الرئيسة \  تقارير  \  فورين بوليسي: ألغام وذخائر عنقودية وعبوات ناسفة.. تركة مريرة للحروب في العراق

فورين بوليسي: ألغام وذخائر عنقودية وعبوات ناسفة.. تركة مريرة للحروب في العراق

17.02.2022
الجزيرة


الجزيرة
الثلاثاء 15/2/2022
نشرت مجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية تحقيقا صحفيا عن إحدى تبعات الصراعات المسلحة التي كان العراق مسرحا لها منذ حربه مع إيران في ثمانينيات القرن الماضي وحتى الغزو الأميركي له في مطلع هذا القرن.
وذكرت المجلة في تحقيق أنجزه الصحفي جاك لوش، أن بغداد لن تستطيع إعادة تشييد بنيتها التحتية وقطاعها الزراعي طالما أن مئات الآلاف من العبوات الناسفة محلية الصنع ما تزال متناثرة في كل مكان.
وجاء في التحقيق أن مجموعة "هالو تراست" (HALO Trust) البريطانية غير الربحية التي تعمل على نزع الألغام والعبوات غير المتفجرة في بيجي، في إطار عمل دائرة الأمم المتحدة المتخصصة بنزع الألغام "يو إن ماين أكشن سيرفس (UN Mine Action Service )، استطاعت أن تزيل نحو 700 عبوة ناسفة بدائية الصنع من أحد الحقول الشاسعة في مدينة بيجي بمحافظة صلاح الدين.
وتصف المجلة تلك المخلفات بأنها نزر يسير من مئات آلاف المتفجرات محلية الصنع التي زرعها تنظيم الدولة الإسلامية عندما كان يشيع الرعب في كل أرجاء العراق.
وفي بيجي المدينة الصناعية الواقعة في الطريق الرابط بين العاصمة بغداد ومدينة الموصل شمال البلاد، تمتد أحزمة القنابل المدفونة في باطن الأرض من مصفاة النفط القريبة، وهي أكبر مصافي النفط في العراق التي كانت يوما من الأيام تحت سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة.
يقول عمر حسام -وهو قائد فريق تابع لمنظمة "هالو ترست"- إن تنظيم الدولة زرع عبوات ناسفة بدائية الصنع على بُعد 3 إلى 5 أمتار من بعضها بعضا، وإن هناك العديد من المناطق تغص بذلك النوع من المتفجرات.
وتُظهر أحدث بيانات مرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية أن الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب تتسبب في "أعداد كبيرة من الضحايا"، مشيرا إلى سقوط  أكثر من 7 آلاف قتيل وجريح في جميع أنحاء العالم في عام 2020، أي ما يقرب من 20 شخصًا يُقتلون أو يُصابون كل يوم.
انتشار المتفجرات
ووفقا للمجلة الأميركية، فإن تلك الأسلحة "العشوائية"، فضلا عن القذائف غير المتفجرة وحقول الألغام من مخلفات الحروب السابقة، جعلت العراق أحد أكثر الدول في العالم التي تنتشر فيها المتفجرات.
ومثل رماد منبعث من ثوران بركاني، أدى الاندلاع المتكرر للصراعات طيلة العقود الماضية إلى تناثر المتفجرات في مساحات شاسعة من العراق. ففي الجنوب، خلّفت تلك النزاعات -بدءا من الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي، وحرب الخليج في 1991، والغزو الأميركي في 2003- وراءها حقول ألغام وذخائر عنقودية غير متفجرة.
ومما زاد الطين بلة -بحسب التحقيق الصحفي- ذلك الاستخدام غير المسبوق وعلى نطاق واسع للعبوات الناسفة البدائية من قبل تنظيم الدولة في شمال العراق، بالإضافة إلى قذائف الهاون والمدفعية التي يطلقها التنظيم والفصائل الموالية للحكومة.
ولا تقتصر المشكلة في كون أن استخدام المتفجرات في المناطق السكنية قد يؤدي إلى قتل وجرح وإثارة هلع السكان ونزوحهم فحسب، بل في تصميمها الذي لا يمكن التنبؤ بأدائها، وفي الاستخدام غير الدقيق لها الذي يتسبب في عدم انفجار الكثير منها.
وتحذر المجلة من أن تلك المخلفات قد تهدد أرواح المدنيين لسنوات عديدة بعد انتهاء الصراع، مما يجعل الأوضاع تدور في حلقة مفرغة. ثم إن الوجود المستمر لتلك المتفجرات يعيق النمو الاقتصادي وعودة النازحين إلى ديارهم، ويعرقل الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية، والخدمات الأساسية الأخرى.