الرئيسة \  مشاركات  \  وحي الصدور (56)

وحي الصدور (56)

14.06.2016
معمر حبار




جبل الله:حين إرتفعت الأمواج كالجبال، تحركت في سيّدنا نوح عليه السلام، فطرة الأبوة السليمة، فنادى الأب إبنه" ..وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ "، هود - الآية 42. وظن الإبن أن الجبل يحميه، فقال: " قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚقَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ "، هود - الآية 43
جبال الأمواج تلتهم الجبال الراسيات. كل الجبال التي يعتقد المرء خطأ أنها راسية، فهي إلى الزوال، وستبتلع ولو إلى حين. وأمامك جبل الشباب، وجبل الجاه والسلطان، وجبل الاعتماد على الغير، وجبال المال والذهب والفضة، وغيرها من الجبال،  ستزول لا محالة، إلا من إعتصم بجبل رب العالمين، فسيكون له صونا وحماية من الغرق والذوبان.
سؤال الوالد لولده:لأول مرة في حياتي أقف على سبب إستجابة الله سبحانه وتعالى لسيّدنا زكرياء عليه السلام، لأنه كان أمينا صادقا ومخلصا في تربية سيّدنا مريم عليها السلام، وتجلى ذلك في سؤاله وهي الطاهرة النقية العفيفة " .. كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَاقَالَتْ هُوَمِنْعِندِاللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ "، آل عمران - الآية 37.
وبعد السؤال والصدق في التربية، جاء الدعاء والاستجابة "هُنَالِكَ دَعَازَكَرِيَّارَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ "، آل عمران - الآية 38.
من رأى إبنه يغش وعلم بأنه يغش، ولم يكلف نفسه عناء السؤال، ثم النصح والتوبيخ والعقاب، حتى لايتكرر الغش ويتحول إلى ماهو أخطر، فلا يلومن نفسه إذا حرم الاستجابة، ورزق الذرية الفاسدة المفسدة.
إن البيت أساس المجتمع، وسؤال الوالدين زينته، والصدق والإخلاص في تربية الولد سقفه الذي يحميه ويرعاه.
فضل التعاون..يسألني أكبر الأبناء عن الحكم التي يمكن إستنباطها من قوله تعالى.."وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰوَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"، المائدة - الآية 2.يجيب الأب: تكمن الحكمة الظاهرة لي الآن في أهمية وقيمة التعاونفي..
إقامة الخير بالتعاون  والحد من الشر بالتعاون. والمرء لايستطيع أن يقيم خيرا بمفرده، ولا يستطيع أن يوقف شرا بمفرده. وهو مطالب أن يتقي ربه فيما يقدم عليه من خير. وأن يتقي ربه فيما يقدم عليه من توقيف الشر. ثم إن الله تعالى كان رحيما بعباده، حين لم يطلب منهم أكثر من التعاون ، مايدل على أن قيام الأمم في التعاون بين أفرادها.
قرأ إمام صلاة التراويح، قوله تعالى.. " وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰعَلَىٰشَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ "، البقرة - الآية 113.
أقول.. إن الذي يحتكر الجنة لنفسه، ويدعي أنه الوحيد على حق، ويرمي غيره من المسلمين بأنه ليس على شيء، لا يختلف إطلاقا عن اليهود والنصارى، الذين  رمى كل منهما الآخر بأنه ليس .. عَلَىٰ شَيْءٍ.