الرئيسة \  واحة اللقاء  \  يبرود.... بين غدر الأصدقاء و كيد اليهود!

يبرود.... بين غدر الأصدقاء و كيد اليهود!

18.03.2014
د. خالد حسن هنداوي


الشرق القطرية
الاثنين 17/3/2014
قبل ثلاثة أيام ناشد رئيس الائتلاف لقوى الثورة السورية والمعارضة أحمد الجربا من يسمون أصدقاء سورية للوفاء بوعودهم ومد الجيش الحر بأسلحة نوعية للثبات في وجه شبيحة الأسد ومليشيات إيران والعراق وحزب الله ومن لف لفهم خاصة بعد أن تزود بالتقارير التي وصلته من بعض جماعات الثوار أن وضع مدينة يبرود في القلمون على خطر شديد بسبب نقص الأسلحة والذخائر التي نفذ أكثرها بعد ثلاثة وثلاثين يوما من القتال الضاري والصمود الأسطوري. ولكن الوعود كانت كمواعيد عرقوب لم يف بها أحد من أصدقاء سورية حتى الكتائب الأخرى في ربوع سورية حيث هي بأمس الحاجة أن تدافع عن نفسها وتصد هجمات المعتدين في المواقع الأخرى الساخنة خصوصا في حلب وريفها وريف حماة وحمص حاليا وهكذا فما كان متوقعا حدث كما هو الحال في سقوط القصير بريف حمص والسفيرة بريف حلب للأسباب ذاتها. وتلك سنة كونية إذ من غير المعقول صمود كتائب الثوار بأسلحتها العادية وذخائرها المحدودة غير الممدودة أمام قصف الجو والبر والبحر والبراميل المتفجرة والصواريخ البركانية الحارقة التي تدمر أبنية بل أحياء بكاملها فقد كنت أتبادل الحديث مع بعض القيادات السياسية للثورة بمن فيهم أحمد الجربا فيؤكدون أنهم يتعرضون لضغوط دولية وأن الدول الصديقة حتى العربية تحجب أي سلاح نوعي لأن التماسيح الكبار لا يسمحون لها ويحذرونها إن عصت ذلك ثم ينشئ أحدهم ليقول:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بد
ويردد سياسي آخر قول جان جاك روسو: علينا أن نقبل أصدقاءنا على علاتهم!
لكنني كنت أجيبهم: أما فهمتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) وعلينا أن نتعلم ونأخذ الدروس فهاهم الأصدقاء الألداء كم خدعوكم وخذلوكم في مواقف سابقة قالوا كثيرا ووعدوا ولكنهم لم يفعلوا وما وفوا بوعودهم. وإنما الصديق عند الضيق كما يقول المثل العربي وإن هؤلاء – لعبا منهم – يقولون لكم إذا وافقت دولة على منحكم أي سلاح نوعي فلا بد للدول الأخرى التي وعدت والتقت بكم في باريس مؤخرا باسم هذه الصداقة أن توافق جميعا ليتم تنفيذ تلك الدولة وعدها مما يعتبر ضحكا على الذقون وأنى لذلك أن يدخل في العقل إلا إذا دخل الجمل في سم الخياط ولذلك كان فولتير يقول: كل أمجاد العالم لا تساوي صديقا صادقا فأين هو الصدق معكم يا من تناشدونهم ولكن تسمعون جعجعة ولا ترون طحنا وهل يعرف الأصدقاء الحقيقيون إلا عند المحنة وهكذا أصبحتم كالمستجير من الرمضاء بالنار وما الذي يدريكم حقيقتهم فإن معظم هؤلاء الأصدقاء إن لم يكن كلهم إنما هم من الأعداء الكاذبين الذين لا يخضعون إلا لأوامر اليهود وأجنداتهم واليهود اليوم هم أشد حرصا من أي وقت مضى على التمسك بالأسد المقاتل بالوكالة عنهم كي يضمن بقاءه في الكرسي بعد ترشحه للرئاسة. ومن ثم يزيد في اطمئنانهم على السلام الحقيقي والتقرب الكامل مع الغرب خصوصا بعد علاقة أمريكا والغرب بإيران ويصبح حالنا كما قال المتنبي:
إذا انقلب الصديق غدا عدوا مبينا والأمور إلى انقلاب
