الرئيسة \  مشاركات  \  وجهة نظر حول مؤتمر ماسوتشي

وجهة نظر حول مؤتمر ماسوتشي

08.11.2017
د. محمد أحمد الزعبي




 1. إن دعوة ( روسيا بوتن ولافروف ) ، في أعقاب أستانا 7 مباشرة ، كلا من المعارضة والموالاة في سوريا الى مؤتمر" للحوار الوطني " (!!) بتاريخ 18.11.2017 ، في منتجع ما سوتشي على البحر الأسود ، حيث الراحة والأمن والأمان ، وحيث الإطمئنان بأن طائرات السوخوي لن تقصفهم خلال انعقاد هذا المؤتمر . إن هذه الدعوة لهذا المؤتمر ( مؤتمر شعوب سوريا !! ) إنما يمثل برأينا التفافاً روسياً ( بوتن ) سوريا ( بشار ) مشتركا ، ليس على " جنيف " بصورة عامة ، كما يحلو للبعض أن يغرد ، وإنما على "جنيف 1 " ( مقترحات كوفي عنان ) بصورة خاصة . وتحديداً على موضوعة " هيئة الحكم " البديلة لبشار الأسد ، المقترحة من قبل كوفي عنان .
 2. لا نشك في أن كم وكيف المدعوين والمدعوات الى هذا المؤتمر( 1500 شخص ، يمثلون ٣٣ مجموعة من كل من النظام والمعارضة ) قد تم اختيارهم من قبل تحالف بوتن بشار ديمستورا من لون سياسي متقارب ، إن لم نقل واحداً ، بما يجعل نقاشات وبالتالي قرارات هذا المؤتمر لاتخرج على ماتم الإتفاق عليه مسبقاً بينهم ، من حيث أن يكون كافة هؤلاء المدعوين والمدعوات جاهزين للتصفيق الحاد ولرفع اليدين الإثنتين بالموافقة على الدستور الروسي ـ السوري الجديد الذي سبق أن قدمه بوتن لوفد المعارضة في أستانا ، ولكن المعارضة وضعته يومها على الرف ، باعتبار أن الدستور السوري الذي تريده المعارضة الوطنية هو ذلك الذي يضعه السوريون بأنفسهم ولأنفسهم وليس غيرهم ، ولا سيما إذا كان هذا الغير هو من يحتل بلدهم ، وهو من ساهم بتدمير مدنهم وقراهم ، ولا سيما مدينة حلب الشهباء ( غروزني سوريا )، وهو من قتل عشرات الآلاف من نسائهم وشيوخهم وأطفالهم ..
 3.إن أغرب مالفت نظري في صيغة الدعوة (الروسية ) لهذا المؤتمر( السوري ) أمران ، أولهما ، استخدام مفهوم " شعوب سوريا " بدل " الشعب السوري ، وثانيهما ، التهديد المعلن للجماعات التي يمكن أن تختار مقاطعة المؤتمر، في أنها تخاطر بتهميشها مع تقدم العملية السياسية (!!) ، وسوف تجد نفسها بالتالي قد باتت خارج العملية السياسية . إن مثل هذا التهديد الشخبوطي ( حسب المرحوم ياسين الحافظ ) ، لايصدر إلاّ عن ديكتاتور يتحدد فهمه السياسي بطول يده / سوطه ولسانه / الكذب . إن تهديد بوتن ولافروف لمن يختار مقاطعة المؤتمر بالتهميش والحرمان من دخول جنة أستانا مستقبلاً ( أستانا 8 فما فوق )، إنما يدل دلالة واضحة على أن بشار الأسد قد باع سوريا ( وطننا الحبيب ) بشراً وحجراً وشجراً إلى ولي أمره بوتن ، المحتل وقاتل الأطفال ومدمر المدن على رؤوس سكانها من المدنيين العزل ، فهل نحن ياترى أمام " وعد بلفور " جديد ؟! أعطى فيه من لايملك من لايستحق (!!) .
وفيما يخص مفهوم " شعوب سوريا " ، أنقل من مقالة سابقة منشورة لي ، المقطع التالي المتعلق بهذا الموضوع تحديداً . سوريا ، شعب واحد أم شعوب متعددة ؟ :
