الرئيسة \  تقارير  \  “فورين بوليسي”: الجميع عن القدرات الروسية.. ماذا عن القوات الأوكرانية؟

“فورين بوليسي”: الجميع عن القدرات الروسية.. ماذا عن القوات الأوكرانية؟

30.01.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
السبت 29/1/2022
تأمل أوكرانيا في أن يدفع تشكيلُ القوات الدفاعية المدنية، التي يبلغ قوامها 130 ألف جندي، الرئيسَ الروسي فلادمير بوتين للتفكير مرتين قبل تنفيذ ما يريده، حسب ما جاء في تقرير للكاتب جاك ديتش، نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية.
يستهل مراسل المجلة في شؤون البنتاجون، والأمن القومي، تقريره بالإشارة إلى توقع المسؤولين في أوكرانيا بأن يخيم الهدوء الشديد على أوكرانيا حتى في الوقت الذي حذرت فيه إدارة بايدن وبعض حلفاء الناتو من احتمالية إقدام روسيا على غزو أوكرانيا في أية لحظة. وأصرَّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن الاستفزازات الروسية لم تتغير منذ قرر الكرملين غزو أوكرانيا لأول مرة في عام 2014.
تسليح الميليشيات                                 
وأوضح الكاتب أن البرلمان الأوكراني وافق على قانون موسَّع يسمح للجيش بتسليح المليشيات المحلية بِناءً على طلب زيلينسكي، حتى قبل أن تبدأ روسيا تعزيزاتها العسكرية الحالية في مارس (آذار) 2021. ومن وراء الكواليس بدأت وزارة الدفاع الأوكرانية في التخطيط المكثَّف لتنظيم المقاومة الشعبية تجاه أي اجتياح روسي جديد؛ إذ تخطط كييف أن تشمل جميع شرائح المجتمع الأوكراني، وفقًا لخطة شاركتها مع الجيوش الغربية، واطَّلعت عليها المجلة الأمريكية.
استنزاف روسيا
وأشار الكاتب إلى أن أوكرانيا سرَّعت من وتيرة التخطيط في الأيام الأخيرة؛ إذ استعان زيلينسكي بالجنرال يوري جالوشكين لقيادة الدفاعات الإقليمية، وهو أحد المحاربين القدامى في معارك عام 2014 المكثَّفة للدفاع عن مطار دونيتسك الدولي من الانفصاليين الموالين لروسيا. وقال مسؤولو دفاع أوكرانيون إنها محاولة لإيلام القوات الروسية قدر الإمكان إذا أعطى الكرملين الضوء الأخضر لغزو جديد.
وكتب وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في رسالة من تسع صفحات وصفت بأنها “تعزيز” لقوات المقاومة الوطنية، قائلًا: “إن أفضل طريقة لحماية أوكرانيا من مزيدٍ من التصعيد العسكري من جانب الاتحاد الروسي هي تهيئة أجواء يتكبد فيها المعتدي خسائر فادحة، ولن يتمكن من تحقيق هدفه”، موضحًا أن “هدف المعتدي هو القضاء على أوكرانيا المستقلة”.
ولفت الكاتب إلى أن الجهود الجارية لبناء 25 لواءً في كل منطقة أوكرانية، والعاصمة كييف، فضلًا عن المدن الرئيسة الأخرى، مثل خاركيف وأوديسا، تهدف إلى حماية أجنحة الجيش الأوكراني من الهجوم الروسي أثناء تحركه لمواجهة تقدم محتمل في الشرق. وستقود قوات العمليات الخاصة الأوكرانية، التي زاد عددها بالفعل بمقدار ألف جندي لدعم المهمة، الجهودَ الرامية لبناء قوات المقاومة وتدريبها.
وأضاف ريزنيكوف قائلًا: “إن المهمة بسيطة للغاية، وهي أن لا نسمح بوصول كارثة إلى منازلنا”، موضحًا أنه “عندما يصبح المئات من المدنيين على أهبة الاستعداد من خلال معرفة تحركاتهم بالقرب من منازلهم، والتمكن من الانتقال إلى مواقعهم في غضون ساعات، فسيخلق ذلك نوعية جديدة من الدفاع”.
نقاط الضعف
ولكن على الرغم من ذلك، بحسب ما يستدرك الكاتب، فإن المسؤولين الأوكرانيين يقفون جيدًا على نقاط الضعف التي تشوب الخطة، وآية ذلك أن التسليح العشوائي للمدنيين انتهى بكارثة في العقود الأخيرة. وعلى سبيل المثال انتهى قرار إدارة أوباما بتزويد المعارضة الليبية بالأسلحة عن طريق قطر في عام 2011 بكارثة حين وقعت بعض تلك الأسلحة في نهاية المطاف في أيدي المتشددين الإسلاميين، بحسب الكاتب.
