الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وحدة سورية في خطر حقيقي

وحدة سورية في خطر حقيقي

16.08.2013
الوطن السعودية

الوطن السعودية
الجمعة 16-8-2013
لم يعد الحديث عن سورية كوحدة جغرافية وسكانية وسياسية، يعكس الواقع الحقيقي لما آلت إليه الأمور على الأرض حاليا. أصبح من السهل تمييز مناطق جغرافية يسيطر عليها النظام، ومناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة بفرقها المختلفة، ولكل من هذه المناطق "نظام سياسي" خاص، ولو أن "النظام" هو آخر ما توصف به مناطق سكنتها الفوضى والدمار، وهجرها أهلها، واختفى منها كل ما يمت للمدنية بصلة.
الحقيقة المرة هي أن سورية لم تعد موحدة إلا على الخريطة، وقد يحتاج الأمر لسنوات طويلة بعد التوصل إلى حل للأزمة التي تعصف بالبلد منذ سنتين ونصف، أو بعد سقوط النظام، لتبدأ الأمور بالعودة إلى مجاريها، فيأمن ابن الساحل على نفسه إذا ذهب ليعمل في ريف حلب، ويأمن ابن حمص على نفسه إذا ذهب ليعمل في ريف طرطوس. هذا الانقسام الطائفي والمناطقي يمكن رؤيته على الأرض أيضا. فأحياء كثيرة في حلب وحمص ودير الزور مدمرة بالكامل، بينما مدن الساحل التي استطاعت أن تتجنب الصراع المسلح إلى حد كبير، بسبب تركيبتها السكانية بالدرجة الأولى، لا تبدو عليها أي آثار دمار وبقيت شوارعها مليئة بالحياة والحركة، بل وزاد ازدحامها نزوح مئات آلاف السوريين إليها هربا من الأوضاع الصعبة في مدنهم ومناطقهم. أما الأكراد فيشكلون حلقة أخرى من حلقات التعقيد في الأزمة السورية، فهم مع النظام حينا ومع المعارضة حينا آخر حسبما تتطلبه مصالحهم في المناطق التي يسيطرون عليها.
إن وحدة سورية في خطر، وهذا الانقسام الجغرافي الطائفي العرقي يفرض أن تبدأ أي محاولة لإيجاد تسوية للأزمة السورية باتفاقية لوقف لإطلاق النار، على أن تلحظ هذه الاتفاقية التوزع الجغرافي والعرقي والطائفي للبلد، وأن تأخذ بعين الاعتبار حساسية الوضع بين المكونات الرئيسة للشعب السوري، بعد أن تلوثت علاقاتهم بلون الدم الأحمر، وتعقدت بطروحات طائفية.
إن الدولة التي ستفرزها الأحداث في سورية ستكون ـ بشكل مرحلي على الأقل ـ بعيدة نسبيا عن المركزية، وسيكون فيها على الأغلب تكريس لأمر واقع فرضه الصراع المسلح الشرس الذي يدور منذ أكثر من سنتين، ولا يعلم أحد متى سينتهي. لكن أي حل نهائي للأزمة يجب أن يضع في الحسبان أن هذا الانقسام الجزئي يجب أن يكون مرحليا فقط، إلى أن تهدأ النفوس وتطمئن القلوب مرة أخرى، لتعود سورية كما كانت من قبل، وكما يتمنى أبناؤها وكل محبيها، بلدا للخير والمحبة والسلام.