الرئيسة \  تقارير  \  فورين بوليسي  :10 أفكار لإصلاح الديمقراطية.. (2 – 3)

فورين بوليسي  :10 أفكار لإصلاح الديمقراطية.. (2 – 3)

22.02.2022
ستيفان ثيل


ستيفان ثيل* – (فورين بوليسي) 7/1/2022
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
الغد الاردنية
الاثنين 21/2/2022
على مدار 15 عامًا متتالية، سجلت الحصيلة السنوية لمنظمة “فريدوم هاوس” انخفاضًا مطرداً في عدد الديمقراطيات في العالم. وهي خسارة ثابتة في الأرضية يصفها لاري دياموند، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستانفورد، بأنها “ركود ديمقراطي”. وما مِن حدث يمكن أن يعرض حقيقة التراجع الديمقراطي بطريقة أكثر دراماتيكية من اقتحام مبنى الكابيتول الأميركي في 6 كانون الثاني (يناير) 2021 -عندما اختبرت أقدم ديمقراطية ليبرالية في العالم أول انتقال رئاسي عنيف في تاريخها البالغ 245 عامًا. ومع إحيائنا الذكرى المريبة لهذا الحدث، يتم تذكيرنا بكَم هي الديمقراطية هشة حقاً.
تقف الديمقراطية الآن على الجانب دفاعي، والأسباب عميقة بقدر ما هي مألوفة. فقد غذى تزايد عدم المساواة مزاجاً عالمياً يرى أن المؤسسات الديمقراطية لا تقوم بخدمة مواطنيها. وأدى انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي إلى تفاقم الاستقطاب السياسي والانقسامات الثقافية، وهو ما يستغله الشعبويون بسهولة. وأدت موجات الهجرة الجماعية والتحولات الديموغرافية السريعة إلى تمكين المتطرفين. وفي جميع أنحاء العالم، انتهزت الأنظمة الاستبدادية ضعف الغرب كفرصة لتوسيع نفوذها. ويكتسب المستبدون معجبين في الغرب أيضًا: في عالم لا يني يزداد تعقُّداً باطراد ويواجه تهديدات جيلية -من الأوبئة إلى تغير المناخ- تثير السرعة والشمولية اللتان تستطيع بهما الأنظمة الاستبدادية تنفيذ القرارات بعض التساؤل عما إذا كانت الديمقراطية الفوضوية، التداولية الساعية إلى التسوية، ما تزال قادرة على أداء عملها. في استطلاع للرأي أجري في حزيران (يونيو) 2021، كانت لدى أغلبية طفيفة من الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا رؤية إيجابية للاشتراكية، في ما يشير إلى أن الأجيال الشابة في الديمقراطيات الغربية تصبح أكثر انفتاحاً بشكل متزايد على أنظمة حكم بديلة.
كل هذا يشكل دعوة للعمل. وقد جمعت مجلة السياسة الخارجية “فورين بوليسي” رؤى عشرة مفكرين بارزين لمشاركة أهم الحلول التي يقترحونها لإصلاح آليات عمل الديمقراطية، والدفاع عنها ضد أعدائها في الداخل والخارج، وضمان بقائها وازدهارها من خلال تقديم خدمة أفضل للناس الذين تحكمهم.
ثمة العديد من الثيمات التي تظهر في هذا الإطار. وتظهر الحلول الأكثر إلحاحًا بوضوح في الوطن، بدءًا من طرق تقليل مكامن عدم المساواة في رأسمالية القرن الحادي والعشرين. وتشكل التكنولوجيا مجالًا ملحاً لعمل السياسية، كما يُظهر الخطاب السام الذي تحرضه وسائل التواصل الاجتماعي؛ ومخاطر القرصنة؛ وبرمجيات التجسس؛ والمراقبة؛ والمعلومات المضللة. وبعد عام شهد تمردًا قوميًا في الولايات المتحدة واستمرار قوة الشعبويين المناهضين للمهاجرين في أوروبا، ركز العديد من المفكرين الذين شاركونا آراءهم على كيفية معالجة الانقسامات العرقية وغيرها من الانقسامات الاجتماعية. وفي ضوء الصراع المتزايد بين القوى الديمقراطية والاستبدادية، ليس من المستغرب أن يحتل بناء دفاعات أفضل ضد التهديدات الخارجية -من تسليح الفساد إلى التدخل في الانتخابات- مرتبة عالية بين اهتمامات الكتاب أيضًا. وقد طلبنا من المشاركين أن يكونوا ملتزمين وراديكاليين في طروحاتهم قدر الإمكان. وتُظهر ردودهم أن المهمة ضخمة، وأن الإصلاحات تجريبية وغير يقينية في أحسن الأحوال.
ربما كان الشيء الوحيد المفقود من النقاش إطلاق دعوة إلى التوقف عن التصرف وكأن الديمقراطية محكوم عليها بالفناء. قد يكون من المفيد أن نتذكر أن تاريخ إجهاد الديمقراطية قديم قدم الديمقراطية نفسها: في العام 1787، تنبأ بنجامين فرانكلين بأن الحال سينتهي بالجمهورية الأميركية قريبًا إلى الاستبداد: “عندما يصبح الشعب فاسدًا للغاية بحيث يحتاج إلى حكومة استبدادية، لأنه لا يكون قادراً على إنتاج أي حكومة أخرى”. لكن التاريخ مضى ليحكي قصة أخرى. على الرغم من عيوبها الموثقة جيدًا والحاجة المستمرة إلى إعادة ابتكارها، جلبت الديمقراطية الليبرالية الحقوق المدنية؛ والمشاركة السياسية، والحراك الاجتماعي، والفرص الاقتصادية للجماهير والأقليات التي كانت محرومة من حقوقها في السابق. وفي جميع أنحاء العالم، ربما تأخذ البلدان الفقيرة والاستبدادية بكل سرور مرتزقة موسكو وأموال بكين، لكن الديمقراطية على النمط الغربي ستظل الغاية التي يظل يطمح إليها مواطنوها. وكما كتب أندريس فوغ راسموسين، فإنه “نادرًا ما يخرج الناس إلى الشوارع مطالبين بمزيد من الاستبدادية”. ويمكن لقدر إضافي قليل من الثقة أن يقطع بنا شوطًا طويلاً بينما تكتب الديمقراطية فصلها التالي.
*ستيفان ثيل، نائب رئيس تحرير مجلة “فورين بوليسي”.
*نشر هذا الملف تحت عنوان: 10 Ideas to Fix Democracy