الرئيسة \  مشاركات  \  وحدها العدالة تحاصر التطرف

وحدها العدالة تحاصر التطرف

24.11.2015
حسان القطب




التطرف ينتشر، والصراعات المسلحة تتوسع وتتمدد في مختلف بقاع الأرض، ولم يعد هناك من كيان يمكنه ان يكون بمنأى عن تداعيات ونتائج هجمات مسلحة دموية.. ومع ذلك لا زال الحديث يتواصل في مختلف المنتديات السياسية والإعلامية المحلية والدولية والمؤتمرات المتعددة وأخرها مؤتمر انطاليا في تركيا، عن ضرورة مواجهة هذه الحالة الخطيرة والمتفشية...؟؟ ولكن كيف وبأية وسيلة..؟؟
لم يسأل اي من المجتمعين او المؤتمرين او حتى المحللين عن سبب عدم وجود هذه الظاهرة وهذه الهجمات قبل سنوات قليلة...؟؟ ولماذا الان، برزت هذ الظاهرة، وارتفع لهيبها، وانتشرت كالنار في الهشيم في مختلف ارجاء الارض، حتى انها تبدو كمشكلة لا حل لها او أنها عصية على المعالجة، رغم كل التحالفات الدولية والتوافق الإقليمي والدولي على محاربتها، ورغم كشف العديد من الشبكات والمجموعات...؟؟  هل العلاج بإعلان الحرب والقيام بالمزيد من الغارات الجوية والتسبب بقتل الآلاف من المدنيين وتدمير المؤسسات والبنى التحتية والموارد المادية كما البشرية..؟؟؟ والسياسات المتطرفة تقود إلى ممارسات متطرفة تنفذها المجموعات كما تقوم بها الدول ايضاً...؟؟ فالقتل العشوائي مرفوض سواء ارتكبه فريق او مجموعة أو دولة سواء كانت عظمى او من دول العالم الثالث..؟؟
المشكلة الأساس لبروز وتفشي هذه الظاهرة، هي في عدم تحقيق العدالة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية اولاً..؟؟ وثانياً في تجاهل المجتمع الدولي لتطلعات الشعوب، ومنعها من تحقيق طموحاتها في الحرية والعدالة...؟؟ وفي العمل على دعم الديكتاتوريات الحاكمة وتبرير بل تعزيز هيمنة الأقلية على الاكثرية..؟؟ مما جعل من التطرف ليس فكراً فقط بل سلوك وطريق خلاص وانتقام ايضاً...؟؟
ما يجري في سوريا اليوم نموذج لهذه السياسة الدولية وحتى الإقليمية التي تساعد الظالم على قتل الشعب المظلوم، موقف روسيا العدائي لتطلعات الشعب السوري، ودعمها لأقلية دينية حاكمة ولكن بقوة النار والبارود والدم، وتلكوء الغرب في معالجة الزمة السورية طوال سنوات، واستعداء ايران وحزب الله للأمة الإسلامية وتمزيق وحدتها واستقرارها عبر تزخيم الخلاف الديني والمذهبي وتعميق الهوة دموياً بين السنة والشيعة، بالانخراط في الحرب السورية والعراقية واليمنية.. بطرقة عبثية ودموية.. وجعل لبنان في حالة عدم توازن واستقرار، والتدخل في غيرها من الدول ، كل هذا أوصلنا إلى مرحلة عدم الثقة والاستعداد لتفجير بعضنا البعض ...بأية وسيلة متاحة ..
وحدها العدالة، تحقق السلم والاستقرار في المنطقة وتبعد عنا شبح الحرب والصراع...؟؟ والاستماع لصوت العقل والمنطق، لا للغرائز، يعيد الهدوء واللحمة إلى مجتمعاتنا..؟؟ العالم كله اليوم يعبث باستقرارنا وامننا، ويغزو ارضنا لحماية هذا او ذاك، والعنوان والهدف واحد، وهو ابقاء حالة عدم الاستقرار مسيطرة وغلبة فريق على آخر مهيمنة ومستمرة ...؟؟ وبالتالي تبقى اسباب التدخل موجودة، وممارسة القتل وتجربة آخر انواع الأسلحة الحديثة التي تم صنعها واختبار شدة فتكها وفعاليتها بدماء اهلنا ودماء ابنائنا.. وعلى ارضنا..؟؟
طالما ان العدالة لم تتحقق، وطوال وجود فريق يحاول الهيمنة بالقوة على السلطة والثروات، واستمرار ارتباطه بمحور دولي او اقليمي لتعزيز هيمنته او ديكتاتوريته على هذا الشعب او ذاك، مستخدماً الدين وسيلة للتحريض، ومستحضراً التاريخ لتجييش جمهوره وتبرير تورطه، فلن تستقر المنطقة ولا حتى العالم بأسره، وهذا ما لا يريده او يرغب به اي عاقل.. ولكنه الظلم الذي يجب معالجة اسبابه والخلاص ممن يمارسه...تحقيق العدالة والانتقال لمرحلة التنمية وتعزيز الحوار.. طريق الخلاص ... اما الحرب وسفك المزيد من الدماء فإنه لن يقود المنطقة والعالم إلا إلى مزيد من الصراعات وسفك الدماء وتعميق الانقسام...
ـــــــــــــــــ
*مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات