات علنية بهذا الخصوص، ولم يعدّ مهماً للمكون الذي ينحدر منه الأسد، وهي الطائفة العلوية. وما تبقى للأسد هو خروج آمن من اللعبة السياسية في سورية بعد التوصل للاتفاق السلمي برعاية دولية، كأن يقرر الأسد مثلاً ألاّ يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، ويخرج من سورية مثلاً.