الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وما أدراك.. ما داعش؟

وما أدراك.. ما داعش؟

18.01.2014
الطاهر إبراهيم


القدس العربي
الجمعة 17/1/2014
عندما وضع الرئيس الأمريكي باراك أوباما جبهة ‘النصرة’ في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2012 على لائحة الإرهاب، ساءه أن يقف رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب مدافعا عن جبهة النصرة. ليس هذا فحسب، فقد أشاد رئيس أركان الجيش الحر سليم إدريس بجبهة النصرة في قتالها جيش بشار الأسد وانضباطها تجاه من تأسرهم من جنود النظام. كانت النتيجة أن واشنطن لم تعد ترتاح لمعاذ الخطيب، ما اضطره إلى الاستقالة من رئاسة الائتلاف. أما اللواء سليم إدريس فقد تجاهلت واشنطن طلباته في تسليح الجيش الحر، ما أدى إلى أن تضمر الوحدات التابعة له. كما رأينا كيف لم يستطع مؤخرا، الدفاع عن مكاتبه على الحدود التركية التي هاجمتها وحدات تابعة لـ’داعش’، ما دفع وحدات الجبهة الإسلامية الى أن تسارع في صد الهجوم.
يتساءل كثيرون عن سبب تركيز واشنطن على جبهة النصرة، من دون أن يحظى تنظيم دولة العراق والشام ‘داعش’ وأميرها أبو بكر البغدادي بنفس الاهتمام. نَفْي ‘أبو محمد الجولاني’ أن يكون تابعا إلى إمرة البغدادي لم يخفف من اتهام واشنطن جبهة ‘النصرة’ بالإرهاب.
احدى القراءات التي يتم تداولها، أن تنظيم دولة العراق والشام ‘داعش’ التابع لتنظيم القاعدة تم اخترقه من النظام السوري منذ كان النظام يسلح جهاديين عربا ويرسلهم لقتال الأمريكيين في العراق. وهنا تحضر قصة عميل المخابرات ‘أبو القعقاع محمود قول اغاسي’ الذي اغتيل في أيلول/سبتمبر 2007 أمام مسجده الذي يخطب فيه الجمعة، حيث يقال إن المخابرات السورية قررت تصفيته بعد أن انكشف أمره. وكان ‘أبو القعقاع أحد ضباط المخابرات الذين ألبسهم آصف شوكت عمائم المشايخ ليجندوا مقاتلين عربا ويرسلونهم إلى العراق لقتال الأمريكيين. ويوم تم التقارب بين بشار الأسد والمالكي استدرج هؤلاء العرب إلى سورية وتم اعتقالهم.
استطرادا، عندما اندلعت الثورة في سورية في آذار/مارس 2011، أطلق النظام من سجونه بعض من ثبت عليهم أنهم من الجهاديين السوريين. وعندما مثلوا أمام القاضي أمر الكاتب أن يوقّعهم على إقرار أنهم اعترفوا تحت التعذيب بأنهم جهاديون. احتج أحدهم بقوله: إننا فعلا جهاديون. فقال القاضي: وقع هذا ‘الحمار’ أنه اعترف تحت التعذيب، وأطلق سراحَه. غاية النظام كانت واضحة: أن يخرج هؤلاء من المعتقل، ثم يحملون السلاح، ليقول النظام للعالم انظروا: هؤلاء إرهابيون وليسوا سلميين. من جهة أخرى، فعندما اشتد عود المقاتلين أمر النظام بعض أعوانه أن ينشقوا ويلتحقوا بالجيش الحر، وربما انضم بعضهم إلى ‘داعش’.
هذه القصة ليست طرفة للتندر، لكنها حقيقة واقعة، إذا ما يزال بعض أولئك الجهاديين يقاتلون على رأس كتائب مهمة، حيث أذاقوا شبيحة بشار الأسد وميليشيا نصر الله وأبو الفضل العباس غصص الموت الزؤام، وبعضهم أسماؤهم معروفة.
من القراءات التي يتم تداولها على نطاق واسع أنه لوحظ ابتعاد الطائرات السورية عن قصف المواقع التي يسيطر عليها ‘داعش’، في وقت كانت تدكّ فيه الطائرات باقي الفصائل السورية. كما أن معظم المدن التي يديرها جنود ‘داعش’ تم تحريرها من قبل فصائل أخرى غير ‘داعش’، ثم استولى عليها هذا التنظيم في غفلة عن باقي الفصائل.
قد لا يُستغرب أن يهاجم نوري المالكي تنظيم ‘داعش’ الذي يقوم يوميا بتفجيرات في العراق، لكنه كان لافتا للنظر أن يهاجم المالكي جبهة النصرة، التي تنشط في سورية لا في العراق، حيث تقتصر على مقاتلة جيش بشار الأسد، ما جعل الناس يتساءلون عن اهتمام المالكي بجبهة ‘النصرة’. ويزداد العجب عندما يحشد المالكي الجيش العراقي في مدن الأنبار، ثم يغض النظر عن تنظيم ‘داعش’ الذي يشكل خطرا على العراق كما كان يزعم إعلام المالكي.
وقد لاحظ مراقبون أن اهتمام الرئيس أوباما بما يقوم به تنظيم دولة العراق والشام (داعش)، لم يكن على مستوى الخطر الذي تمثله في العراق، حيث كان يسقط مئات القتلى شهريا بالعراق، وكان من المفترض أن يهتم الرئيس أوباما بالسلم في العراق، كون واشنطن هي التي أوصلته إلى هذا المأزق. وهذا ما حدا بصحيفة ‘واشنطن بوست’ الصادرة يوم الاثنين 6 كانون الثاني/يناير الجاري أن تتهم إدارة الرئيس أوباما بإهمال العراق، ما جعل قبضة ‘داعش’ تشتد على مدن العراق. ونفس الكلام يقال عن تهاون حكومة المالكي مع التفجيرات التي يسقط بها عشرات القتلى في العراق يوميا. هذا القتل لا يقع في صفوف الشيعة فقط، بل في صفوف الشيعة والسنة، ما يشير بإصبع الاتهام إلى تنظيم ‘داعش’ الذي يزعم أنه حامي حمى أهل السنة في العراق، كما يدل على ذلك اسم دولة الإسلام في العراق والشام.
ويبقى السؤال: هل هناك اتفاق من تحت الطاولة بين ‘داعش’ وحكومة المالكي لغض الطرف عما يحصل من قتل يومي، لأن الطرفين مستفيدان مما يحدث، كل على طريقته.
وقد لا يبعد أن تكون واشنطن غير بعيدة عن هذا الأمر، أيضا لأسباب تخصها.
 ‘ كاتب سوري