الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وعد جنيف وعهد بلفور

وعد جنيف وعهد بلفور

25.01.2014
عمر كلاب


الدستور
الخميس 23/1/2014
مشهد مسرحية مؤتمر جنيف 2 يشبه الى حد بعيد مشهدية وعد بلفور , حين منح مَن لا يملك ما لا يستحق , فالجالسون على الموائد المُستطيلة مطعون بشرعيتهم جميعا سواء الضيوف او الحضور السوريين أو دول الجوار , فجميعهم لا يملكون منح السوريين أمنا وأمانا ولقمة هانئة وانتخابات نزيهة , وجميعهم يحملون خلف ظهورهم خناجر لطعن طرف أو فصيل سوري , فمن يمارس الفِعل الإرهابي على الأرض غير موجود ولا يملك أحد من الجالسين وقف إرهابه أو إجلاسه على مائدة حوار .
الجالسون عن المعارضة لا يملكون تفويضا من أطراف المعارضة المدنية ابتداءً – فكيف الحال بالفصائل المسلحة - و الوفد الجالس لن يستطيع تنفيذ أدنى التزام يتفق عليه مع الوفد الرسمي أو وفد النظام الأسدي كما تقول المعارضة , ولا يملك وليد المعلم والنظام من خلفه توفير الأمان للجيش والشعب من تفجيرات داعش والنصرة ولا يملكون أدنى ضمان على وقف القتال بل انهم غير قادرين على حماية وفد المعارضة إذا ما وافق على نقل المفاوضات الى دمشق أو أي بقعة سورية , وكيري ليس بلفور حتى يضمن تنفيذ عهده أو وعده للمؤتمرين في جنيف , ليس لأن سوريا ليست تحت الانتداب الأمريكي فحسب بل لأن النظام السوري يمتلك أوراقا اقليمية توازي ما تمتلكه واشنطن مع زيادة ان واشنطن باتت عاجزة عن خوض حرب على غرار العراق او بنما او غيرها من النماذج الحربية التي خاضتها واشنطن .
العالم الآن يستعيد بعض توازنه بميلاد اقطاب جديدة والتخلص من ظاهرة القطب الواحد الذي ساد العالم لعقدين ونصف تقريبا , والعصاة الامريكية الغليظة لم تد توجع إلا جوانب امريكا نفسها التي فقدت مشروعية قيادة العالم الحر كاإدعت في بداية ميلادها وتأثيرها ينحسر كونيا ويبدو ان العرب العاربة وحدهم من يرون ان امريكا كما هي دون تَغّير في مكانتها وقدرتها العسكرية والمالية , والعرب سائرون نحو تمزيق اقطارهم واوطانهم بغرائزية داحس والغبراء واصدار شهادة براءة للثنائي سايكس وبيكو .
امريكا والحركة الصهيونية معنيتان بأمر واحد وأمن واحد هو امن اسرائيل وامرها , وما يجري وضع مثالي للمشروع الامريكي الصهيوني , فسوريا اللاعب الاقليمي الماهر بات الآن ملعبا اقليميا بدليل مشهدية جنيف وحجم اللاعبين الجالسين على الموائد المستطيلة وحجم الكلمات وتباينها بين المتحدثين مُضافا اليه عدم موانة كل الاطراف السورية نظاما ومعارضة على تنفيذ ادنى اتفاق , طالما ان الفكرة الرئيسة غائبة عن الحضور .
الفكرة الرئيسة لجنيف يجب ان تكون انقاذ الدولة السورية من الضياع والتفكك والارهاب , وهذا الهدف الذي تبادلت الاطراف السورية التأكيد عليه مع الاختلاف على اسبابه فالمعارضة المجزوءة تتهم النظام والنظام يطلب دعم المجتمعين لشن الحرب على الإرهاب .
اي ان النظام السوري استعار نفس الخطاب الامريكي ولكن بحنجرة روسية سورية , وقدم وزير الخارجية السوري خطابا يكشف حجم المعارضة الجالسة امامه , فهو يعرف تماما وزنها على الارض وعدم قدرتها على تحرير شبر من داعش والنصرة وان كل ما انجزه الجيش الحر هو النفاذ الى مناطق شهدت طحنا بين داعش والنصرة فقط , وبالتالي كان المعلم يتحدث باستعلاء على الوفد السوري وبلغة فيها الكثير من التحدي فيما تحدث بلغة يعرفها الأمريكان جيدا فهم اول من برر الحرب لصدّ الارهاب .
الازمة السورية فلتت من وعودات جنيف وعهود كيري ودخلت في نفق مظلم اسمه “الإرهاب المُتبادل” , فآلة القمع البعثية يعرفها الجميع وعانى منها السوريون ومَن ناصرهم من العرب والبديل الحاضر على الأرض السورية هو إرهاب النصرة وداعش والعودة الى العصور الظلامية وبات على السوري أن يختار بين نارين أو بين عُنف وارهاب وتدمير في النهاية لدولته الوطنية ، فماذا يختار ؟