زهير سالم*
في سورية التي ننتمي إليها، إلى ترابها ومائها وهوائها.. وناسها كل ناسها الأعزة الكرام الأخيار الأبرار ، ونحن مقبلون على شهر الصيام... البندورة تباع بالحبة، والليمون بالحبة، والخيار بالحبة، والبطاطة بالحبة - بهار وملح يا بتاتة- و قرص الفلافل 200 ليرة سورية.
في سورية التي ننتمي إليه جوع. جوع حقيقي. والجوع كافر. وأعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع. وكل الأحاديث التي توجه إلى جائع أول ما تمر عبر معدته الخاوية!!
وجوع هؤلاء الناس الذين هم ناسنا، لا يهم بشار الأسد في شيء، وحاجة هؤلاء الناس لا تهم الروس ولا الإيراني في شيء...
دعونا من كثرة القيل والقال. وليفكر كل واحد فينا كيف يدعو ذوي رحمه الأقربين إلى وجبة إفطار، وكيف ؟؟ وكيف؟؟
تتصل بهم وهم الكرام الأعزة يقولون لك، نحن بخير، نحن بعافية، ولا ينقصنا إلا رؤيتك..
البير وغطاه أصبح مكشوفا، ولا تغرك كلمة نحن بخير تسمعها ترفعا وتعففا من أمك وأبيك، من أختك وأخيك، ومن ابن عمك وخالك الذي يليك...
فكر فيهم فقد جعل الله صلتهم فريضة، لا ندعو هنا أصحاب الدثور، وهم مدعوون في كل حال، وإنما أدعو أصحاب الستر ليعلموا أن طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة، تذكر صاحب الضيف الذي أطفأ المصباح، وأكل وزوجه هواءً.
لا تمل برأسك عني، أنا من جيل كنا إذا رأينا قطعة الخبز على الأرض، حملناها وقبلناها ووضعناها على جباهنا. وكنا نجمع ما يزيد على المائدة من قطع الخبز للتيبيس وما زلنا نعتبر أن رمي ما زاد في الإناء من الطعام حرام ولو كان لقمة.
إن اللقمة التي ترميها زوجتك في القمامة على طريقة أهل السينما، وصاحبات برامج كيف تطبخ، والشيف أبو فلان تشبع جائعا لو عقلت فاعقلوا أيها السادة والسيدات....
أعلم أن في الفضاء السوري كثير من الجمعيات، وكثير من أصحاب السلال، جزاهم الله خيرا وأحسن مثوبتهم، ولا أدعوك لتجمع، ولا أدعوك لتوزع ، أدعوك لتفكر في حال أمك وأبيك وأختك وأخيك وابن عمك وابن خالتك..
وأنصح خصيصا المغتربين..
وبلا منه الإفطار في المطعم، وبلا منها الوجبة الجاهزة، وبلا منها شرية الكولا ...
وفكر بمن وراءك، وفكر كيف ستوصل العشرين دولارا التي تقدر عليها، إلى بعض أهلك، اعتبرها ضيافة وليست صدقة ولا زكاة ..
ودع عنك القيل والقال، ودع عنك إضاعة المال...
اللهم يسرنا لليسرى واكتب في قلوبنا الحب والرحمة..
وتذكر قرص الفلافل في وطنك 200 ليرة سورية. وكيلو البطاطا بثلاثة آلاف..
لندن: 26/ شعبان/ 1443
29/ 3/ 2022
____________
*مدير مركز الشرق العربي