الرئيسة \  واحة اللقاء  \  يجب خنق "داعش" بلا رحمة

يجب خنق "داعش" بلا رحمة

10.09.2014
اوكتافيا نصر



النهار
الثلاثاء 9-9-2014
كان كبير الإرهابيين أسامة بن لادن يكرّر فكرة أساسية في خطبه النارية الكثيرة: رغبة متجذّرة بقوة في "إركاع أميركا" من طريق جرها أو خداعها للانجرار إلى النزاع وتركها "تنزف حتى الموت".
ومن الأخطاء التي لا تُغتفَر التي ارتكبها جورج دبليو بوش السقوط مباشرة في الفخ الذي نصبه بن لادن:
1. لم يرسل قوات برية إلى أفغانستان في كانون الأول 2001، وتحديداً إلى تورا بورا حيث حدّدت الاستخبارات بما لا يرقى إليه الشك الكهف الذي كان يختبئ فيه بن لادن مع أبرز إرهابيي "القاعدة". تخيّلوا كم كانت الأمور لتختلف لو أن الولايات المتحدة قبضت آنذاك على بن لادن. لكن الأخير بقي على قيد الحياة وروى في رسالة صوتية حكاية صموده "الذي لا يُصدَّق".
2. من أجل تحويل الأنظار عن الإخفاق أمام "طالبان" و"القاعدة"، شنّ بوش حربه على صدام حسين، حتى إنه جرى تلفيق معلومات لتبرير الهجوم على العراق. في غياب استراتيجية للخروج وخطة واضحة لتسيير العملية الانتقالية وإعادة تأهيل الجيش العراقي، ساهم بوش في ولادة التمرّد، وظهور الشقاق السنّي - الشيعي، وما تبعهما من حرب أهلية. تدفّق اللاجئون إلى كردستان وسوريا اللتين وصلت إليهما أيضاً أعمال العنف. وكان لهذه الأحداث تأثير على إيران وتركيا والأردن.
3. أتاحت الفوضى العراقية أرضاً خصبة للمجموعات الإرهابية والتنظيمات الأصولية، فكانت نشأة مشروع "الدولة الإسلامية" تحت رايات متعدّدة وصولاً إلى تنظيم "داعش". وقد ساهم عدد كبير من اللاعبين الإقليميين في تغذية هذه الفتنة التي تخدم مصالحهم. وكذلك ساهمت الولايات المتحدة، بتقاعسها أو مماطلتها في التحرّك، في تأجيج نيران الفتنة.
وجاءت سياسات أوباما خلال الانتفاضات العربية وتردّده الفاضح في التعامل مع الملف السوري لتُحرّك السكين أكثر فأكثر في الجرح. هكذا ولد تنظيم "داعش" الإرهابي في خضم انهيار الأنظمة، وفساد الديكتاتوريات، وضعف الحكومات.
خلافاً للأنظمة العربية، يملك تنظيم "داعش" ما يأتي:
أ. أجندة سياسية واضحة: نشر نسخته عن الإسلام وإنشاء "خلافة".
ب. بنى تحتية متطورة للتمويل والتدريب والنشر والتجنيد والنمو.
ج. منظومة تواصل ناجحة يصعب اختراقها.
د. رسالة تستهدف الشباب المحرومين ولا سيما منهم أولئك الذين يعيشون في الغرب، ويبدو أنها تنجح في استقطابهم.
إذا لم تُتّخذ إجراءات حاسمة الآن لمواجهة تنظيم "داعش"، سيتحول قريباً قوة ذات صدقية ولا يستهان بها قادرة على جر الولايات المتحدة إلى مزيد من المستنقعات.
إذا كانت الولايات المتحدة جدّية في محاربة "داعش"، عليها أن تفعل ذلك بصورة متزامنة على مستويات عدة: سياسياً وعسكرياً من خلال إقامة التحالفات وشنّ حملة برية مركّزة ومتواصلة. واستراتيجياً من طريق دفع حلفائها في المنطقة الى إجراء إصلاحات حقيقية. على جميع القوى أن تضرب التطرف من دون رحمة على الإطلاق، بغض النظر عن الراية التي يختبئ خلفها حتى لو كانت راية "الله"!
إنها مهمة شاقّة إنما ممكنة؛ وهي أفضل بكثير من الحرب الدموية الطويلة التي تلوح في الأفق.