الرئيسة \  تقارير  \  وول ستريت جورنال: قمّة المناخ والفشل المحتوم.. توقيت كارثي وأهداف غير واقعية

وول ستريت جورنال: قمّة المناخ والفشل المحتوم.. توقيت كارثي وأهداف غير واقعية

02.11.2021
الترا صوت


الترا صوت – فريق الترجمة
الاثنين 1-11-2021
توافد العديد من قادة العالم إلى غلاسكو للمشاركة في قمة المناخ، التي تعقد في وقت قد يكون الأسوأ على الإطلاق في تاريخ القمم، حسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال. وفوق مؤشرات الفشل المحتوم للقمّة، بدا أن المشاركين سيثيرون المزيد من المعضلات المدمّرة في الاقتصاد العالمي، وهو ما سيضاعف في المحصّلة من الضرر على المناخ.
shareتوافد العديد من قادة العالم إلى غلاسكو للمشاركة في قمة المناخ، التي تعقد في وقت قد يكون الأسوأ على الإطلاق في تاريخ القمم، حسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال
فمن الغرابة بمكان أن تعقد قمّة مثل هذه للمناخ في وقت تقف فيه أوروبا على تخوم أزمة طاقة إبّان موسم الشتاء، والرئيس الأمريكي يحثّ دول منظمة الأوبك لزيادة إنتاجها من النفط، والصين تلجأ إلى المزيد من الفحم لتوليد محطات توليد الطاقة في ظل نقص إمدادات الكهرباء، وجميع خطط الحفاظ على البيئة تعصف بها رياح الديمقراطية المتبدّلة.
ورغم ذلك كلّه، فإن هذه القمة تدعى "قمة المناخ 26"، أي أنّه قد سبقها 25 قمّة مثلها، وهم قمم تعترف الأمم المتحدة نفسها بأن الدول المشاركة بها لم تحرز سوى قليل من التقدم على مستوى تعهداتها السابقة المتعلقة بالتغير المناخي. وبدل التكيّف مع هذه الحقيقة المرّة، فإن الدول المشاركة في قمة غلاسكو تقرّر أن تعلن عن المزيد من الأهداف غير الواقعية.
وضعت القمة أولويّة لهدفين، الأول هو الوصول إلى "الحياد الكربوني" على مستوى انبعاثات الغازات، على مدى ثلاثة عقود تقريبًا، والثاني هو إقناع الدول المتطورة لتقديم المساعدات للدول النامية من أجل المساهمة في الحدّ بشكل أكبر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وعلى الأغلب لن يتحقق أي من الهدفين.
يخطط رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى الإعلان عن تعهد كبير على هذا الصعيد بالنسبة للمملكة المتحدة، ويبدو أنّه لا مفرّ له سوى ذلك، باعتبار أن بلده هي التي تستضيف القمّة. أما بايدن، فسيعلن على الأغلب التزامه بهدف الحياد الكربوني، رغم أنّ أجندة المناخ الوطنيّة للرئيس الأمريكي قد قصقصها الكونغرس الذي يسيطر عليه حزبه وحجّمها إلى حدّ كبير. فليس هنالك إجراءات لضمان التنفيذ والالتزام بالتعهدات، وهو الأمر الذي لا يترك سوى بعض التدفقات من الدعم لتطوير مصادر الطاقة البديلة.
أما الدول النامية، فحدّث ولا حرج. فتعهداتها واهية وتعتمد على الرشى من الدول الغنية. فرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) قد طلبت مؤخرًا المزيد من الدعم الدولي لتمويل مشاريعها المتعلقة بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، بواقع 367 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. خذ مثلًا الفلبين، التي تعتمد في 72% من أهدافها المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون حتى العام 2030 على الدعم الأجنبي.
في العام 2009، أخذت الدول الغنية على نفسها عهدًا عرف باسم "تعهد الـ100 مليار دولار"، وذلك لمساعدة الدول النامية على تحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بمواجهة التغير المناخي، إلا أنّها وعود كانت سريعة التبخر، إذ لم يظهر من هذه المليارات المئة أي شيء حتى الآن. أما اليوم، فدافعو الضرائب في تلك الدول الأغنى في العالم سيكونون أقل حماسة للمساهمة في مثل هذه التعهدات، خاصة حين يتابعون قائمة أبرز المتغيبين عن القمّة، فلاديمير بوتين، وتشي جينبينغ.
في العام 2020، تعهد السيد تشي بخفض الانبعاثات الضارة، ولكن اعتبارًا من 2030. والواقع اليوم هو أن الصين تبني المزيد من محطات توليد الطاقة التي تعتمد على الفحم، وذلك لأن تحقيق أهداف النموّ الاقتصادي أولى من أي شيء آخر. أما ميزانية الكرملين فتعتمد على إنتاج النفط والغاز، ولن يضير بوتين لو حققت أوروبا الغربية الحياد الكربوني، لأن ذلك سيمنحه المزيد من النفوذ في قطاع الطاقة.
أما قادة الدول الكبرى الأكثر إنتاجًا للانبعاثات الضارة، مثل الهند التي تحلّ في المرتبة الثالثة عالميًا، فهم الحاضرون الغائبون في قمّة غلاسكو. فوزير البيئة الهندي ألمح الأسبوع الماضي إلى أن حكومته لن توقّع على أي تعهدات بشأن الحياد الكربوني. ففي الهند بضعة ملايين ما يزالون يعيشون في فقر مدقع، وهي بحاجة إلى المزيد من إمدادات الطاقة من الوقود الأحفوري، والأمر ذاته ينسحب على القارة الأفريقية.
إن هذه القمّة توضّح بشكل جليّ الانفصال بين الخطابات المتعلقة بالمناخ والحفاظ على البيئة، وبين ما هو ممكن التحقيق على المستوى الشعبي والحكومي في مختلف دول العالم. فأصحاب الأجندة المناخية يتبنون خطابًا يحذّر من نهاية العالم الكارثيّة الوشيكة، لأغراض صوابية وحسب، بالنظر إلى أن المجتمع الحديث يستحسن ذلك.
لقد تزايد احترار الأرض بواقع 1.1 درجة منذ القرن التاسع عشر، ولا يمكن الجزم بما يرتقب هذا الكوكب من الاحترار في المستقبل، وليس بوسع أحد الجزم بمقدار الضرر الذي سينجم عن ذلك، بحسب التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. ولهذا فإنه سيكون من الأفضل للمناخيين، وللعالم، لو يتوقفون عن التظاهر بأن بوسعهم وقف هذا التدهور، وأن يشغلوا أنفسهم بدل ذلك بمحاولة التكيّف وتعزيز الابتكار في مجال الطاقة. لكن يبدو أنه من الأسهل عليهم تقديم وعود كبيرة فارغة والمطالبة بالمزيد من التمويل.