الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وجنيف "السوري" يقترب أيضاً!

وجنيف "السوري" يقترب أيضاً!

27.11.2013
محمد خروب


الرأي الاردنية
الثلاثاء 26-11-2013
مفاعيل اتفاق جنيف «الايراني» ما تزال تتواصل, على نحو تبدو فيه الهستيريا التي ألمّت ببنيامين نتنياهو جزءاً مكملاً لحال العجز والشعور بالدونية, التي استبدت بمعظم العرب, بعد ان ظنوا - لفرط سذاجتهم وجهلهم - ان الغرب الاستعماري صاحب مبادئ أو أنه معني بـ»الكفاح» الايديولوجي, الذي يُغيِّب المصالح ويُضِر بأصحاب الاموال والشركات عابرة القارات ودائما في تعريض أمنهم القومي للخطر, كرمى لعيون العرب أو إرضاء لنزواتهم ومزاجيتهم وخصوصاً تحجّرهم وغرقهم في ثقافة الثأر والحقد, وتصفية الحسابات وإلحاق الاضرار بمصالح الشعوب العربية عبر تدمير أوطانها والولوغ في دماء ابنائها, فقط لأن شخصاً حاكماً هناك أو حزباً «ما» وصل الى السلطة ولم يعجبهم ذلك..
أياً كانت «سخونة» ردود الافعال «الرسمية» العربية, واياً كانت لهجة المقالات الصحافية والتحليلات «الفضائية», وما يكتبه انصار هذه الانظمة (المتضررة من جنيف الايراني) على تويتر وفيس بوك, وما تحفل به لغتهم الغاضبة من بلاغة مفتعلة وردح دأبوا عليه وثابروا بعد ان فضحهم عجزهم، فإن من المهم هنا التأشير الى المشهد الجديد الذي دشّنه جنيف الايراني وما سيترتب عليه من نتائج واكلاف وتفاهمات, وخصوصاً الحروب التي ستحتدم على اكثر من جبهة في داخل اكثر من قطر عربي, لأن احداً في الشرق أو الغرب غير معني بأن يدفع من رصيده سياسياً كان أم اقتصادياً، ما بالك ان الخريطة الجيوسياسية في المنطقة مرشحة لمزيد من المفاجآت, التي ستطيح بالتأكيد أحلافاً ومعادلات وتكشف مؤامرات وتفاهمات بعضها لم يعد سراً في منطقة باتت ملفاتها في عهدة اجهزة الاستخبارات، التي سحب بعضها خططاً قديمة من الادراج ووضعها قيد التنفيذ (او يسعى الى ذلك) علّه ينجح في ترجمتها ميدانيا او أقله في حجز مقعد لنفسه على طاولة اقتسام «تركة» النظام العربي المتصدع والآيل للسقوط، بعد ان عجزت عمليات الحقن والترقيع ومحاولات استعادة شبابه (وليس فقط حكمته المفقودة) عن ابقائه على قيد «الوظيفة» او الدور الذي انيط به ذات حِقَبٍ سابقة, لم تعد قابلة للاستمرار او هي تكلست وصدئت وحان وقت قذفها الى مزبلة التاريخ.
الاحداث تتسارع على نحو يصعب على بعض الانظمة العربية التي دخلت في حفل نواح, ان تستوعب حجم المتغيرات الآخذة في البروز والتَشكّل, اذا ما واصلت ايهام نفسها بفاعلية سيناريو «المعركة» المفتعل الذي انخرطت في الترويج له, وبخاصة ان احداً من الفاعلين الكبار لن يأخذها على نحو جدّي او حتى لتخويف طهران بها, بعد ان اطمأنت الاخيرة الى انها اجتازت نهر «الربيكون» وانها الان في وضع تستطيع فيه القول انها انتصرت وانها لم تتراجع وان الامر لها، فليس كل ما يقال بعيداً عن الحقيقة حتى لو كان يتوفر على جزء منها, وهو جزء ليس بسيطا، وما نجح فيه المفاوضون الايرانيون نحسب ان دبلوماسية الانظمة العربية كافة، لم تنجح في تحقيق حتى «عُشْر» ما حققته ايران, حتى لو صدّقنا من يتندر على الانجاز الايراني ويقول انه خضوع للشرعية الدولية (كذا) في اعتراف من هؤلاء بأن الغرب الاستعماري هو الشرعية الدولية (رغم مشاركة موسكو وبيجين في المفاوضات).
اين من هنا؟
العيون شاخصة الان الى جنيف2 «السوري» والتسريبات المتواصلة عن «ترحيل» انعقاده الى الشهر الاول من العام الجديد (تأكدت ظهر أمس عندما تم تحديد 22/1/2014)، حتى لو صحّت فإنها لن تغيّر من حقيقة ان جنيف الايراني قد منح اشرعته (جنيف2) رياحا جديدة وقوية ستكون قادرة على تسريع انعقاده, وعدم السماح باستمرار عرقلته أو الرهان على الهجوم المباغت (اليائس والانتحاري كما يجب وصفه) الذي قام به متمردو «الجبهة الاسلامية» التي تشكّلت مؤخراً) في ريف دمشق الشرقي لاحراز انتصارات أو تسجيل نقاط, يمكن أن تُسهم ليس فقط في ايقاف الانجازات الميدانية للجيش السوري وإنما أيضاً في منح مُشغّليهم ورقة لتسويغ معارضتهم انعقاد جنيف 2 أو فرض شروط يعلمون قبل غيرهم انها غير قابلة للتحقق..
الفرصة قائمة أمام بعض الذين يجأرون بالشكوى من اتفاق جنيف الايراني, كي يعيدوا حساباتهم ويستدركوا اخطاءهم, وإلا فقدوا ما تبقّى لهم من أوزان أو أحجام, كانت على الدوام... مُبالغاً فيها ومتهافتة.