أما انقلب السيسي على مرسي وما كان الأخير يظن أن ذلك سيكون. إن إخوانكم الذين قاتلوا في يبرود القلمون قد ثبتوا رغم زمهرير الشتاء المعروف في يبرود بل إن كلمة يبرود نفسها إنما تعني بالآرامية البرد بينما الصداقة الحقيقية لا تتجمد في الشتاء كما يقول المثل الألماني – فماذا نقول لكم بعد خراب البصرة! وطالما أن تل أبيب تفضل بقاء نظام بشار الأسد لاعتبارات جيواستراتيجية أنها معنية باستمرار حالة الاستقرار السابقة السائدة منذ أربعين عاما في عهد الأب والابن على حدودها فإن الخبير في شؤون الشرق الأوسط والمحاضر بالجامعة العبرية (موشيه معوز) يرجح الانحياز للأسد بل يشير إلى ما قاله رئيس الجناح السياسي الأمني في وزارة الدفاع عاموس جلعاد في مؤتمر هرتزليا الأمني العام الماضي: إن إسرائيل تتبنى الرأي الذي يقول: إن سقوط الأسد سيفضي إلى كارثة عليها نتيجة تشكيل إمبراطورية إسلامية في الشرق الأوسط يقودها الإخوان المسلمون في مصر والأردن وسورية ويتفق معه المعلق الأمني البارز يوسي ميلمان الذي يؤكد قلق إسرائيل البالغ من تنامي الجماعات الإسلامية على حدود هضبة الجولان ويقول إن الإسرائيليين ظلوا صامتين في مؤتمر دافوس الاقتصادي في سويسرا عما يجري في سورية ميلا إلى الأسد فقط: نعم إنهم أصبحوا يخافون من الإسلاميين والعلمانيين والمستقلين القادمين الجدد للحكم ولا يرضون إلا بمثل حافظ أسد وبشار اللذين حافظا على حدودهم وأمنهم حتى استطاعوا التوسع في المستوطنات. وهم يأملون اليوم أن يصيروا سادة علينا لنفرش لهم سورية بالرياحين فعلى ماذا تعولون يا قواد الثورة من أصدقاء سورية الذين تكونت مجموعتهم من سبعين بلدا أبرزهم من البلاد العربية التي تتزعمها المغرب لحل القضية السورية خارج مجلس الأمن بعد فيتو روسيا والصين وكم هاجم فابيوس وزير الخارجية الفرنسي في باريس نظام الأسد وأكد أنه لن يكون للأسد دور في مستقبل سورية ووافقه وزراء خارجية الدول الأعضاء الـ 11 في المجموعة مؤكدين أن هذا الأمر محسوم بينما هم اليوم لا ينبسون ببنت شفة. بل قد كان جاء من المجموعة أن أية انتخابات رئاسية يجريها النظام السوري ستعتبر لاغية! وإن المجموعات المقاتلة مع النظام وعلى رأسها حزب الله يجب أن تخرج من سورية فما الذي يحدث يا ترى ومن نصدق؟ ثم تأتي الخارجية الأمريكية أمس لتصرح أن الأسد فقد شرعيته لقيادة شعبه. وكم قالت ذلك من قبل؟ ومتى جاء هذا التصريح الذي هو لذر الرماد في العيون؟ أبعد سيطرة النظام على يبرود الملتهبة في البرد القارس بواقع عشرين غارة وست براميل متفجرة يوميا فلك الله يا يبرود كم صنعت من الأبطال منذ انحزت إلى الثورة بعد شهر من نشوبها وبقيت محررة حتى غزاك لئام الجبناء فترجلت جريحة في 16-3-2014 بعد ذكرى مرور ثلاث سنوات تماما على هذه الثورة المباركة ولم يشفع لك أنك استضفت العوائل الهاربة من لبنان من أتباع حزب الله في حرب 2006 لأنه كما قال الشاعر:
ولا ترج السماحة من لئيم فما في النار للظمآن ماء
ومتى يأخذ الوعي دوره وحقه يا قواد الثورة ومتى نحترس ونحذر من الأصدقاء الأعداء:
احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصد يق فصار أولى بالمضرة
وهل ستضيع يبرود بين مكر الأصدقاء وكيد اليهود؟!