الرئيسة \  مشاركات  \  وفي سورية تسقطُ الأقنعةُ

وفي سورية تسقطُ الأقنعةُ

16.01.2016
د. محمد عادل شوك





و تُطوى الأيامُ، وئيدةً طوارقُها على السوريين، كأنَّها جبالٌ شُدَّت بأمراس، فتطاولت لياليها حتى أوشكت على طيّ الصفحة الخامسة من سنواتها.
صحيحٌ أنّ وطأتها قد اشتدت عليهم في الآونة الأخيرة، بعد جرعة الدعم الروسي في: 30/ 9/ 2015م، إلاَّ أنَّ هِممَهم ما تزال تذخر بخزين من الأمل بالنصر و التمكين، فهم قد عبروا قنطرة الجسر، و كلُّهم ثقةٌ بعدالة قضيتهم، و هم ينظرون إلى ما يجري فيها على أنه الفصل الأخير من كتاب محنتهم.
  لقد قالها الثوار في أكثر من مرّة: ( لم نفاجأ بحجم القوة التي قابلنا بها النظام، بقدر ما تفاجأنا بقوتنا في هذه الثورة ).
إنّ ما يدعو السوريين للرضا في ثورتهم، هو غربلتُها للمواقف التي واكبتها من أول يوم قامت فيه، سواءٌ أكانت من الأشخاص، أو الدول، أو الأحزاب، أو المنظمات و الهيئات.
لقد غدت أنبوب اِختبار تُزرَعُ فيه هذه المواقف، ثم ما تلبث بعد حين من الزمن أن تظهر نتائج ( المزرعة )؛ إمَّا فخرٌ و مكرُمات، أو خزيٌ و عارٌ.
لقد أُتخِمَ شعبُنا من كثرة التنظيرات، و الشعارات التي أصمَ نظام الممانعة آذانهم بها على مدى خمسة عقود؛ حتى خاله أكثرهم قِبْلَةَ الخلاص ممَّا أثقل كاهلهم من العِلل، و الأسقام.
أين هي شعارات الثورة الإيرانية في نصرة الحق، و الانتصار للمظلومين؛ تأسيًّا بمظلمة الإمام الحسين عليه السلام؟ هل ضلَتْ طريقها فلم تعرف دربًا تسلُكه لتقف حائلاً في وجه ظلم ( آل الأسد) بحق الشعب السوري؟
و أين هي أخلاق المقاومين في ردّ الجميل للسوريين إبان حرب تموز؟ هل خانت أمينَه العام الذاكرةُ، فما عاد يعرف أين يوجِّه بوصلة رجاله، فعُمِّيَت عليه الجهات، و ما عادوا يميِّزون ( بوابة فاطمة ) من ( بوابة الصالحية )؟
و أين هو سيد الحوزة في النجف ممَّا يجري لأهل الشام، على يد أوباش طائفته؟ هل حلالٌ على فراخه التغريد في المنابر الدولية من ظلم صدام، و حرامٌ على السوريين أن يجأروا من ظلم بشار؟
و أين هم أصحاب الصرخة في وجه قوى الاستكبار العالمي؟ ألم يسمعوا شيئًا عن عُهر جُند (بشار ) في قولهم: لا إله إلاَّ ماهر، و بشار؟ أين هي العمائم التي تملأ ساحات الجمعة في طهران، و قاعة سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية معلنة نصرة المظلوم في شتى الأصقاع؟
و أين هي شعارات حماية الإنسان في لوائح جمعية الأمم المتحدة العامة، ألم يقولوا: إنّها مكفولة للمضطهدين على يد حكوماتهم، بموجب ما تضمنه ميثاقها، عندما يصبح مجلس الأمن مشلولاً عن العمل بالفيتو الممنوح للدول العِظام؟
و أين هي جمعيات الرفق بالحيوان عند الغربيين؟ هل فاتهم أنّ السوريين شركاؤهم في هذا الكوكب، و لهُم أن يُحموا مِنْ سادية مَنْ جعل الحصار سلاحًا للتركيع، و العودة؟
و أين هي مبادرات الحل الأممي التي عودتنا الدول الراعية لها، أن تعززها بأنياب من القرارات الملزمة تحت الفصل السابع، على غرار ما كان في العراق، و ليبيا، و السودان؟
و أين؟، و أين؟، و أين؟
لقد بات العالم رهينة بيد حفنة من تجار السياسة، و النفط، و الغاز في عواصم القرار، الذين جعلوا من شعار حقوق الإنسان سلعة تباع بأرخص الأثمان في اللقاءات المغلقة؟
إنَّ ما يجري في سورية سيغدو كرة لَهَبٍ، يَطالُ لهيبُها كلَّ من أدارَ ظهره لأهلها، فهي قد أضحَتْ مقبرةَ المخازي، و فاضحةَ أدعياء حقوق الإنسان، و فيها تسقطُ الأقنعةُ.