(( في مؤتمر للمعارضة عقد في القاهرة بإشراف مشترك من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في الفترة من 2 إلى 4 تموز / يوليو عام 2012 ، تحضرني في إطار هذه الخاطرة ، حيث كنت مشاركاً في هذا المؤتمر، حادثة الانسحاب الجماعي للإخوة الكورد من إحدى الجلسات عندما طلب الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد نبيل العربي ، تبديل تعبير " الشعب الكردي" بصيغة أخرى ، موضحاً أن اختصاصه الأكاديمي هو " القانون الدولي" ، ووفقاً لهذا القانون فإنه لايمكن أن يكون في سوريا سوى شعب واحد هو الشعب السوري وأن بقية المكونات ، بمن فيهم الكرد هم جزء من هذا الشعب ، أي أنه لا يجوز تسمية الجماعة الكردية السورية ب " الشعب الكردي " الى جانب "الشعب السوري " ، وهذا هو ما دفع بإحدى الفصائل الكردية المشاركة في المؤتمر الى مغادرة القاعة بصورة جماعية ، قبل آن يتم إقناعهم بالعودة في إطار النص التوافقي التالي كما ورد في " وثيقة الوفاق الوطني " التي صدرت عن المؤتمر بتاريخ الرابع من تموز 2012 :
ـ (( تقر الدولة السورية بوجود قومية كردية ضمن أبنائها وبهويتها وحقوقها القومية المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية ضمن إطار وحدة الوطن السوري . وتعتبر القومية الكردية في سوريا جزءا أصيلا من الشعب السوري. كما تقر الدولة بوجود هوية وحقوق
. قومية مماثلة للقوميتين السريانية الآشورية والتركمانية السوريتين وتعتبران جزءا أصيلا من المجتمع السوري )) .
4. من استعراضنا لقائمة ال 33 مجموعة سياسية واجتماعية مدعوة لحضور هذا المؤتمر يتبين استبعاد جماعة " الإخوان المسلمين " من هذه القائمة . وحسب تقديرنا الشخصي فإن هذا الاستبعاد لم يكن بسبب معرفة السيد بوتن ( ربما ) ، بأن هذه الجماعة قد لا تحضر مثل هذه المؤتمرات حتى لو دعيت ، وإنما قبولاً بتوصيف بشار الأسد لهم ( الإخوان ) بأنهم "جماعة إرهابية "، وذلك إرضاء لجهات عربية وغربية معروفة (!!) . إن توجيه الدعوة ل " الإئئلاف "
الذي يرأسه السيد رياض سيف ، والذي يشارك فيه بعض الإخوان أو المحسوبين على الإخوان
لايعني أن هذه الدعوة موجه إلى الإخوان ، سواء كحزب ( حزب العدالة والدستور) ، أو كجماعة
( جماعة الإخوان المسلمين ) ، كما خيل إلى البعض .
5. بحدود علمي أن بشار الأسد متمسك حتى النخاع بكونه رئيساً (شرعيا!!) للجمهورية العربية السورية ، والتي تمثل الشقة المفروشة التي ورثها عن أبيه ، على حد تعبير المرحوم نزار قباني ( هذي البلاد شقة مفروشة ، يملكها شخص يسمى عنترة ) ، فهل تنازل عنترة ياترى عن كرسيه المخملي لسيد الكرملين بوتين ، الأمر الذي سمح لهذا البوتن بأن ، يدعو من يشاء ، لما يشاء ، الى حيث يشاء ، متى يشاء ، وكيف يشاء ، مع أن سيادة الوريث مايزال ( نظرياً على الأقل ) على رأس عمله السيادي (!!) .
6. إن زيارة بعض أطراف المعارضة السورية ، وبعض الزعماء العرب لعاصمة الاتحاد السوفييتي السابق " موسكو " لا يعطي لا لبوتن ولا للا فروف الحق في أن يتصرفا كما لو أن سوريا أصبحت جزءا من الاتحاد الروسي . لا ثم لا ياسيد بوتن وياسيد لافروف ، فسوريا هي سوريا وروسيا هي روسيا ، إن العلاقات الودية بين الشعوب والدول لاتلغي الهويات الوطنية والقومية بين هذه الدول والمجتمعات ، حتى في حال اختلاف توازن القوة بينها .