وتصر وزارة الدفاع الأوكرانية على امتلاكها ما يكفي من الأسلحة والذخائر لإمداد 150 كتيبة ووحدة جديدة على مستوى اللواء بالمدن الكبرى، وسوف تنظم التدريبات في جميع أنحاء البلاد، ولكن ريزنيكوف وكبار المسؤولين ما زالوا يعكفون على تحديد كيفية إنشاء هيكل القيادة والسيطرة بين القوات العاملة والمدافعين عن الأراضي، فضلًا عن توفير مناطق آمنة لتخزين الأسلحة. واعترف ريزنيكوف أن العاملين في مراكز التجنيد ليسوا على دراية بعد بالخطة.
وقال مسؤول عسكري غربي لمجلة “فورين بوليسي”: إن الصراع سوف يُعيد على الأرجح المحاربين القدامى المتمرسين إلى الخدمة العسكرية. لكن ليس من الواضح ما هو مستوى الخبرة العسكرية التي ستتعامل معها القوات الأوكرانية عندما تبدأ في تدريب المدافعين الجدد عن الأراضي. وفي حين تعتمد أوكرانيا على 10 آلاف متعاقد عسكري للمساعدة في بناء قوتها، سيتعين عليها سريعًا اختيار وتدريب 130 ألف مدافع جديد، ووحدات متطوعة على مستوى المجتمع المحلي للدفاع عن مدنها وقراها.
ونوَّه الكاتب إلى أن وزارة الدفاع الأوكرانية صرَّحت أن ألوية الدفاع عن الأراضي تعمل بـ70% من قدراتها، وسيُنجز هيكلها القيادي في غضون شهر، لافتًا إلى إنشاء نموذج مماثل للميليشيا في أفغانستان في عام 2018 للدفاع عن المناطق التي جرى تطهيرها من المتمردين، بيد أن تلك القوات أثارت انتقادات بسبب عدم وجود هيكل قيادي، وكذلك أعربت جماعات حقوقية عن قلقها من احتمال حدوث تجاوزات مماثلة ناجمة عن الوحدات.
وترٌ حساسٌ لروسيا
وتابع الكاتب قائلًا: ولكن فيما يخص أوكرانيا، فإن الجهد يتعلق بالرغبة في القتال أكثر مما يتعلق بتكنولوجيا المعركة أو الكفاءة. ويمكن للاستعدادات الأوكرانية لخوض قتال دموي أن تضرب على وتر حساس للكرملين الذي أصبح حذرًا من سقوط ضحايا من الروس في السنوات الأخيرة. إذ اعتمدت القوات المسلحة الروسية، في كل من غزو شرق أوكرانيا ومهمة دعم نظام الأسد في سوريا، على المبدأ الحربي الداعي إلى عدم الإفراط في القوة.
وأدَّت الحرب السوفيتية الأخيرة، أي غزو أفغانستان، إلى خسائر فادحة في الأرواح، وهي ذكرى لم تزل حاضرة في الأذهان، وعندما وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السلطة، ورث الحرب الروسية الثانية في الشيشان، والتي شهدت انخراط القوات الروسية في بعض من أكثر المعارك دموية داخل المدن خلال العقدين الماضيين.
وأضاف الكاتب أن نشوب صراع دموي في أوكرانيا قد يأتي في وقت يعاني فيه بوتين من ضعف سياسي، وذلك لأن سَجْن روسيا لزعيم المعارضة أليكسي نافالني في العام الماضي، بعد أشهر فقط من مؤامرة دبرتها موسكو لتسميمه بغاز الأعصاب “نوفيتشوك”، أدَّى إلى نزول عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع، وهو مؤشر على تزايد الإحباط بسبب الركود الاقتصادي وفساد الكرملين.
وينقل الكاتب في ختام تقريره عن مسؤول دفاعي أمريكي سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته للتحدث صراحةً عن الاستعداد العسكري، قوله: إن الأمر “أصبح لعبة أرقام فيما يتعلق بكل ما يشعر بوتين أنه يريد امتلاكه”، متسائلًا: “هل يستطيع بوتين أخذ ما يريده دون تكبد خسائر قد تُخِل بالتوازن السياسي الداخلي في روسيا، ومن ثمَّ تعريض النظام للخطر؟”.