الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وليد المعلم والجار القوي الضعيف

وليد المعلم والجار القوي الضعيف

27.01.2014
د. مهند مبيضين


الدستور
الاحد 26/1/2014
استنهض وليد المعلم بخطابه في جنيف 2، المحبطين من بقاء الأسد وعدمه، وكأن سوريا لا تبقى إلا بالأسد. وحتما يجافي المنتصرون للمعلم أو على الأقل بعظهم، أنه جزء من نظام موغل بالدم. ونسي المعلم وهو يغمز على الأردن بقوله :"جار جنوبي ضعيف ويؤمر.." بأن الأردن لم يؤمر يوم أمرت سوريا بالذهاب لحفر الباطن، وكان الأردن في أسواء ظروفه الاقتصادية لكي يقبض الثمن، لكنه الأردن أبى ان يبيع العراق لأمريكا،وامريكا قبحها الله ما تحالفت مع أحد إلا وضحت به، ونسي ان سوريا الجار القوي للبنان استضعفت لبنان ورتبت قوائم الموت للسياسيين بعدما كان نظام الأسد يغتسل بشرف لبنان من كذبه المنتصب على مشاجب المقاومة المستدعاة.
هل نسي أن الأسد الذي يدافع عن بقائه اليوم، برر كل الفضائع بحجة حماية سوريا؟ وهنا يقع الخلط بين العروبة والأسد بين دمشق التي تآمرت بتجارها ونخبها دوما على الوحدة والاستقلال.هل يذكر تآمر تجار الشام على فيصل بن الحسين ودولته العربية يوم كان كامل القصاب يشبع فيصل خطابات تشبه خطابات المعلم اليوم في دار الحكم، ويقبض الثمن بيد أخرى.
نسي المعلم، ان شرعية نظامه مبنية على حناجر الاحرار الذين اغتالهم في سجونه، وفي قوائم الغياب والنهايات المفتوحة، وهكذا تختلط الشرعية ومفهوم الشعب بالمقاومة والوطن، ولكن سوريا التي مادت في حواريها كل الجيوش، وسادت فيما بعد على كل المستبدين، قادرة على أن تجهز على نظام الأسد الذي ظل دوما أشبه بالنبت الحرام على حدائق الياسمين الدمشقي.
نسي المعلم يوم دخل الأنباط في عهدي الحارث الثالث وعبادة الاول دمشق وخاضا معاركهم من الجنوب، لكي ينقذا دمشق والجنوب السوري من الهيروديين في فلسطين، فانتصر الأنباط و استولوا على جنوب شرقي سوريا بما فيها حوران و جبل الدروز؟ ترى هل يسعفه مؤرخوه وكتاب نظامه بالتاريخ الذي يقول أن الأنباط  حاصروا القدس و احتلوا دمشق، و قد حاول الرومان بقيادة بومبي احتلال بلادهم و لكن الملك الحارث الثالث استطاع الصمود في وجههه والاحتفاظ بنفوذه كي لا يسرق وجه دمشق العروبي، هل نسي المعلم خالد هجهوج  المجالي في الجولان، وهل نسي من اطلق النيران على ظهور جنود الجيش العربي، من الجهة السورية؟ ألم يكن ذلك رغبة من نظام الأسد بالقضاء على اللواء الأربعين؟.
 هل نسي أن حوران قصب سنابلها يأبى الخضوع لعائلة واحدة، ونسي أن  سلطان باشا الأطرش وأحفاده قضوا وقتا في الأردن هربوا ولجؤوا لوطن أقل ما فيه أنه لم يبن شرعيته على الدم بل المعرفة، ونسي أن الاردن بلد أحرار وليس طائفة أو حزب ونظام يحكم دولة بمظلة حزب.
نسي المعلم أن خطابات النهايات التي تذكر بأم المعارك على أبواب بغداد، لن تكون طويلة، وأن الرفاق لم يصمدوا كثيرا. ونسي المعلم أن ملالي إيران هي التي اعطت الأسد كوبانات البقاء يوم اعتبرت العلوية جزءا من نظام أية الله وعقيدته، ونسي المعلم أن دمشق ليست مجرد قباب ومحاريب، بل هي برأي إيليا أبو ماضي: "عزم تمرد فاستطال قبابا".
ابهر المعلم كل المنكسرين الذين أبوا أن يروا مساوئ نظام الأسد، ودمشق التي فازت دوما على كل المستبدين وبقيت،ستعود اكثر قوة، ولكن بدون الأسد. نسي المعلم درعا الأرملة، ونسي فاروق الشرع المعتزل، ونسي كل الذين أطلق عليهم بشار رصاصة الرحمة مع انه يكره الدم كما يزعم.
وليد المعلم كان يمكن أن يكون أكثر ابهارا لو انحاز لسوريا، ولم ينحاز للأسد، وهذا لا يعني البعض الراكبين في قطار الثورة أفضل، بل كل المتاجرين بدم الشعب السوري وتضحيات الثورة أكثر سوءا وأكثر بشاعة، فهناك في الداخل قادة أفضل واكثر نزاهة ممن يتصدرون المشهد اليوم.
ترى هل نسي المعلم أن سوريا كان جارنا الشمالي، القوي والضعيف والمتآمر الذي أمر مرارا وأطاع، ولم يطلق رصاصة واحدة يوم غردت طائرات اسرائيل فوق قصر السيد الأسد؟.